هل أنت مع الدولة أم ضدها.. من حقك أن تعرف ومن حقى فى المقابل أن أعرف موقفك.. لأنك لو مع الدولة.. فلن تقبل منى التأكيد على أن حيثيات حكم مجلس الدولة برفع الحد الأدنى للأجور ينسف تماما مصداقية ذلك التقرير المبهج الذى أصدره رئيس الحكومة العام الماضى للإشادة بإنجازات الحكومة ونجاحها فى معظم سياساتها بما فيها رفع الأجور.. ولو أنت ضد الدولة.. فلن توافقنى بالتأكيد على أن الموظف والعامل المصرى يتقاضيان أحد أعلى الأجور فى العالم كله قياسا على حجم العمل وكم الإنتاج الحقيقى.. وسواء كنت مع الدولة أو ضدها فأنا أستأذنك فى أن أشفق عليك.. لأنك أولا- بعيدا عن ظروفك الشخصية المباشرة- لا تعرف أى أسباب أو دوافع حقيقية تجعلك مع الدولة أو ضدها.. ولست وحدك.. فأنا مثلك تماماً.. لا أعرف أى شىء ولا أملك أى أرقام حقيقية لكل ما يجرى فى بلدى.. لا أنت ولا أنا ولا أى وزير أو مسؤول أو صحفى أو أى أحد آخر.. دعك بالطبع ممن سيتبجح من المسؤولين الذين سيزعمون علمهم بكل شىء لكنهم لدوافع السياسة والأمن القومى لا يقولون شيئاً.. ودعك من كثير من الإعلاميين والنقاد والخبراء الذين سيهزون أمامك رؤوسهم ويتلاعبون بالشفاه والأكتاف ليوحوا لك أنهم العالمون ببواطن الأمور حتى وإن لم يقولوا أو يكتبوا أى شىء.. فهم جميعا كاذبون أصلاً.. فالحقيقة هى أنه لا أحد يعرف شيئاً.. فنحن فى مصر لا نعرف على وجه الدقة العدد الإجمالى للموظفين أو العمال وأجورهم ومعيشتهم.. ولا عدد المدارس الفعلى وعدد تلاميذها، ولا عدد المصانع والورش وعمالها.. ولا عدد مرضى الكبد أو السرطان أو ضحايا أى مرض جسدى أو نفسى أو تشوهات خلقية أو صحية.. ولا عدد سيارات الميكروباص أو عدد المصريين المقيمين أو العاملين فى الخارج.. ولا عدد أطفال الشوارع ولا حتى عدد الشوارع نفسها.. ولا عدد الدواجن والأبقار والخرفان ولا عدد العاطلين أو المهمشين وظيفياً أو اجتماعياً.. وهذه هى الأزمة الحقيقية لمصر وفى مصر.. أزمة المعلومات.. وأرجو ألا تصدق هؤلاء الذين سيسخرون من اتهامى ويؤكدون أن كل ما يجرى على أرض مصر معروف ومرصود بكل دقة حتى وإن لم يجر الإعلان عنه.. وثق أننى أخبرك بالحقيقة التى يعرفها الجميع وهى أنهم لا يعرفون أى شىء عن واقع الحياة وحقائقها وتفاصيلها فى مصر.. وهو ما يعنى أنها كاذبة كل محاولات ودعاوى ومظاهرات الإصلاح فى مصر.. سواء كانت دعاوى حكومية مسرحية زائفة وخادعة.. أو كانت دعاوى معارضة صاخبة وزاعقة.. فالفريقان للأسف الشديد.. فريق الحكومة والمعارضة.. واضح أنهما ليسا معنيين بأى تغيير حقيقى فى مصر.. الحكومة تريد الإبقاء على كل الأوضاع بما هى عليه الآن.. والمعارضة أيضاً ولكن فقط مع تغيير أسماء ووجوه تحكم وتدير.. مجرد استبدال رئيس برئيس ووزير بوزير ومسؤول بمسؤول وصحفى بصحفى.. لكن دون أى تغيير حقيقى يشعر به ويتأكد منه هذا المواطن البسيط الذى يتحدث الجميع هنا وهناك باسمه وبالنيابة عنه.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة