الذين دعوا د. أحمد الطيب للتسامح مع الشيعة لا يعلمون، والذين يرون أن الاختلاف بين السنة والشيعة سطحى، ربما لا يدركون.
الخلاف السنى الشيعى "عقائدى"، ليس "مذهبيا".. والاختلاف بين الإمامية الاثنى عشرية– مثلا - وبين الحنابلة خلاف فى "مفهوم الدين" ليس فى "فقه الدين" كما يصدر أئمة الشيعة.
التسامح المذهبى إحدى كبائر السنة، ففى الخمسينات، لحق "التشيع" بسيرة شيخ الأزهر محمود شلتوت بعد تلبيته دعوة الشيعى البارز تقى الدين القمى بإنشاء دار التقريب بين المذهبين.
صحيح لم يثبت تشيع الشيخ شلتوت، لكن "تسامحه" هو الذى اقعده عن"اختبار" دعوة الشيعة. اشتراك الإمام شلتوت فى إدارة الدار كانت مفاجأة أخرى، فعلم الرجل ومكانته لدى السنة- كما رأى البعض وقتها– كان أولا ألا يعتقد معهما فى إمكانية نجاح التقريب بين المذهبين.
تكلم الشيخ شلتوت وقتها عن "التسامح"، بينما تكلم المعارضون عن "الطعم" السياسى الذى رماه مرجعيات الشيعة لأئمة الأزهر.
للآن لم تقدم دار التقريب شىء. وربما لم يبق منها غير استضافة رئيسها الشيخ محمود عاشور من أن لآخر فى الفضائيات.
"تسامح" الشيخ شلتوت "تراث سنى"، ففى التاريخ الإسلامى "رفض" أئمة المذهب فحص ما قيل أنه منقول عن النبى (ص) بعد وفاته بأكثر من 60 عاما. ورفض السنة أيضا فتح النقاش حول ما أدخله الفرس إلى العقيدة بعد إسلامهم.
عرف هذا تاريخيا بـ"القعود"، أو غلق باب الجدل "الفكرى" خوفا من تجاوز ما اعتبروه حدودا دينية بغير علم. الحديث النبوى وأسانيده، والغريب الذى ظهر فجأة ، والضعيف الذى تمسك به كثيرا من العامة كان ضمن ما "قعد السنة" عن فحصه.
والكارثة أن "القعود" عن فحص السنة، هو الذى سهل دخول الكثير مما لا أراده الله ولا أراده رسوله.
النتيجة كانت كارثة أيضا.. ففى "اختصار علوم الحديث" قال بن عبد ربه الفارسى أنه وضع أحاديث فى فضائل سور القرآن لم يتحدث بها النبى (ص)، وأنه وضع فى فضل على بن أبى طالب سبعين حديثا، بينما أقر نوح الجامع أنه وضع على إسناد ابن عباس أحاديث أخرى فى فضائل سور القرآن لم يحدث بها ابن عباس.
وفى مقدمة "الموطأ" قال الإمام مالك إنه أخذ كل ما شهر عن النبى (ص) من حديث، فضم كتابه "الصحيح والحسن والضعيف والمرسل والمنقطع"، لذلك لا يعتمد الدرارسون اليوم على أحاديث الموطأ للشبهة.
وقال حماد بن زيد "وضع الفرس على رسول الله أربعة عشر ألف حديث" وقال ابن أبى العوجاء الفارسى" وضعت فيكم 4 آلاف حديث، أحرم فيها الحلال وأحل فيها الحرام".
* مساعد رئيس تحرير جريدة روز اليوسف
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة