◄◄ دياب نقل الواقع وقدم نفسه كمخرج واعد وبشرى والكدوانى حصدا جوائز دبى بتألقهما
قليلة جدا فى السينما المصرية الأفلام التى تتناول قضايا مجتمعية شائكة، ويمثل فيلم «678» عودة لتلك الأفلام التى تعد على الأصابع فى تاريخ السينما المصرية.
و«678» من الأفلام التى حظيت باهتمام واسع منذ بدء الإعلان عنه لكونه يتناول قضية مسكوتا عنها فى مجتمعنا، وهى ظاهرة التحرش الجنسى التى توحشت بشكل لافت، وأصبحت هاجسا مفزعا فى المجتمع المصرى بل العربى أيضا، ولكن خلال السنوات الأخيرة «خرج العفريت من القمقم» وتم الكشف عن حوادث تحرش فردية وجماعية مثل قضية نهى رشدى، أول فتاة فى مصر تحصل على حكم قضائى لصالحها فى قضية تحرش جنسى بمصر الجديدة، إضافة إلى قضية آسر ياسر فى المقطم التى تحرش بها مجموعة من الشباب، وغيرهما من الحوادث كانت جميعها المحرك الأساسى للالتفات إلى الظاهرة.
محمد دياب مؤلف ومخرج الفيلم أخذ قضية نهى رشدى وقضايا التحرش الجماعى التى حدثت فى المباريات وأمام السينمات وفى كل التجمعات ووضعها فى السيناريو، ليكون واقعيا ومعبرا عما حدث ويحدث بشكل يومى.
واختار محمد دياب 3 نماذج متباينة لـ3 سيدات من طبقات مختلفة يتعرضن للتحرش المباشر وغير المباشر وبأشكال مختلفة، وكل فتاة اتخذت لنفسها منهجا فى مواجهة التحرش، فـ«صبا» التى تجسدها نيللى كريم اختارت مجال الدفاع عن حقوق النساء المتحرش بهن بعقد دورات تدريبية لتعليمهن كيفية وقاية أنفسهن أو مواجهة المتحرشين، و«فايزة» بشرى فضلت معاقبة كل من يتحرش بها بأداة حادة تحملها دوماً فى يدها، تطعن بها المتحرش فى أماكن حساسة داخل أتوبيسات هيئة النقل العام، أما الفتاة الثالثة وهى «نيللى» التى تجسدها ناهد السباعى فقد اختارت طريق القضاء.
نجح الفيلم فى تعرية القضية، وكشف الأبعاد والتأثيرات النفسية على الفتيات المتحرش بهن، فشخصية فايزة أثر التحرش على علاقتها بزوجها، وحولها لمجرمة فى نظر المجتمع. ونيللى كريم التى تجسد شخصية صبا دفعها التحرش للتخلى عن انتمائها خشية تكرار التحرش بها فى حالة فوز مصر على زامبيا فى إحدى المباريات، فشجعت زامبيا، وهتفت باسمها فى مشهد تستحق عنه جائزة.
وبناء على هذا الأداء الرائع نجح الفيلم المصرى «678» فى حصد جوائز التمثيل بمهرجان دبى السينمائى الدولى فى دورته السابعة، حيث حصلت النجمة بشرى على جائزة أفضل ممثلة عن دورها فى الفيلم المصرى «678» كما حصد النجم ماجد الكدوانى على جائزة أفضل ممثل عن نفس الفيلم فى مسابقة المهر العربى للأفلام الروائية الطويلة.
ورغم أن التجربة تعد الأولى لمحمد دياب كمخرج، فإنه نجح فى نقل الصورة المكتوبة التى رسمها بنفسه ككاتب سيناريو إلى الشاشة كصورة سينمائية، واختياراته لممثليه كانت جميعها موفقة، وترك مساحات لممثليه ليعبروا عن ردود أفعالهم، ونجح ماجد الكدوانى فى تقديم دور ضابط الشرطة الذى تحبه وتتعاطف معه، وقدم صورة إيجابية لرجل الشرطة المتعاطف مع القضية ومع الفتيات بخفة ظله المعهودة.