سألوا العارف بالله الشيخ «الشبلى» كيف فتح الله عليك؟ فقال، رضى الله عنه: كنت دائم القول فى الليل والنهار «إن الله ناظر إلىّ، إن الله شاهد علىّ..» أى أن الله سبحانه وتعالى يراه فى جميع أحواله الظاهرة ويرى أيضاً باطنه فى كل صوره وتقلباته، فالله لا يخفى عليه شىء فى الارض ولا فى السماء. وهذا الإحساس والفهم جعل العارف بالله لايرتكب شيئا لا يرضى عنه الله ولا يفكر فيما يغضب الله ولا يقول إلا ما يحبه الله. وهذا السلوك جعله رضى الله عنه طوال الوقت فى معية الله إحساساً، وجعله يبحث عن كل ما يرضى الله فدرس أكثر وعلم أكثر وفهم أعمق، وأصبح قلبه مفعما بحب الله وبحب رسوله الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
و يروى عن الإمام عبدالوهاب الشعرانى، رضى الله عنه، أنه كان يفضل دون جور أحد تلاميذه على التلاميذ الآخرين فأعرب بعض التلاميذ عن عدم رضاهم عن هذا دون تبرم أو اعتراض لفظى، ولكن ظهر عدم الرضا فى ملامحهم، فجمعهم سيدى عبدالوهاب الشعرانى فى يوم وأعطى كل واحد منهم حمامة وقال: «أنا أريد أن يذبح كل واحد منكم حمامته فى مكان لا يراه فيه أحد»، وانطلق كل تلميذ إلى مكان يذبح فيه الحمامة بحيث لا يراه فيه أحد. فواحد صعد إلى سطح المنزل وذبح الحمامة والثانى دخل إلى غرفته وأغلق على نفسه الباب وذبح الحمامة وفعل الآخرون مثلهما فى أماكن مختلفة، وعاد الجميع إلى الشيخ وفى يده حمامته مذبوحة إلا التلميذ المفضل عاد ومعه حمامته لم يذبحها. وفرح بعضهم لأن المفضل لم ينفذ تعليمات الشيخ وأخذ كل واحد يقول أين ذبح حمامته، وعندما جاء دور التلميذ المفضل سأله الشيخ: «لماذا لم تذبح حمامتك؟» فقال التلميذ المفضل: لم أستطع أن أذبحها لأننى كلما ذهبت إلى مكان وجدت الله ناظراً إلىّ وشاهداً علىّ» فنظر الشيخ إلى التلاميذ ففهموا سبب تفضيله له عليهم.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اعبدالله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك»، وهذه الدرجة من المراقبة هى من صلب العبادة الحياتية اى العبادة بالتعامل والاشتباك مع الحياة، فكل عبد يتقن عمله لأن الله سبحانه وتعالى يراه أو لأنه يخشى الله ويحبه ولا يريد أن يغضبه يثاب على فعله ويقترب من الله، أن يربط الإنسان حركته فى الحياه برضا الله فقد اختار الطريق المستقيم.. طريق الفلاح والنجاح.