الموضوع يثير شهية الإعلاميين ويجذب إليه كل وسائل الإعلام، بعضهم بالحوار الصحفى، وبعضهم بالحوار التليفزيونى، فضلاً عن المتابعات والقصص الخبرية التى تأتى كتوابع لازمة لزلزال كبير، فحين يكون النزاع بين اثنين من وزن الدكتور هانى هلال وزير التعليم العالى والبحث العلمى والدكتور محمد السعدنى رئيس مدينة مبارك العلمية، وحين تكون الاتهامات المتبادلة بين شخصيتين ينتمى كل منهما إلى النظام الحاكم، واحد فى موقع الوزير والآخر من موقعه فى أمانة السياسات بالحزب الحاكم، وحين تكون القضايا والاتهامات فيها إهدار المال العام، وفيها فرض التعاون مع الجانب الإسرائيلى من قبل الوزير، واعتبار هذا التعاون نوعا من أنواع التجسس من قبل الدكتور السعدنى، وفيها حديث عن تراجع قيمة ودور البحث العلمى فى ظل حكم الحزب الوطنى، إذن الموضوع خطير ومهم ويفرض نفسه، ويوجب التوقف أمامه ملياً، وقد لا أكون مبالغاً إذا توقعت أن يتدخل أحد ما عند القمة لوقف تبادل الاتهامات والانتقال إلى حالة هدنة معلنة حتى يتم نسيان التفاصيل التى أذيعت فى ظل احتدام الخلاف ووصوله إلى عامة الناس.
الكلام هنا مختلف عن كلام المعارضة، والاتهامات مختلفة عن الاتهامات التى اعتادت المعارضة على توجيهها إلى الحزب الحاكم والحكومة، وطريقة التعامل هنا يجب أن تختلف عن طريقة التعامل مع كلام المعارضة واتهاماتها التى يمكن أن يتم الرد عليها بمليون طريقة وطريقة، والمسألة جادة، وهى كما أتوقع تنبئ عن الكثير من الخفايا التى لا يعرفها أحد، والتى لم يذع منها إلا القليل الطافى على السطح، ولو أن الأمر استفحل على محاولات لملمته فسوف تكون الفضائح بجلاجل إن وصل الموضوع إلى القضاء، ذلك أن كل طرف من الأطراف يملك تجاه الأخر الكثير من الأوراق التى تقوى موقفه وتضعف من موقف الآخر، كما أن المعركة فيها إلى جانب ما هو عام وموضوعى هناك جوانب شخصية كثيرة مؤثرة وربما تكون مؤلمة للطرفين.
موقف الوزير هلال ضعيف، وحجته داحضة وما يثيره من اتهامات وشكوك حول دور الدكتور السعدنى فى مدينة مبارك العلمية مردود عليها ببساطة حين يقال له: لماذا تركته فى موقعه كل هذه السنين دون أن تتخذ موقفاً تجاه ما تدعيه عليه من تقصير أو إهمال أو إهدار للمال العام، سكوت الوزير غير مبرر، وسكوت الدكتور السعدنى مبرر، فطالما هو فى موقعه وينفذ سياسته وقادر على اتخاذ القرار الذى يراه مناسباً حتى لو اختلف مع سياسة الوزير، فإن سكوته عما يثيره اليوم مبرر بوجوده، والطبيعى أن يتكلم بعد أن تصل الأمور بينه وبين الوزير إلى حائط مسدودة سدها الوزير بطرده من مجلس الشعب بطريقة مهينة وغير لائقة، وبطرده من بعد من وظيفته، وقد أقنعنى بكلامه حول هذه النقطة حين أثيرت معه فى حواراته التليفزيونية والصحفية، فهو الآن يتكلم كلام الموجوع مرتين، الموجوع من الأحوال التى وصل إليها التعليم العالى والبحث العلمى فى وجود الوزير هلال، وهو موجوع من الحال الخاص التى وصلت إلى أن يحرض الوزير عليه من كانوا بالأمس القريب تلامذته وزملاءه ومعاونيه وأقرب الناس إليه.
حتى لو أغلق الملف كما أتوقع رضاءً أم قضاءً من جهة نافذة وحاكمة على الطرفين، يبقى علينا فى الإعلام واجب ألا نغلق القضايا التى فتحت ملفاتها مرفقة بالنزاع الجارى بين الطرفين، وأهمها قضيتي: تردى أوضاع البحث العلمى فى مصر، ومحاولة البعض من أهل السلطة فرض التعاون العلمى بيننا وبين إسرائيل، وهما قضيتان يمسان فى الصميم أمن مصر ومستقبلها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة