رغم الخلافات السياسية بين مصر وايران والعلاقات الدبلوماسية المقطوعة منذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979 والضغط الأمريكى لمنع عودة العلاقات، إلا أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين بدأت تشهد فى السنوات الأخيرة نموا وتطورا ملحوظا، وبدا أن لغة المصالح الاقتصادية والتجارية هى لغة الغزل الجديد بين القاهرة وطهران، لإصلاح بعض مما أفسدته السياسة، العلاقات تتصاعد من خلال رجال الأعمال والشركات الحكومية والاستثمارات.
ورغم انخفاض حجم التبادل التجارى بينهما، إلا أن هناك توجها ملحوظا من الحكومة خلال الفترة الماضية لتفعيل التعاون الاقتصادى مع إيران بعد تدشين خط الطيران المباشر وهو أكد عليه المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة فى تصريحات صحفية فى مؤتمر ملتقى الغرف العربية والإسلامية والأفريقية بالاسكندرية الأسبوع الماضى عندما قال إن الخلافات السياسية بين مصر وإيران لم تعُق التعاون الاقتصادى والتجارى بين البلدين ولن تعوقه.
الأرقام خلال السنوات الخمس الماضية تؤكد التحسن التجارى بين البلدين، حيث ارتفع حجم التبادل التجارى بين مصر وإيران خلال الفترة من 2004 إلى 2009 إلى 120 مليون دولار، بارتفاع 53% لصالح مصر، حيث بلغ حجم الصادرات 86.8 مليون دولار خلال عام 2009، والواردات بلغت 33.8 مليون دولار من نفس العام.
الجمبرى والكافيار والعنب والسيارات والتبغ تأتى فى مقدمة السلع التى تستوردها مصر من إيران، إضافة الى القمح والقطن الخام غير مخلوط جيزة 45 وكبريت خام وحمض كبريتيك، وأوليوم إضافة إلى ألواح وصفائح من زجاج.
أما إيران فتستورد من مصر بقيمة 50 مليون دولار من اليوسفى، والتبغ 1.1 مليون دولار، والزجاج بإجمالى 6.6 مليون دولار، وفحم الكوك 6.1 مليون دولار، وقضبان حديد للدرفلة 1.1 مليون دولار.
لغة الاقتصاد والمصالح التجارية الهادئة بين البلدين بعيدا عن السياسة المتأرجحة تمتد إلى الاستثمارات الإيرانية العاملة فى السوق المصرية. والتى يصل حجمها حسب آخر تقرير لهيئة الاستثمار إلى 331 مليون دولار تدفقا فى رأس المال، وبنسبة مشاركة فى الجنسية 129 مليون دولار، من خلال 12 شركة مسجلة بالهيئة العامة للاستثمار منذ عام 1970، وذلك حتى عام 2010.
وتتمثل الاستثمارات الإيرانية فى مصر فى مجموعة من المجالات المهمة، مثل شركات للغزل والنسيج فى المنطقة الصناعية بشمال خليج السويس بتكلفة 400 مليون جنيه، ومصنع مشترك لإنتاج الأسمنت فى مدينة بنى سويف بطاقة 1.3 مليون طن، واستثمارات تتجاوز 226 مليون دولار يساهم الجانب الإيرانى بنحو 50%.
بالإضافة إلى المساهمات الإيرانية فى مجال السيارات من خلال شركة سوزوكى إيجيبت المصرية، وشركتى سايبا وخودروا الإيرانيتين، ومشروع مصرى إيرانى سعودى مشترك باستثمارات تتجاوز 200 مليون دولار فى مجال إنتاج البتروكيماويات.
وتعد شركة ميراتكس مصر إيران للغزل والنسيج هى النواة الاقتصادية الإيرانية التى زرعت فى السوق المصرية، ويبلغ رأسمالها الحالى، والتى يمتلك الجانب الإيرانى فيها نسبة 49% منها، وتشغل موقعاً على أطراف مدينة السويس ويعمل بها 3800 عامل، وتضم مدينة سكنية خاصة تحمل اسمها، ويليها بعد ذلك بنك مصر إيران الذى يعتبر من أكبر الاستثمارات المشتركة بين البلدين برأسمال يصل إلى 100 مليون دولار، وتبلغ حصة الجانب الإيرانى 20% من الأسهم وتسجل ربحاً سنوياً يصل إلى 2 مليون دولار.
6 مجالات أخرى تتواجد فيها الاستثمارات الإيرانية داخل مصر وأغلبها توكيلات من شركات إيرانية لرجال أعمال مصريين مثل السجاد الإيرانى الذى تبلغ قيمة الوارد منه إلى مصر نحو 10 ملايين جنيه سنوياً، وتعتبر شركة الكحال من أكبر المستوردين للسجاد الإيرانى، تليها شركة كازارونى للسجاد.