جمال الشناوى

نفسى أكون «وزير سابق»

الخميس، 11 فبراير 2010 07:50 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بصراحة كنت أحلم وأنا صغير أن أكون وزيرا.. ولكن بعد سنوات عشتها فى دهاليز الصحافة اكتشفت أنها وظيفة مملة.. فالوزير لدينا أقرب إلى المريض النفسى «لازم تاخده على قد عقله».. والحديث إليه يبدأ دائما بعبارات الإطراء والمديح حتى يمنحك انتباهه فترة أطول.. وفى نهاية الحديث المنمق.. المغلف بالنفاق تكون الإجابة واحدة على طلبك.. ربنا يسهل هشوف الموضوع.. وحسب درجة النفاق يكون الحل.

عشت سنوات فى دهاليز الصحافة.. واكتشفت أننا فى كثير من الأحيان بوشين.. نكتب أحيانا نطعن فى الوزير.. وإذا ما قابلناه فى إحدى الحفلات أو المؤتمرات.. فإننا نسعى إليه نخطب وده.. عداوات كثيرات كانت على الورق فقط نضحك بها على الناس البسطاء.. وأغلبهم لا يعرفون أن الكلام الساخن عن الوزير وأخطائه المتلاحقة يتحول إلى كلام معسول عندما يلتقى الوزير والكاتب.. وفى كثير من الأحيان يتبادل الطرفان الهدايا التى تخرج على المشروع.. وطبعا هدية الوزير تكون من ذلك النوع الذى ينقل الكاتب الثائر على الورق فقط إلى طايفة المليونيرات.

هو منصب مزعج لمن يملك ضميرا لم يغادر الحياة.. منصب لا يجعل صاحبه ينام الليل.. فى بلدنا كثير من الوزراء يكون هدفهم فقط الظهور أمام الكاميرات.. حتى يعود إلى منزله مساء.. ويتباطأ فى النزول من سيارته.. حتى يقفز حارسه الخاص ليفتح له الباب.. ويسارع الحراس أمام العمارة إلى إغلاق الطريق.. آخر يعدو صوب الأسانسير.. ليقبض على بابه حتى لا يقترب منه أحد إلا الباشا الكبير.. أو «حد من الباشوات أو الهوانم الصغيرين».

بعدما كبرت وجدت أن الحلم الذى كان يطاردنى وأنا طفل صغير لم يعد يناسبنى.. فأنا لا أحب الظهور أمام الكاميرات.. والعمارة التى أسكن بها ليس بها أسانسير.. والشارع الذى أسكن فيه كل الجيران أصحابى.. ولن أقبل تعطيل حركتهم وأنا عائد إلى منزلى.. هى أشياء لا تعنينى.. ولا أطرب لها..

كما أننى ممن عانوا لسنوات من النفاق.. وشاهدت رجالا كنت أظنهم أساتذة يميلون على يد رب العمل يحاولون تقبيلها.. كرهت النفاق بشدة حتى أصبحت أعانى من حساسية مفرطة تجاه رؤسائى.. ربما أصبحت مريضا بها.. وهو مرض لو تعلمون جميل.

لكن حلمى تحول الآن.. أصبحت أحلم فقط بأن أكون وزيرا.. لكن وزير سابق.. أستطيع أن أحصل على وظيفة «زى إبراهيم سليمان وغيره من الوزراء ممن يحصلون على مرتبات بالملايين».

ما أطمح إليه فى أجواء تيبست فيها الحياة فى بلادى.. أن أكون على المعاش.. بس وزير.. ومستعد أشتغل شهرين بس وأقدم استقالتى.. لكن هو الآخر حلم مستحيل.. لأننى لن أكون وزيرا.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة