بعيداً عن صخب الأسبوع من أزمات قناة الحياة مع أحمد شوبير، والسابقة التى حدثت مع القناة من تسويد الشاشة، وأزمة قناة الساعة التى ستتضح أبعادها هذا الأسبوع، جمعتنى صدفة بالمخرج الشاب أحمد عاطف الذى يحلم بأن يقدم فيلماً يراه مغايراً للسينما المصرية، خصوصاً أنه ينطلق من فرضية درامية طالما شغلت خياله عن الحيوانات داخل الأقفاص، والتى تتوارى خلف القضبان خوفاً على البشر من غدرها وقوتها.
قال لى إنه فى كل مرة يمر فيها أمام حديقة الحيوانات كان يتساءل: ماذا لو أصبح «البنى آدمين» هم الذين يسكنون الأقفاص أو يجلسون خلف قضبان حديدية، والعالم تحكمه الحيوانات كيف سيكون الصراع، من سيقول إنه الملك، ما الدور الذى سيلعبه أصغر حيوان قد لا يلتفت أحد إليه وعادة ما يقلل المحيطون به من شأنه ؟
تلك هى العقدة التى يريد مخرجنا الشاب معالجتها فى فيلمه وأعتذر له عن الحديث عن فكرته، ولكننى متحمسة لها لأنها فكرة فلسفية تحمل الكثير من الأبعاد وتجعلنا نتأمل حديقة حية أصبحنا نعيش فيها، وأكد لى عاطف أنه أصبح يحاول إيجاد معادل لكل حيوان فى البشر الذين يصادفهم، حيث أصبح يصنف البشر من حوله طبقاً للحيوانات القوية والأليفة والمفترسة، ويبحث عن ملامح التشابه فى الوجوه، وكثيراً ما يشرُد إلى الدرجة التى يتخيل أن صديقه الذى يحدثه بأنه أقرب إلى الأسد وآخر تحاكى ملامحه ملامح الفأر.
لا أعرف لماذا تذكرت تفاصيل الحكاية ورغبة صديقنا الشاب فى أن يعيد رسم خارطة العالم من حوله، هل لأن هناك بشراً أصبحوا يحاكون الحيوانات، بعضهم أقرب إلى الفيل الضخم أقصد الأنا المتضخمة والتى تعطى صاحبها إحساساً بأنه ضخم مثل الفيل، ولايمكن لأى كائن أن يقدر عليه، يمشى مزهوا بحجمه وضخامته وطول زلومته، وسنى العاج..وفى غمره خيلائه بنفسه يلمح نملة صغيرة الحجم، ومن ضآلتها يسخر ويضحك مصمماً على أن يدهسها بقدمه، لكن النملة كانت أسرع بديهة وقدرة على التفكير فسرعان ما زحفت إلى جسده وتحديداً زلومته الضخمة ولم تتوقف عن قرصه.
وأصبح الفيل لاحول له ولا قوة من ذلك الكائن والمخلوق متناهى الصغر ولكنه الأكثر حكمة وإحساساً بالنفس، وهو نفس الحال بالنسبة للبشر المستأسدين يملأون الدنيا زئيراً وصراخاً، يفترسون أرق وأضعف المخلوقات، وطول الوقت يطلقون صيحة تؤكد «أنا الملك» الملك الذى لا ينظر جيداً إلى من حوله ولايعرف قيمة الأشياء، ولأنه أصبح لا يتوقف عن النظر إلى أعلى، لذلك كان من السهل أن يقع فى شبكة صياد كبيرة على الأرض، وكان هذا نتيجة طبيعية لعدم تقديره لمن حوله وعدم إحساسه بالآخرين، حتى أصبحت حريته فى النهاية معلقة بأسنان فأر صغير قادر على أن يقطع الشبكة، تذكرت رغبة صديقى المخرج لأنه كثيراً ما أضبط نفسى متلبسة بنفس حالته فى تصنيف البشر الذين يحيطون بنا.
وإذا كانت المعالجة قريبة من فيلم Planet of the Apes أو كوكب القرود الذى يتخيل صناعه أن القرود بات لها اليد العليا فى المستقبل، يبدو أننا نحتاج إلى مثل تلك المعالجات فى السينما المصرية، خصوصاً أن المعالجة التى أتحدث عنها ستحمل صراعاً أكبر نظراً لتنوع حجم ونوعية الحيوانات.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة