الانتخابات التشريعية والرئاسية قادمة، ومن الطبيعى أن تنعكس شدة حاجتنا لأى جديد فى المشهد السياسى على الغوص فى توقعاتنا. إذا اتفقنا على أن التوقعات، تتشكل فى الأساس بناءً على الأحداث والواقع السياسى وحسابات الحزب الحاكم وردود أفعال أى قوى أخرى، وإذا اتفقنا على أن هذا الواقع الحالى -إذا ما بَنينا عليه توقعاتنا- سيكون أكثرها تفاؤلاً محدود السقف جداً، فسنجد أن لُب الموضوع هو كيف يجب ويمكن أن تتحرك أطراف مثلث الانتخابات حتى ساعة فرز صناديق الاقتراع.
كيفية تحرك هذه الأطراف (الناخب والمُرشح والقائم على إجرائها أى السلطة التنفيذية) قد يؤثر نسبياً على الانتخابات القادمة ولكن تأثيره الأكبر سينعكس على قوة أو ضعف الحراك السياسى فيما بعد إعلان نتائجها حتى الانتخابات التى تليها. لاشك أن زيادة أعداد الناخب «الحر» تسهل التضييق على محاولات اللعب بالعملية الانتخابية (أقول التضييق وليس القضاء عليها) وهنا علينا، الناخبين، أن ننتبه ونُنَبه إلى حالة الإلهاء المستفحلة التى ألقتنا فيها حكومة الحزب حتى لا نرى إلا رغيف العيش ولا نسمع إلا ضوضاء زحام المواصلات ولا نحلم إلا بطبيب رحيم يرحم مرضانا.
أثبتت الدورة البرلمانية الحالية أن النائب الذى يحمل أملاً فى أى تغيير ليس هو نائب الخدمات الشخصية وهدايا الأعياد وتخليص طلبات العلاج أو غيرها بل هو النائب القادر على المطالبة بمحاسبة الحكومة تحت القبة، الذى يمتلك ويستخدم أدواته ويُحسن حساباته حتى لا يَضطره صوت نائب أغلبية للتراجع عن كلمته.
بدأ بعض الناخبين فى تفضيل نائب المراقبة والتشريع على نائب الخدمة، وعلى الجميع الترويج لهذا التوجه. أما المُرشح، إن لم يكن من حزب الأغلبية ولم يؤكد نيته الصادقة فى الغرق فى فلك الالتزام الحزبى فهو يعى جيداً أنه بمثابة مقاتل فى معركة لا يبغى من الانتصار فيها تحقيق مكاسب كبيرة بل درء مصائب ثقيلة (وهو ما أعتبره مكسبا لا يستهان به.) كما أن مثل هذا النائب الذى يعى أن الانتصار السياسى كالحرية لا يُمنح بل يُنتزع نزعاً، يعى أيضاً أن المعركة هذه المرة من أصعب المعارك وأن حسن نيته والتفاف أهل دائرته حوله يَنقصها برنامج محدد وآلة انتخابية وقدرة على جذب مزيد من الحلفاء بكل السبل التى يستخدمها الخصم، إلا أن طريقه هو محفوف بمخاطر الوقوع تحت طائلة القانون. أما القائمون على الانتخابات فهم محدودو الهدف مالكون للأدوات للإبقاء على الأغلبية الكاسحة. المطلوب من كل الأطراف الأخرى الضغط بقوة للحصول على قوائم انتخابية أقرب لأن تكون سليمة، ووسيلة مضمونة للتصويت والفرز كالتصويت الإلكترونى الذى أكد متخصصون فى هذا المجال إمكانية التجهيز له فى مصر خلال ستة أشهر فقط بميزانية فى متناول اليد.
الضغط للحصول على أكبر قدر من النزاهة هو أصعب وأضمن الطرق للناخب والمُرشح، والوقت مازال مُتاحاً لأن نسعى إلى تحسين الحال لا لأن نحلم بالحال المثالى، ونسبة التغيير ستظل رهناً لقدرة الأطراف الضاغطة فى الحيلولة دون «طرمخة» الانتخابات.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة