اكتشف سمير زاهر فجأة عدم وجود مبادرات للصلح بينه وبين محمد روراوة، رئيس اتحاد الكرة الجزائرى.. هى مفاجأة له فقط ولم تكن كذلك بالنسبة لنا، لأننا نعرف أن روراوة لا يملك القدرة على أن يتصرف وحده وبمحض إرادته فى قضية سياسية فى المقام الأول، حتى لو كانت أرضيتها رياضية.. لا يمكن أن تنتهى حالة الهياج والعداء السافر بين البلدين فى جلسة عرب يوزعون فيها تركة الاتحاد العربى لكرة القدم الذى هو أصلا لا لزوم له ولا يعترف به الاتحاد الدولى، ولا ينظم شيئا له قيمة سوى أنه يمنح أعضاءه ( ومنهم زاهر وروراوة طبعاً) فرصة للسفريات والإكراميات وحضور المناسبات التى تغلب عليها الاحتفالية أكثر من المناسبات التنافسية ذات القيمة.
كان روراوة واقعياً وصادقاً مع نفسه ومع الأمير سلطان بن فهد، وحدد بوضوح إمكاناته الحقيقية فى تغيير العلاقة بين البلدين، بينما كان زاهر خيالياً، خلط العام بالخاص، وأرسل إلينا إشارات غامضة لم يعرف أى منا ما إذا كانت دعوته للمصالحة نابعة من الدولة أم نابعة منه شخصياً، أو أنه أراد تحقيق مصلحة شخصية فقط فجرّنا وجر الدولة إلى إيحاءات بأن هناك مبادرة سعودية لعودة العلاقات الطبيعية بين مصر والجزائر والتى لن تعود إلا أيضا بأرضية رياضية.. وألح علينا مراراً وتكراراً لقبول التصالح لما فيه خير الشعوب العربية، وما إلى ذلك من شعارات عامة دائماً نسمعها فى مثل تلك المناسبات العربية سواء الخلافية أو التوافقية.
ذهب سمير زاهر إلى انتخابات الاتحاد العربى بعد أن أقنعنا أن مصر الرسمية تريد تطبيعاً للعلاقة مع الجزائر بعد أن هدأت ثورة الغضب التى صاحبت تصفيات كأس العالم، وأنه لم يذهب لغرض شخصى بقدر ما يتمناه من رسالة قومية معدداً فضائل لم الشمل العربى..
وباعثا برسائل غزل فى الأمير سلطان الذى لا يتردد فى دعم المصالحة العربية، وأساء زاهر التقدير وتخيل فعلا أن الأمير سلطان بسلطته المحدودة فى اتحاد كروى يمكن أن يلم شمل دولتين.. وأساء أيضاً التقدير عندما خانه ذكاؤه وتخيل أن بعض الكلمات الحلوة فى وسائل الإعلام «وجر رجل» الأمير سلطان ليدخل بها بحماس ساحة المصالحة المصرية الجزائرية سوف تحقق له ما يريده، رغم أن أى شخص عادى متابع للأحداث كان يستطيع أن يفهم بسهولة أن ما حدث فى التصفيات وبعد مباراة أم درمان بالتحديد لا يعالجه سوى إجراءات من أعلى سقف للقيادة السياسية.. ثم إن سمير زاهر -وهذا حقه- أراد فى نهاية الأمر خدمة مصلحته الشخصية.. لأن الوجود كنائب للاتحاد العربى ربما يكون تعويضا مناسبا لمرحلة الاختفاء من الساحة عندما يرحل باللوائح من الاتحاد المصرى.
وكان زاهر شديد الاندفاع نحو الاتحاد العربى وفعل المستحيل لكى يمنع وسائل الاعلام من ملاحقة تصريحاته واندفاعاته نحو مصالحة لها دوافعها الشخصية.. ومن المفارقات أنه فى ساعات قليلة أراد أن يقنعنا بالشىء ونقيضه.. وتحول فى يوم وليلة 180 درجة من رجل يتغزل فى قيادات الاتحاد العربى ومسابقات الاتحاد وقيمة التواجد المصرى إلى رجل يلعن الاتحاد العربى ويتحدث عن قيمته المحدودة.. ويتجرأ ويكشف الحقيقة وهى أن الأمير سلطان لم يكن يملك مبادرة صلح ولم يتحمس لها، لأنه من المؤكد عرف أن هذه المبادرة تتجاوزه وأكبر منه ولن ينجح فيها، وربما جس نبض روراوة وعرف أن المهمة مستحيلة، وبدلا من أن يبلغ زاهر بهذه الحقيقة مبكرا حتى يرتب أوضاعه على حقائق وليس خيالات، تركه يذهب إلى الرياض بنفس خيالاته، إلى أن واجه الحقيقة هناك وتلقى الصدمة التى أزعجته كثيرا.. ولم ينتظر طويلا فى الهجوم على الاتحاد العربى وروراوة ويوجه انتقادات للإعلام المصرى الذى صنع من روراوة بطلا..
افتقد سمير زاهر حالة التوازن التى ذهب بها الى الانتخابات وعاد الى القاهرة مشحونا بقدر هائل من الغضب والانفلات فى رد الفعل، وبدا وكأنه ممثل شرعى لمصر الرسمية والشعبية يقودها كما يشاء.. تبارك توجهاته وهو يغادر القاهرة وتبارك توجهاته المضادة وهو يغادر الرياض..
وأخيرا.. لم يكن سمير زاهر يعرف أن الأمير سلطان لم يعد يستهويه أسلوب سمير زاهر ويبدو أنه تحدث فى ذلك مع روراوة.. والسبب هو أن زاهر أغضب الأمير كثيرا وهو يترك اجتماعا سابقا يرأسه الأمير بدعوى أنه لا يتواجد فى مكان يجمعه بروراوة، وهذا عيب كبير جدا فى حق جلسات العرب فى الجزيرة العربية.. ولم يكن زاهر يعرف أن الأمير سلطان أفصح عن غضبه من هذه الواقعة للمهندس حسن صقر.. (معلش يا كابتن زاهر.. تعيش وتاخد غيرها).
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة