فى ندوة «اليوم السابع»:

السفير البريطانى دومينيك أسكويث: فوجئت بردود الأفعال فى مدونتى حول النقاب ولم أسع للحديث عن معاناة الأقباط

الجمعة، 19 فبراير 2010 12:35 ص
السفير البريطانى دومينيك أسكويث: فوجئت بردود الأفعال فى مدونتى حول النقاب ولم أسع للحديث عن معاناة الأقباط السفير البريطانى وغادة حبشى المسئولة الإعلامية مع رئيس التحرير وفريق «اليوم السابع»
محمد ثروت و ميريت إبراهيم - تصوير أحمد إسماعيل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
>> الحكومتان المصرية والبريطانية لا تريدان التفاوض حول اتفاقية التسليم القضائى الآن

عمل طوال 13 عاما دبلوماسيا على مختلف المستويات بدول عربية متنقلا بين عواصمها الأكثر تأثيرا بالمنطقة، عواصم تلعب دورا محوريا فى قضايا الشرق الأوسط، من سوريا إلى مسقط إلى المملكة العربية السعودية ثم إلى العراق فى توقيت أقل ما يوصف به أنه كان حرجا فى بداية الحرب على العراق، وأخيرا بالقاهرة، سفيرا للمملكة المتحدة لدى مصر، السفير دومينيك أسكويث وصفته الصحف البريطانية بالنجم الصاعد فى وزارة الخارجية البريطانية، وانتقدته عندما انضم للنقاش الدائر فى مصر حول النقاب فى مدونته الشخصية، التى شارك فيها قبل ذلك مع القراء، وانتقدت آراءه الشخصية حول عدد من الموضوعات التى لا تقل إثارة عما قبلها مثل حظر المآذن فى سويسرا ومقتل مروة الشربينى فى ألمانيا.

استضافته «اليوم السابع» لاستكمال الحوار الذى بدأه مع الجمهور عبر مدونته، للحديث عن قضايا مختلفة تهم المجتمع المصرى والعربى ككل.

فى مدوناتك المثيرة للجدل، انتقدت هؤلاء الذين التزموا الصمت حيال حوادث مثل التى وقعت فى نجع حمادى، من قصدت بـ«هؤلاء» تحديدا؟
- لم أنتقد أحدا، ولكن ما أردت توضيحه هو أن الناس لن يستطيعوا تحمل عواقب الصمت حيال تلك الحوادث، وشخصيا رحبت بردود الأفعال تجاه الحادث ليس فقط الصادرة عن الصحافة، ولكن أيضا من الحكومة والبرلمان المصرى، حيث أخذوا الحادث على محمل الجد، وأدركوا أن القضايا الحساسة التى تتعلق بعلاقة المجتمع المصرى ببعضه تحتاج للعمل مباشرة، ويجب معرفة أنه أحد الأسباب التى تجعلنا نكتب مدونات، ومحاولة التعامل مع القضايا، مثل العلاقة بين المجتمع المسلم وغير المسلم، وأوروبا والشرق الأوسط، بطريقة لا تركز على الاختلافات ولكن على الاهتمامات المشتركة، لذلك لم أسع لإبراز الصعوبات التى تواجه المجتمع القبطى أو شعورهم بأنهم مستبعدون من المجتمع، ولكن للحديث عن الحاجة إلى تجنب العنف.

مدونتك حول النقاب أثارت العديد من ردود الأفعال حول النقاب، وعلقت عليها جريدة الإندبندنت قائلة «رجلنا فى القاهرة يدخل مناظرة النقاب بتهور»، فما تعليقك على ردود الأفعال؟
- فاجأتنى ردود الأفعال حول مدونة النقاب، وكان معظمها مؤيدا لإثارة ذلك الموضوع والطريقة التى تناولته بها، حتى أننى لم أتخيل وضعى على قائمة «إسلام أون لاين» كأحد الذين يساعدون على الحوار بين الإسلام والمجتمعات غير المسلمة، هناك العديد من الموضوعات التى نتعامل معها كدبلوماسيين وليس الحكومات فقط، وهذا أحدها، مانتحدث عنه هو تطوير الحوار مع جمهور أوسع، لا يقتصر على الحكومات فقط، ندرك أن الناس تشكك فى أصوات الحكومة، فلابد من تطوير الثقة مع الجمهور وأن تكون المناقشة بشكل شخصى رغم صعوبة ذلك كسفير لبريطانيا، ولكن بمرور الوقت ستبنى ثقة لدى الناس أن ما تكتبه بالفعل رأى خاص وهذا ما آمل أن تفعله المدونات، وما لا يجب أن يحدث هو أن تسكت الأصوات المعارضة غيرها من الأصوات.

نشرت تقارير بالصحف البريطانية تدين تورط مخابرات بلادكم فى تعذيب البريطانى أزهر خان فى مصر، هل تعتبر ذلك جزءا من التعاون الأمنى بين البلدين؟
- لا نتسامح أبدا مع عمليات التعذيب ولم نوافق عليها أبدا، ولم ندر ظهورنا لحالة نرى فيها أحد مواطنينا يتعرض للتعذيب، ونوضح لأى حكومة وقتها أن الأمر يجب أن يتوقف، وكان هناك بالفعل جدل كبير أثير حول التعذيب، وفى حالتين أو ثلاث تم رفع قضية جنائية بالمحاكم وإذا كان هناك أى ادعاءات عن تورط الحكومة البريطانية بحالات تعذيب سواء بالسكوت عنها أو الاشتراك بها، فالأمر سيتم التعامل معه بحزم، فنحن نفعل ما بوسعنا لحماية المواطنين البريطانيين ولا نفرق بين المواطنين المسلمين أو غير المسلمين.

على صعيد العلاقات الثنائية بين البلدين هل تنظر بريطانيا فى قرار إعادة حجر رشيد إلى مصر؟
- فيما يتعلق بحجر رشيد كان هناك طلب تم التقدم به للمتحف البريطانى، لاقتراض حجر رشيد مؤقتا أثناء الافتتاح الكبير للمتحف المصرى الجديد، والمتحف يضع فى اعتباره الأمر بأهمية كبيرة، ولابد أن أوضح هنا أن الأمر يخص المتحف البريطانى وليس الحكومة البريطانية، وقد نشر منذ فترة تقرير يدعى أن الدكتور زاهى حواس رئيس المجلس الأعلى للأثار قد تقدم بطلب للمتحف لحيازة الحجر بشكل دائم، ولكن حواس لم يتقدم أبدا بهذا الطلب للمتحف البريطانى.

هناك إشكاليتان فى العلاقة بين مصر وبريطانيا الأولى تتعلق بوجود الكثير من المطلوبين أمنيا ومنهم أعضاء بتنظيمات إسلامية، وهذا يفتح باب الحديث عن سبب عدم وجود اتفاقية تبادل قضائى بين البلدين؟
- إذا استطاعت الحكومة المصرية أن تقدم لنا أدلة تدعم القيام بتحقيقات جنائية تجاه أشخاص ما سنفعل ذلك، ولكن ما يمكن عمله فى غياب اتفاقية تسليم قضائى بين البلدين محدود جدا، وهذا الأمر يعود إلى الحكومتين للتفاوض بشأنها إذا أرادوا، ولكنهم الآن لا يريدون ذلك، ولا يمكننى التطرق لتفاصيل قانونية حول التحقيقات لأنها مازالت قائمة فى بعض القضايا، فأى شىء أقوله سيؤثر على سير التحقيقات.

هناك مخاوف مؤخرا لدى الحكومة الأمريكية من أن بريطانيا أصبحت مصدرا للمتطرفين، خاصة بعد حادثة ديترويت، هل تلك المخاوف لها أدلة تدعمها؟
- صمت قليلا ثم رد «بريطانيا كمركز للراديكالية؟!» يعد سؤالا هاما جدا، فقد ركزت جهود الحكومة البريطانية خلال السنوات الثلاث الأخيرة على «أجندة المنع» للتطرف، وغالبا ما يساء فهم ما نفعله فالأمر معقد جدا، فيجب ألا نعطى الفرصة للمتطرفين لنشر رسائلهم المتطرفة فى نفس الوقت الذى نحترم فيه حرية التعبير، لذلك نساعد الفئات الهشة تجاه تلك الرسائل، وعلى سبيل المثال أحد التلاميذ قال إنه يريد أن يقتل البريطانيين، فقدمنا له مساعدة فى مجال التعليم والوصول إلى باحثين إسلاميين، ليفهم أن هذا الموقف خاطئ من وجهة النظر الإسلامية، وقد نجح الأمر، فمن المهم العمل مع المجتمع البريطانى ككل لمواجهة رسائل المتطرفين.

ماذا عن التعاون بين الحكومتين البريطانية والمصرية فى مجال مكافحة الإرهاب؟
- مكافحة الارهاب أكبر من مجرد العمليات الأمنية ضد الإرهابيين، فالمجلس الثقافى البريطانى كان يساعد جامعة الأزهر خلال السنتين الماضيتين لتعليم اللغة الإنجليزية لأفضل الطلاب بالجامعة وبعضهم ذهب إلى لندن، والهدف من ذلك هو الحصول على وسيلة لشرح حقيقة الإسلام للمجتمع البريطانى لمكافحة هؤلاء الذين يمثلون وجها أكثر تشددا وعنفا وعدوانيا للإسلام، وعندما عاد الطلاب قالوا إنهم صدموا للآراء التى سمعوها من المجتمع البريطانى المسلم، وإنهم شعروا أنه من مسئوليتهم أن يشرحوا للمجتمعات المسلمة التى لا تتحدث العربية، فهم أفضل للإسلام، وأن البريطانيين ليسوا عدائيين تجاه الإسلام. فهناك أنشطة وجهود تبذل ولا يعلم بها الناس.

فيما يتعلق بالاتهامات الموجهة للقادة الإسرائيليين وما تفعله الحكومة البريطانية إزاء حمايتهم مثلما حدث بعد اتهام تسيبى ليفنى بارتكاب جرائم حرب والمطالبة بمحاكمتها فى بريطانيا؟
- المطالبة بمعاقبة ليفنى كمجرمة حرب بدأت فى إنجلترا بشكل شخصى عندما تقدم ناشط فلسطينى إلى القضاء البريطانى بطلب لمحاكمتها أمام القضاء البريطانى، وتبعه الكثيرون، الأمر الذى قد يؤدى إلى حدوث فوضى، ومازال أمامنا طريق طويل فى عملية السلام، فهذا الأمر قد يمنع الآخرين من الحضور مما سيؤثر على دفع عملية السلام بالمنطقة، فيجب توخى الحذر والدقة عند التعامل مع هذه القضية.

رغم أن نسبة 78 % من مسلمى بريطانيا يشعرون باندماجهم فى المجتمع هناك، ألا ترى أن التصرفات مثل مطالبة حزب الاستقلال البريطانى بحظر النقاب قد تجعل علاقاتهم بالمجتمع البريطانى تسوء؟
- لابد أن يندمج المسلمون فى المجتمع البريطانى أكثر من ذلك، وهو ما يتطلب أن يبذل الطرفان المسلمون وغيرهم مساعى أكثر من أجل هذا الدمج، ولكن هناك تناقضات فى تلك المسألة، فهناك شعور عام بأن السلطات البريطانية تخاطر بتقديم تنازلات عديدة من أجل تجنب الحساسية التى يفرضها وضع المسلمين فى المجتمع باعتبارهم أقلية، وهو ما لا يحدث فى مجتمعات أخرى، ولكن الأمر يرجع إلى التقدير الشخصى إذا كانت تلك التنازلات مناسبة أم لا، وفى رأيى فأن هناك مسئوليات كثيرة تقع على عاتق المسلمين هناك، فعليهم أن يتخلوا عن شعورهم الزائد بالحساسية، لأن هذا الشعور سيعمق الفجوة بين الطرفين، وسيؤدى إلى العديد من ردود الفعل السيئة من قبل المجتمع الذى يتهم حكومته بالتنازل لصالح المسلمين، فعلى سبيل المثال خرجت مجموعة من المتظاهرين البريطانيين المسلمين فى إنجلترا إبان عودة جثث الجنود البريطانيين من أفغانستان وهتفوا عند قبور هؤلاء الجنود: «هؤلاء هم قتلة المسلمين»، فعلينا أن ننظر للمجتمعات الأخرى التى يعانى فيها المسلمون أوضاعا أسوأ مثل فرنسا أو مشكلة منع المآذن فى سويسرا مثلا، ويجب أن يضع الجميع أنفسهم موضع المسيحيين فى إنجلترا، فإذا كان هناك مجتمع مسيحى فى السعودية يتمتع بكل الحقوق ويطالبون بالمزيد منها حتى أنهم يطالبون الآخر بتغيير أسلوب حياته من أجلهم وهذا مستحيل، فلابد أن ينظر المسلمون للقضية نظرة شمولية تنبع من تفكيرهم بالآخر، كما يجب على وسائل الإعلام أن تهتم بشكل أكبر بالنماذج المعتدلة والمتسامحة وإعلاء نبرة الاعتدال على صوت التطرف وليس العكس.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة