بعضهم يحك أنف المشايخ بدعوى "التنوير" فى خلافات ليس وقتها، والبعض الآخر يتعمد الاستفزاز بالصغائر ليدخل معركة خاسرة لا نسمع فيها سوى صلصلة السيوف بلا نتيجة.
منا من يخترع المواقف بدعوى الاستنارة، مع أن لفظ الاستنارة لم يعد ذا محل فى الوقت الذى عمت فيه الكهرباء معظم بقاع الأرض.
إحياء الخلاف مع الأزهر على تجسيد شخصية الحسين بن على ـ رضى الله عنه ـ على خشبة المسرح مشروع المخرج المسرحى مراد منير ونور الشريف الفترة المقبلة، لدى الاثنين أمل كبير فى إعادة فتح ملف أحدث دوياً قبل أكثر من عشرين عاماً، رغم إنهما يعرفان النتيجة.
نشاط وأحاديث مراد منير للصحافة الفترة الأخيرة تشير إلى رغبته الملحة فى معركة مع "الأزهر" على الماشى، رغم إن هناك قضايا أكثر أهمية من ظهور الحسين على خشبة المسرح.
ولدى المسرح هموم أكثر إلحاحاً من تحزب أهله فى جانب، والأزهريون فى جانب آخر، يطالب الأوائل السماح بظهور الصحابة فنياً، بينما يصر المشايخ على المنع درأً للمفاسد، واتقاء للمحرمات.
لم تعد "الاستنارة" مجرد كسر قيد ظهور الصحابة على شاشات السينما أو على خشب المسارح، ثم إن التنوير لم يعد يعنى المواجهة مع المشايخ فى صغائر، رغم ذلك، تجد من آن لآخر من يسعى لاختطاف مفاهيم التحرر، ليخبئها فى "معارك وهمية".
طلب مراد منير ونور الشريف من أشرف زكى إعادة تقديم رائعة عبد الرحمن الشرقاوى "الحسين ثائراً" على مسرح الدولة فى الوقت الحالى ليس منطقياً، وموافقة أشرف زكى بدوره على إعادة طرح الموضوع على شيخ الأزهر ليست فكرة وجيهة هى الأخرى.
لماذا؟ لأن رد الأزهر متوقع، والأزمات التى أحدثها الطلب نفسه أثار معارك لم يكن لها داعٍ الأعوام الثلاثين الماضية.. بلا نتيجة.
معركة من نفس النوع كان بطلها الراحل كرم مطاوع، ولما اشتدت الأزمة مع الأزهر، أغلقوا له المسرحية ليلة الافتتاح، واضطر مطاوع إلى "التحايل" بعرض المسرحية كبروفة جنرال مدة 30 يوماً على الجمهور قبل إغلاق الملف نهائياً.
تغيير اعتراض الأزهر على ظهور الصحابة فى الأعمال الفنية ليس مربط الفرس، وحل هذه المعضلة ليس الأمل الأول فى تغيير المفاهيم، ولا هو الإجراء الوحيد لإعادة تحرير الفنون من أفكار تراثية استقرت، وتحولت إلى معلوم من الدين بالضرورة.
مشاكل المسرح لم يتم حلها كلها ، ليبقى الوضع موقوفاً على ضرورة ظهور الصحابة على خشبة المسرح.
المعنى أنه "ما حبكش" إثارة موضوع ظهور سيدنا الحسين على المسرح الآن، المعنى أيضا أن إعادة المبارزة بين الأزهريين والمسرحيين فى مثل هذه القضية الآن لا يخرج عن كونه إهداراً للوقت، وإضاعة للجهد.
عودة الحديث عن "الحسين شهيدا" فيها رائحة معركة جدلية جديدة، والكلام عن الأمل اعتماداً على "تفتح" شيخ الأزهر الحالى، يشير إلى قرب "المعركة غير المناسبة ، فى الوقت غير المناسب"، فأمام أهل المسرح أكثر من ميدان قتال آخر لإعادة الهيبة لأبو الفنون لم يدخلوه منذ السبعينات، فكانت النتيجة أن سقط المسرح صريع الراقصات، وانتهى ضحية ممثلين هزليين.
مساعد رئيس تحرير جريدة روزاليوسف
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة