أخيراً عاد الدكتور محمد البرادعى.. إلى منزله.. والعودة كانت مثار اهتمام غير عادى من كل الاتجاهات السياسية والأحزاب.. رغم أن بعض الأحزاب كان ضد الاستقبال الحافل.. حتى إن أكبرها أصدر تعليمات لكوادرها بمقاطعة البرادعى.. وهو ما حدث بشكل نسبى.
قرأت وسمعت حوارات الدكتور البرادعى.. وأظننى مثل غيرى.. كان سعيداً بأحلام الرجل.. الحرية للجميع.. وحتى القراءة للجميع.. كنت سعيداً بالمشهد المتحضر فى مطار القاهرة.. كل الأطراف تعاملت مع الموقف برؤية جديدة.. حتى المباحث كانت هى الأخرى مختلفة هذه المرة.
لكن ما يسبب لى إزعاجاً هو تلك النخبة السياسية التى سارعت إلى منزل الدكتور.. نفس الأشخاص وذات الأسماء التى شاركت الحزب الوطنى لفرض وصايته على الشعب طيلة السنوات الماضية.. هى الوجوه ذاتها التى أدارت من وراء الستار علاقات تعاون على الإثم مع حكومات متعاقبة.
المشهد جعلنى واثقا من فشل الدكتور البرادعى فى تحقيق نصف أحلامه التى يشاركه فيها الملايين من البسطاء.. فالرجل يتحدث عن حقوق سياسية ضائعة.. وحقوق اقتصادية مهدرة على أعتاب وزارة بطرس غالى.. ومنتهكة فى دهاليز مجلس الوزراء ومجموعته الاقتصادية.
سيفشل الدكتور البرادعى حتما إذا ما سار خلف تلك الوجوه التى تطبق على أنفاسنا.. وتسيطر على المشهد السياسى بشكل لا يختلف كثيراً عن الحزب الوطنى.. وبمراجعة بسيطة لوجوه واتجاهات الحاضرين.. سنجد ممثلاً للإخوان المسلمين.. وهو التنظيم الذى سيدعم البرادعى علنا فقط.. اخترت الإخوان ربما لأنه التنظيم الوحيد الذى يملك قاعدة نسبيا بين الجماهير.. المرشد السابق أفقد الجماعة جانباً كثيراً من قوتها.. بسبب انفلاته والمرشد الحالى المكبل بتركة ثقيلة أشك أنه يستطيع تبييض وجه الجماعة مرة أخرى فى الشارع.
عودا إلى البرادعى المنتظر.. أقول له مخلصا إن خياراتك فى كثير منها خاطئة.. أحذرك من التحالف مع قوى سياسية فقدت وجودها حتى داخل بيوتها.. قوى سياسية قادرة فقط على الخداع وبيع الوهم لك.
لو كنت مكان الدكتور البرادعى لعدت إلى مصر فقط متحالفا مع القوى السياسية الجديدة.. التى تدير معاركها بوسائل جديدة منها الفيس بوك.. فهؤلاء فقط هم المخلصون لأنهم من البسطاء الذين يحلمون بمستقبل أفضل لبلادنا.
أنا واثق تماماً من القدرة الهائلة لكل التيارات التى هرعت لركوب موجة الدكتور البرادعى على إغراق الرجل طامعين فى مكاسب جديدة على حساب الرجل.
أقولها مخلصاً للدكتور البرادعى، لا تنخدع بكلمات المديح التى قالوها لك.. والوعود بالسير على دربكم.. فكم من عبارات أطلقوها فى وجه من يملك!.. أما السير على دربك.. فأغلبهم أجوف لا يستطيع تحريك حتى أهل بيته فى تظاهرة سلمية لدعمك.. أقول هذا ليس افتراءً على أحد فكل ابناء جيلى «تمرمطوا» فى دهاليز الأحزاب.. وفهموا اللعبة منذ سنوات طويلة.
لست فى موقع إسداء نصح إلى أستاذ فى القانون وصاحب نوبل.. لكن البرادعى الذى يبشروننا به.. ليس إلا وسيلة لهم.. ولو استمر البرادعى طويلا بين هؤلاء سيفقد كثيرا من صورته فى أعين الناس.. ورسالتى للدكتور هى الاستمرار فى التواصل مع الشباب فقط.. فكلهم من المخلص لبلده.. وغير الملوث بمصالح خاصة.. وغذا سنرى.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة