وليد طوغان

مثل أمير المؤمنين عمرو خالد؟!

السبت، 15 مايو 2010 08:10 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أهم ما خرج به الملتقى العالمى لخريجى الأزهر، تاكيد الحضور على أن منكر السنة "غير المتواترة" ليس كافرا، وإن ما هو أدنى مرتبة من "السنة المتواترة" ليس ملزما، فى الملتقى اعتبروا أيضا تعطيل الفلسفة، وإن تحريم أعمال العقل وإطلاق أدواته تعطيلا لأحكام القرآن.. وتوقيفا لكلام الله، كلام جيد أن يصدر من أزهريين ومشايخ، والأجود أن يظل المشايخ على أقوالهم رغم كل ما يمكن أن تسفر عنه اختبار هذه الأقوال من نتائج.

"المتواتر" من السنة هو ما رواه مجموعة من الصحابة بلغ حد التواتر ( أكثر من 3 صحابة فى أكثر من مكان)، حتى وصلت إلينا بإسناد صحيح، وبتطابق فى المتن، غير مخالف لأحكام كتاب الله، ولا تأويلات آياته.

فى علوم الحديث، المتواتر أقوى الحديث النبوى حجة، وهو التالى بعد كتاب الله فى مصادر التشريع، حجية المتواتر فى الفقه الإسلامى، وقوته فى الاستدلال هى التى جعلت الكثير من الائمة قبل الإمام الشافعى يعولون عليه، للحد الذى وصل شطط بعضهم إلى الاعتقاد فى جواز إلغاء الحديث المتواتر لأحكام القرآن، مع أن هذا عمليا لم يكن صحيحا، ولا منطقيا.

ففى الوقت الذى اعتبر فيه جواز إلغاء أحكام القرآن بالسنة سببا فى مشاكل فقهية كثيرة وكبيرة، عصف الخلاف على عدد الأحاديث المتواترة بالمشتغلين بعلوم الحديث.. والدارسين، بدءً من عصر الإمام الشافعى حتى الآن.

فالشافعى على سبيل المثال اعتبر أن الحديث الذى يرقى إلى درجة التواتر واحد فقط هو "من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار"، اختاره من 596 ألف حديث شهروا عن النبى.. وقال: هو ما اطمأن إليه قلبى"!!

كلام الشافعى لم يجعل باب الجدل فى سباق إثبات عدد الأحاديث التى ترقى لمستوى التواتر مفتوحا حتى الآن فقط، إنما كان سببا مباشرا فى إعادة تقييم كتاب الإمام البخارى، ثم كتاب تلميذه مسلم من بعده، ففيما يعتبر المشايخ أن صحيح البخارى هو أصح كتاب بعد كتاب الله، اعتبر آخرون ان "الحديث الصحيح" مرادف للحديث المتواتر.. وهو ما لم يكن صحيحا أيضا، فلا يمكن لكتاب ما أن يكون الأصح بعد كتاب الله، ولا كان الحديث الصحيح مرادفا فى المعنى للمتواتر، معظم أحاديث البخارى ومسلم "مشهورة"، والمشهور هو الحديث الذى رواه عدد من الصحابة لم يبلغوا حد التواتر، فوصل إلينا بسند صحيح، خالٍ من العلة، بلا شذوذ فى المتن أو السند، بعد المتواتر يأتى المشهور فى المرتبة الثانية، يليهما حديث الآحاد، والآحاد هو ما رواه صحابى واحد، فوصل إلينا بسند صحيح.. بلا شذوذ فى المتن، ولا علة أو سبب يخالف أحكام العقل أو المنطق أو الأصل القرآنى.

احاديث البخارى ومسلم تتأرجح بين المشهورة والآحاد، وتضعيف رجال علم الحديث بعض رجال إسناد البخارى، وبعض رجال كتاب مسلم، يعنى ببساطة خروج أحاديث الرجلين من "شروط التواتر"، لأن التواتر قوة فى السند، وتطابق فى المتن.. بلا علة، ولا شذوذ فى السند، أو ضعف فى الراوى.

القضية إذا ليست فى إنكار السنة أو إثباتها، إنما المسألة فى كيفية إثبات ورود حديثا ما على لسان النبى (ص)، أو التأكد أنه (ص) قاله قبل 1400 عام؟
مطالبات البعض بالتروى فى التعامل مع السنة النبوية، والتعامل بحذر مع ما قيل إنه (ص) قاله.. مطالبات منطقية.

فلو ضمنا ثبوت "التواتر" فيما نقل عنه (ص) من أقوال لما ظهرت الأزمات، ولو ضمنا التفرقة بين ما يمكن أن يعتد به كأصل فى الدين من حديثه، وما لا يمكن اعتباره كذلك.. لما طالت المشكلات.

القضية أن المشايخ يرجعون فيما يقولون، ثم يعودون لإنكار ما طرحوه من مبادئ سلمنا بها معهم فى البداية، وفى النهاية.. عادة يرفضون، بينما يقف البسطاء بيننا وبينهم، بعضهم يتهمنا، وبعضهم يخرجنا، وآخرون يجرحوننا.. فيقتلوننا على الأفكار.

فى ملتقى الأزهر طالب الحضور بمواجهة موجات التطرف والتكفير، ونشر الوسطية والاعتدال، الوسطية التى يريدون، هى أن نقول للمشايخ ما يريدوا أن يسمعوا، والاعتدال أن نردد خلفهم آمين.

أما سماحة الإسلام فهى ألا نسألهم ما الذى جعل الصحيح متواترا، ولا من الذى جعل الآحاد مشهورا، فيما كانت الاستنارة غالبا، هى إعادة أقوال رجال الدين ببدل إيطالية، على فضائيات عربية مثلما يفعل عمرو خالد أمير المؤمنين، أو الشيخ خالد الجندى إمام المتقين.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة