◄◄ صحف أمريكية تؤكد: الأزمة المالية للدول الكبرى كلمة السر فى اختيار روسيا وقطر لتنظيم كأس العالم
«إنها لعبة اقتصادية أكثر منها منافسة رياضية»، هكذا أكد مسؤولو الاتحاد الدولى للفيفا بعد الانتقادات الموجهة إليهم لاختيار الدوحة وموسكو لتنظيم مونديال كرة القدم للأعوام القادمة.
فقد كشف بعض المسؤولين الفاعلين داخل الاتحاد لبعض الصحف الأمريكية والبريطانية، ومنها مجلة نيوزويك، وصحيفة الجارديان، أن الرياضة الحقيقية، كما يقول عنها الروائى البريطانى الشهير جورج أوريل، ما هى إلى حرب ينقصها إطلاق النيران. كما أن كرة القدم ليست مسألة حياة أو موت فقط، كما يقول بيل شانكى، المدير الإسطورى لنادى ليفربول الإنجليزى، بل هى أكثر أهمية من ذلك بكثير.
فهذا الشىء الدائرى الذى تتلاعب به أقدام 22 لاعبا داخل مستطيل أخضر، ليس مجرد هواية يعشقها ملايين البشر، أو لعبة عادية كغيرها من الألعاب الرياضية، بل هى صناعة قوية تحقق أرباحا هائلة، وتقوم على مؤسسات وشركات ترعاها وتمولها لتجنى منها ثماراً كثيرة ومفيدة.
ولذلك فإن كليهما، أوريل وشانكى، كما تقول الصحف الغربية على حق. وهذا يدفعنا إلى التفكير الجدى فى الآثار المترتبة على السباق الأخير للفوز بتنظيم بطولتى كأس العالم 2018، و2022 والتى نجحت روسيا وقطر على التوالى فى اقتناصها وسط منافسة شرسة مع منافسين أقوياء، مثل إنجلترا والولايات المتحدة. النتيجة النهائية لهذه المنافسة الحامية، تمثل- كما تقول مجلة نيوزويك الأمريكية- رمزاً للحقائق الجيوسياسية الجديدة لعصر ما بعد الأزمة الاقتصادية. فالقوى الغنية نقداً فى العالم الناشئ، أصبحت تتفوق بسهولة على الدول السبع الكبرى القديمة، التى من بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا. ولكن الخاسرين لا يقبلون خسارتهم بسهولة. فالرئيس الأمريكى باراك أوباما قال فى حالة من اللامبالاة إن الاتحاد الدولى لكرة القدم «الفيفا» اتخذ القرار الخاطئ، فيما يخص الدول التى ستنظم البطولة الأقوى فى العالم. لكن «الفيفا» من جانبه أصر على أن القرار قائم على استراتيجية فتح أسواق جديدة واعدة للعبة الأكثر شعبية.
ولأن الاقتصاد هو الكلمة السحرية فى صناعة كرة القدم، اختار «الفيفا» روسيا لتنظيم بطولة كأس العالم لعام 2018. فبحسب توقعات البنك الدولى، فإن أربع دول هى «البرازيل (ستنظم كأس العالم عام 2014)، وروسيا والهند والصين» ستساهم فى تحقيق 62 % من النمو العالمى المتوقع خلال العقدين المقبلين، مقارنة بـ13% النسبة التى ستحققها الدول السبع الكبرى. وهذا يعنى بدوره طلبا ضخما لحقوق البث الرياضى، والملابس الرياضية والألعاب الإلكترونية، وغيرها من المنتجات الخاصة بالصناعة الرياضية الحديثة.
والمعروف أن كرة القدم ليست فقط تلك الصناعة التى تجتذبها الأسواق الناشئة بسحر مغناطيسى. فخلال العقود القادمة، ستكون هناك ترليونات من الدولارات مستثمرة فى صفقات بنية تحتية فى روسيا وقطر، ولأول مرة، ربما تجد الشركات الغربية الكبرى نفسها فى منافسة مباشرة مع دول اقتصادية ناشئة.
وقطر لديها الاستعداد لذلك، فالنفط هو المورد الأساسى لاقتصادها، ويبلغ إنتاج قطر للنفط مليون برميل يومياً. ويتميز اقتصاد قطر بعدم الاعتماد على النفط فقط فى اقتصادها، بل تعتمد أيضا على الاستثمار العقارى إلى جانب أنشطة مالية أخرى حققت من خلالها معدل نمو بفضل انفتاحها.
وعلى الرغم من الأزمة المالية العالمية، فإن دولة قطر- كما تكشف الصحف الغربية- حافظت على نموها الاقتصادى فى السنوات القليلة الماضية. وسعت السلطات القطرية طوال الأزمة لحماية القطاع المصرفى المحلى مع الاستثمارات المباشرة فى البنوك المحلية. ويتوقع نمو اقتصاد قطر 17 % نهاية عام 2010.
وكان كثير من التوقعات قد ذهب إلى أن يتصدر الاقتصاد القطرى قائمة الأعلى نمواً عالمياً مع مؤشرات بتحقيق نسبة نمو تصل إلى 21% العام المقبل، ولعل السبب فى ذلك يرجع إلى تنوع الاستثمارات فى الاقتصاد القطرى، والاهتمام بالمشروعات الاقتصادية طويلة الأمد بطفرات مدروسة وثابتة.
وهناك جانب آخر بعيد عن الاقتصاد فى فوز روسيا وقطر بشرف تنظيم كأس العالم، هذا الجانب يتجلى فى قيام رئيس اتحاد كرة القدم العالمى، سيب بلاتر، الملقب ببابا كرة القدم، بالإدلاء بخطاب فى اللحظة الأخيرة لأعضاء لجنته، ذكّرهم فيه بمخاطر الصحافة الاستقصائية فى بريطانيا. مثل هذه المشكلات لا وجود لها فى روسيا، الدولة التى كشفت وثائق ويكيليكس التى تعمل فيها الحكومة والمافيا جنباً إلى جنب, وكذلك قطر التى يعرف عنها عدم وجود صحافة قوية أو حتى معارضة سياسية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة