هل هناك فرق بين الدولة التى يريدها البابا ودولة الإخوان؟
الحقيقة أنه لا فرق، والحقيقة الأكثر مرارة هى أن كثيرا ممن ناصروا البابا كانوا طوال الوقت يدافعون عن الدولة المدنية، ويطالبون بها، ويرون أنها الحصن الوحيد للمسيحيين، دولة المواطنة والحقوق المتساوية بين كل المواطنين. لكن للأسف عند أول محك، دافعوا عن موقف دولة البابا شنودة الدينية، الدولة الهادمة لدولة العدل والقانون، بعد رفضه تطبيق حكم قضائى بأحقية بعض المسيحيين فى الحصول على تصريح بالزواج الثانى، معتديا بشكل معلن وسافر على السلطة القضائية، رافضاً حتى فتح الباب أمام الزواج المدنى، فأى دولة يريدها البابا وأى دولة يريدها مناصروه؟!
إنها دولة دينية يتحكم فيها بعض الكهنة، مثل دولة الإخوان التى يتحكم فيها بعض المشايخ.
لذلك لم تعجبهم الأحكام التى أصدرها قضاة مستندين إلى لائحة 1938، التى اعتمدها وقتها البابا يؤانس التاسع عشر والكنيسة والمجلس الملى وناقشها البرلمان، أى أنها لائحة أقرها مسيحيون مستندين أيضاً للإنجيل، وناقشتها السلطة التشريعية، فهى تجعل أسباب الطلاق سبعة وليس لعلة الزنى فقط كما يريد البابا ومناصروه.
بالتالى فالقضاة الذين أصدروا أحكام الزواج الثانى استندوا إلى قانون موجود، ولا يستطيعون الحكم بغيره، فالقضاة لا يحكمون بالدين.. وهذا بالضبط ما دلل عليه المستشار عادل فرغلى، رئيس محاكم القضاء الإدارى ونائب رئيس مجلس الدولة لجريدة «روزاليوسف»، بأن المحاكم الجنائية، قد تصدر أحكامًا بالمخالفة لما ورد بالقرآن، لأنها لا تطبق إلا ما ورد فى القانون الذى ارتضاه الشعب، وهذا يتضح فى أحكام ضد الزانى والزانية، والسارق والسارقة، حيث ينص القرآن فيهما على الجلد وقطع اليد.
إذن فالقضاء ملتزم بتطبيق لائحة 1938 المعتمدة من الكنيسة ذاتها، ولا أظن أن البابا والكهنة وقتها كانوا كفرة، بل كانوا مسيحيين مؤمنين. لذلك، إذا كانت هذه اللائحة لا تعجب البابا ومناصروه، فعليهم أن يضغطوا ويقدموا القانون الموحد للأحوال الشخصية ليناقشه مجلسا الشعب والشورى ليتم إقراره ومن ثم يحكم القضاء به.
أما غير ذلك فهو انتهاك للدولة المصرية، وانتهاك لا يحق لأى إنسان، مهما علا مقامه أو قامته الدينية، أن يرفض تنفيذ حكم قانون، فليس منطقيا أن نتصدى للإرهاب الذى يتخفى وراء الإسلام وندافع عن التطرف الذى يحتمى بالمسيحية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة