أعجبنى كلام الفنانة إسعاد يونس فى جريدة «المصرى اليوم»، والتى أشارت بإصبعها إلى أس البلاء فى واقعنا المر، فكانت إشارة من إصبع وطنى ليس مثل الأصابع الأخرى التى تثير المشاكل والأزمات فى ملاعبنا وحياتنا.. واستعرضت الفنانة مواهبها الفنية والذهنية فى الكتابة الجميلة الموحية التى تجعل من الكتابة الساخرة موضوعاً جاداً ومهماً..
كانت السخرية واضحة وجلية وشديدة الإبداع فى التخيل وكأنها تبحر فى عمل أدبى.. وفى نفس الوقت تنقل هذه السخرية إلى الجدية فى الموضوعات التى ننساها أو نهملها وهى أصل وأساس معاناتنا الدائمة.. وإذا أراد صحفى أو ناقد رياضى متخصص أن يتحدث بهزلية عن واقعة إصبع النجم محمد بركات، وكيف وقف الشعب المصرى على أظافره يريد أن يعرف ماهو الإصبع المستخدم فى الإشارة إلى جمهور الزمالك أو حتى الإشارة إلى الهواء، وردود الفعل الانفعالية بعد قرار تبرئة بركات بين الرضا فى الأهلى والغضب فى الزمالك.. لو أراد الناقد الرياضى أن يقدم صورة واقعية لن يستطيع مثل ماقدمت الفنانة التى سخرت من الملايين الذين يجوعون كل يوم وعلى وشك أن يعطشوا عندما تتحكم دول المنبع فى حوض نهر النيل التى كانت فى سنوات العز المصرية والعربية تتمنى فقط لو التقطت لنفسها صورة مع مصر القومية الرائدة.. ورغم جوعهم وقهرهم ينساقون وراء تفاهات، وكأن إصبع بركات سيضغط على «زر» فتنهار مثلاً أسعار اللحوم التى لن يأكلها بعد سنوات إلا الوزراء وأعضاء الحكومة وقيادات الحزب الوطنى.. أو أن إصبع بركات يمكن أن يعدل نتيجة مباراة الأهلى والزمالك..
صحيح كان جمهور الزمالك يتمنى ألا يرى بركات فى القمة القريبة المتوقعة فى دور الـ16 للكأس.. لكن لو سأل الزملكاوية أنفسهم لماذا استطاع بركات أن يحرز مثل هذا الهدف التاريخى فى هذا التوقيت المميت الذى يستحيل معه التعويض، فإنهم سوف يكتشفون أن بركات برىء من التعاسة التى هبطت كالبراشوت على قلوبهم التى كادت تنخلع.. فالمتهم الرئيسى هو المدافع أحمد غانم سلطان الذى كان بمثابة لاعب إضافى مع الأهلى قدم ثلاث هدايا ثمينة لهجوم الأهلى كانت كل هدية بهدف عينى عينك..
والغريب أن الكابتن حسام حسن الذى هو الآن أفضل مدرب مصرى.. ترك أحمد غانم فى الملعب حتى الدقيقة الأخيرة وهى مسألة «قدرية» أن يسهو حسام ولا يلتفت إلى هذه الثغرة الواسعة بل الأوسع من استاد القاهرة فيبادر فوراً إلى تصحيح الخلل.. لكن لمشيئة من الله تركه لكى يساعد الأهلى على التعادل.. وكانت المقارنة بينه وبين أحمد على المدافع الأيمن للأهلى ظالمة، لأن أحمد على حتى لو لم يكن جيداً فإنه لم يرتكب جرائم مباشرة..
بالتأكيد هناك أشياء يصعب تفسيرها منها حالة أحمد غانم الذى تعرض للتشكيك بأنه لم يكن جاداً لأنه وقع للأهلى، وهى تهمة خطيرة أنا شخصياً أستبعدها تماماً.. واقتنعت أن هناك أشياء قدرية تحدث لكى تخرج علينا بعض الأحداث فى إطار محدد ربما يكون مرسوماً من السماء.. ولذلك تعجبت أن حكماً أجنبياً بكفاءة السويسرى ماسيمو بوساكا لا يعطى كارتا أحمر فى وجه محمد بركات لتعمد إصابته أحمد غانم، وهما نجما المباراة إيجاباً وسلباً.. ولو حصل على الكارت الأحمر كان سيصبح تلقائياً خارج الملعب ولن يحصل على الفرصة التاريخية التى أزاح فيها زميله عماد متعب لكى يتصرف هو وكأنه «عمدة البلد» الذى سوف يحل هذه المعضلة المتأزمة التى تكاد تتحول إلى كارثة.. شاءت الأقدار ألا يترك بركات الملعب وهو يستحق الطرد وشاءت الأقدار أن يغفل حسام عن تغيير غانم لكى يكسب الأهلى التعادل ويخسر الزمالك الفوز.
ونعود للفنانة إسعاد يونس التى كادت تقول لهذا الشعب «الصابر».. ياريت يا جماعة تراقبوا صابع محمد بركات لكن بعد أن تراقبوا صوابع الحكومة التى تعبث فى أكل عيشكم، والتى سيأتى يوم تأكل هى فقط بينما أنتم سوف تشتغلون عندها تنتظرون ما سوف ترميه من بقايا الأكل ونحن فى طريقنا للوراء مائة سنة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة