فى بيتنا فأر.
هذا ما توصلت إليه أخيرا، كتبرير منطقى ووحيد للأصوات الآتية من المطبخ، ولاختفاء بعض بقايا الطعام، وللثقب المستدير بقطر 5 سم فى سلك الشباك.
الفئران ليست همًّا محليًا، فهى كالتشرد الأطفالى منتشرة فى جميع أنحاء العالم. وباريس ونيويورك وشيكاجو من أشهر المدن التى تحتلها الفئران، ويزيد عددها على عدد البنى آدمين فيها، لدرجة أنهم ينفقون ملايين الدولارات والفرنكات سنويا على مكافحتها دون فائدة.
لكن مشاركتى الوجدانية لزملائنا الأمريكان والفرنسيين شىء، وتحديد مكان الفأر فى مطبخى شىء آخر.
بدا الأمر أشبه بلعبة طريفة بينى وبين خصمى، هو «يُخَرْوِش» وأنا أجرى على أطراف أصابعى حافيا دون أن أضىء النور وألصق أذنى بكل ما فى المطبخ حتى أحدد الهدف، محاذرا بالطبع من أن «يقرم» الهدف طرف أذنى، فلا أتمكن من التنصت عليه بها مرة ثانية.
يُخرْوش وأنا بعيد، ويصمت حينما أقترب، وحين «ألبد» له حابسا أنفاسى فى الركن المظلم يضحك علىّ فى سره، ولا يصدر أى صوت.
لا أنكر أننى أحب توم وجيرى، وأعترف أننى كثيرا ما يختلط على الأمر وأنسى من هو توم تحديدا ومن هو جيرى، لكننى ككل الأطفال فى مثل عمرى أحب الفأر أكثر، وأضحك حتى أكاد أُسقط التليفزيون حينما يفقع القط مقلبا يخرج من نافوخه، على سبيل الحقيقة لا المجاز، لكن الكرتون شىء، والحقيقة شىء آخر.
أضبطنى وأنا فى موضع الخادمة البدينة السوداء التى تظل طوال الأفلام الممتعة تنهر القط لأنه لم يستطع القيام بدوره والقبض على الفأر. فى الحقيقة أنا لا أثق فى القطط ولا تجذبنى الخادمات البدينات، لكننى أؤمن بأن القضاء على الفأر الذى احتل ركنا ركينا من مطبخى هو مهمتى القومية المقبلة.
رتبت خطتى الحربية المحكمة كالتالى:
أولا: تحديد مكان الفأر.
ثانيا: معرفة شكله وحجمه والكشف عن أعوانه.
ثالثا: الاستعداد بعصا المقشة.
رابعا: التصويب مباشرة.
المرحلة الأولى والثانية من الخطة تحققتا معا دون مجهود يذكر منى، حيث خرج الفأر يتهادى فى مشيته من أسفل البوتاجاز وبراءة الأطفال فى عينيه، وحين رآنى وقف للحظة يتأملنى، تقريبا حتى يعرف شكلى وحجمى وأعوانى، ثم عاد إلى أسفل البوتاجاز واختفى.
الصوت يرتفع أكثر كثيرا من ذى قبل معلنا تحديه السافر لى، وأنا أقف أمام البوتاجاز رافعا عصا المقشة، فإذا كان راجل يخرج يورينى نفسه.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة