قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الحج عرفة» وعرفة هو الجبل، وهو المعرفة بتمام وضع الإنسان فى الحياة وبعبوديته لله العلى القدير، وهو معرفه الإنسان بذاته وبطاقاته النفسية والروحية والبدنية.
فى الحج يتحقق تهذيب الإنسان من الكبر والقسوة والتناطح الفكرى، أى الجدل والاندفاع نحو الشهوة والعدوان، ويحل بدل منها الرحمة والتواضع الفكرى والسيطرة على الغرائز والسلام مع النفس ومع الغير بما فى ذلك النبات والحيوان.
إنه دخل البيت ومن دخل البيت كان آمناً.
من المفترض أن يحدث الحج فى الإسان الذى زار بيت الله ونادى بملء فمه ومن أعماق قلبه «لبيك اللهم لبيك» تغيراً جذرياً حتى لا يخرج من البيت الذى نعم فيه بالأمان. إن «لبيك» تعنى أننى جئت إليك محباً ومخلصاً فاغفر لى وارحمنى وتجاوز عن ذنوبى، إنه يقول ذلك ويدمر الشيطان فى أعماقه ويسحقه فى الظاهر برمى الجمرات.
إن الحج ميلاد جديد فبعد أن شهد المسلم أن لا إله إلا الله وأقام الصلاة وأدى الزكاة وصام رمضان وهم الأعمدة الأربعة للدين السابقة على الحج فإنه يستحق أن يدخل البيت وينال الأمان وينزع كل ما هو فان، ويبقى معه بعد التطهر روحه المحبة لله سبحانه وتعالى والمتعلقه بالعالم العلوى وبأنواره القدسية. لقد ذاق درجة من درجت القرب وبكى ندماً وفرحا.
ندماً على أنه لم يعانق بقلبه الأنوار القدسية، وفرحاً بميلاده الجديد وخروجه من ذنوبه وانتشار الأمان فى باطنه كما هو سائد فى ظاهره. بداية حياة جديدة فقد تم جلاء البصيرة وتم تسامى الفكر فقد انطفأت نيران كانت مقيمة فى أعماقه، فلا ميلاد جديدا والنيران مشتعلة فى الباطن والأحقاد تنخر فى القلب فيمرض البدن والقلب معا. سقوط تلك الدولة هى علامة الميلاد الجديد.
وزيارة سيد الخلق وحبيب الرحمن سواء كانت قبل الذهاب إلى البيت العتيق أو بعده فهى زيارة وجدانية وعقلية لإظهار الحب وإعلان الاعتراف بفضله على الأمة كلها، فقد تحمل صلى الله عليه وسلم ما لا يخطر على بال لتبليغ الرسالة. إنه الشفيع للأمة كلها فى الدنيا والآخرة. إنه صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين. إنه قدوتنا والنور الذى به نصل إلى رب العالمين.
اللهم صل على سينا محمد الذى تنحل بهه العقد وتنفرج به الكرب وتقضى به الحوائج وتنال به الرغائب وحسن الخواتيم ويستسقى الغمام بوجه الكريم وعلى آله وصحبه فى كل لمحة ونفس بعدد كل معلوم لك..آمين.