وليد طوغان

وأكثرهم لا يفقهون !

السبت، 06 مارس 2010 07:07 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما زالت حجية الحجاب مثار جدل دينى بين المتخصصين فى الدراسات الإسلامية.
صحيح الرأى الغالب يراه فرضا، إلا أن هذا لا يمنع آراء أخرى ترى أن الحجاب ليس فريضة إسلامية.

الملاحظة أن كل القواعد الفقهية والأحكام التى تخضع للجدل لم تستحوذ على ما حاز عليه الحجاب.

تعامل عمر بن الخطاب مثلا بتوقيف حكم نص قرآنى "غير ملغى" باجتهاده الشخصى. لكن انعكاس هذا الاجتهاد على قواعد الالتزام بالأحكام القرآنية، ثم تعامل المدارس الفقهية كل بطريقته، لم يثر أحدا من عوام المسلمين، منذ وفاة عمر بن الخطاب حتى الآن.

فقد ألغى بن الخطاب حكم "المؤلفة قلوبهم"، وعطل حكم الآية الكريمة التى أمرت بنصيب من صدقات المسلمين للذين حيدهم النبى (ص) على أطراف الدولة الإسلامية.

رأى عمر (رض) أن "تحييد" هؤلاء بمنح مادية من المسلمين وقت ضعف الدولة، ذهب سببه بعد قوتها، ما يعنى أنه لم يعد هناك داع لدفع أموال المسلمين لغير المسلمين بلا سبب.
اجتهاد عمر كان فى محله، لكنه لم يخرج عن كونه اجتهادا بشريا، نتج عنه توقيف حكما ربانيا. ولم يلغ أن تعامل عمر (رض) مع القرآن كان حسب ما رأى فيه من مرونة.
فاجتهد وفق ما يتيح له الشرع.. بغرض المصلحة.

حكم المؤلفة قلوبهم كان قطعى الثبوت قطعى الدلالة، فى حين آيات الحجاب ليست قطعية الدلالة. آية المؤلفة قلوبهم ثابتة بالنص غير القابل للتأويل، بينما تفسيرات كثيرة لآيات "الجيوب" و"الجلابيب" التى اعتبرها البعض إمرة بالحجاب، يمكن إعادة تفسيرها بما ينتهى لاعتبار الالزام بـ"الضرب بالخمار على الجيوب" والأمر "بأن تدنى النساء عليهن من جلابيبهن" سببه ظروف معينة، ومعانى أخرى مختلفة عما استقر فى أذهان المسلمين عن غطاء الرأس.

الملاحظة الثانية أن الحجاب يدخل فى الدراسات الإسلامية تحت فقه العبادات، أو فى الترتيب الرابع بعد العقيدة والأخلاق والمعاملات.

ترتيب العبادات فى نهاية سلسة الفقه المختلفة له وجاهته. فالمسلم يعتقد أولا فى الله وملائكته وكتبه ورسله "علم التوحيد"، ليدخل مرحلة الأخلاق "وكان خلقه القرآن"، راغبا فى التمثل بالخلق الذى نص عليها الكتاب. ثم تؤدى مرحلة الأخلاق بالضرورة مرحلة كمال "المعاملات" بحيث يكون الدين المعاملة، فلا يقتل المسلم، ولا يزنى ولا يسرق ولا ينظر لامراة أخيه.. ولا يغتاب الناس.

فى النهاية تأتى العبادات، بحيث يتوج الزى "على افتراض الأوامر بزى معين" اعتقاد المسلم وأخلاقه ومعاملاته.

يرى البعض على سبيل الافتراض، أنه لو تم تخيير المسلمين بين المعاملات من جانب، وبين العبادات من جانب آخر، فالأولى المعاملات. لأن تطبيق العبادات دون معاملات لن يقيم مجتمعا صالحا. فى حين أن الحرص على معاملات سليمة، بما فيها الحرص على الحق، وصون العرض والمال والدم.. يقود المجتمع للأمام، حتى فى غياب العبادات!

الحجاب عبادات، بينما الحقوق والأحوال الشخصية وعلاقات المسلمين بعضهم بعضا ثم علاقاتهم بغير المسلمين.. معاملات.

الغريب أنه فى الوقت الذى ما زال بعضنا متحجرا فيه أمام الجدل فى حجية نوع من أنواع العبادات، ما زال هناك الكثير من الخلل كبيرا فى معاملات المسلمين، النوع الأهم والأكثر تأثيرا من العبادات.. لكن أكثرهم لا يفقهون!





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة