بعد أن طرحت الأسبوع الماضى بعض النقاط عن «حرب الصورة» التى مازلنا فيها خاسرين أمام الحِرَفية الإسرائيلية وآلياتها، طالعت كتابا وأغنية وصورة رسموا فى ذهنى صورة واضحة عن الخطوات الأولى التى يمكن أن نتحرك بها، ولو على مستوى الأفراد (يأساً أو رفضاً منى لانتظار العمل المؤسسى السليم).
الكتاب هو: «إسرائيل.. لنتكلم عنها» للكاتب الصحفى البلجيكى ميشال كولون المتخصص فى التحليل الإعلامى، والذى يتبنى فضح «الأكاذيب الإعلامية» التى تستخدمها أى دولة لتسويق قرارها السياسى لخوض الحروب.
فى كتابه الأخير يوضح كولون الأكاذيب الإعلامية العشر التى نجح الإسرائيليون فى ترويجها حتى أصبحت، لدى الرأى العام الغربى، حقائق لاجدال حولها. أخطر هذه الأكاذيب وأقواها رسوخاً هى أن إسرائيل.. أرض بلا شعب لشعب بلا أرض. ملامح هذه الأكذوبة هى أن إسرائيل ما هى إلا محاولة اليهود العودة إلى أرضهم الأصلية التى طردوا منها، وأن عودتهم «لوطنهم» كانت الحل الوحيد لديهم بعد طردهم من كل بقاع العالم «الظالِم» فى أعقاب الهولوكوست.
هذه الأكذوبة تحدد إذن رسالتنا الإعلامية التى يجب أن ننشرها بتكرار وتكثيف ودون ملل وهى: 1 - ترسيخ فكرة أن الأرض فلسطينية منذ قرون طويلة قبل الميلاد (وستهز هذه الرسالة إذن أكذوبة أن الأرض بلا شعب) 2 - ترسيخ حقيقة أن إسرائيل مشروع استعمارى أطلقه أبوالصهيونية تيودور هرتزل فى 1897 وكانت الأرجنتين وأوغندا وغيرهما من ضمن الخيارات لإنشاء دولة إسرائيل (فكرة الدولة الإسرائيلية هى فكرة سياسية بحتة سابقة للهولوكوست وأن اليهود كان يمكن أن يختاروا منطقة أخرى ولكنهم فضلوا الصبغة التوراتية لمشروعهم الاستعمارى) 3 - ترسيخ حقيقة أن الكيان الصهيونى لا يُقر حق الشعب الفلسطينى فى تكوين دولته المستقلة، وهو ما يهز الرسالة الإسرائيلية المُرَوجة بشدة، أن الإسرائيليين حمامة سلام تنزف من الرفض العربى لوجودها.
إذا لخصنا رسائلنا فى هذه النقاط ما هى إذن الوسيلة؟ الوسائل المثالية هى الأفلام السينمائية التى تصل بمستواها الفنى وتوزيعها إلى العالمية، والأفلام التسجيلية والترويجية المدفوعة على الشاشات الغربية. لكن من سيقوم بهذا العمل؟ لم يقم به شخص ولا مؤسسة حتى الآن.
هنا أتحدث عن الصورة والأغنية اللتين شاهدتهما وأكدتا أن الإنترنت، وتحديداً الفيس بوك وما شابهه من مواقع، هو الوسيلة الأسهل التى يمكن أن نتحرك من خلالها على مستوى فردى مع ضمان انتشار لا بأس به على الإطلاق. أغنية «موت ورا موت» باللغتين الإنجليزية والعربية نَشرت بالكلمة والصورة رسالة أن الموت أصبح العلامة الأوضح لحياة الشعب الفلسطينى تحت الاحتلال الإسرائيلى. وصلت هذه الأغنية (بنسبة يمكن زيادتها) إلى الرأى العام الغربى عن طريق الفيس بوك ويرجع تأثيرها القوى إلى أنها نُفذت من قِبَل مهنيين عرب متخصصين، وهذه نقطة هامة جداً حتى لا تبعث أعمالنا برسائل عكسية.
أما الصورة فهى خريطة توضح موقع القدس وصور كارتونية لدبابات تهاجمها ويقول التعليق المصاحب: «فى نهاية الأمر، قرر العالم أن يحل المشكلة (مشكلة اليهود المضطهدين دولياً) وقررت الأمم المتحدة قيام دولة إسرائيل. وافقت إسرائيل. لكنّ العرب رفضوا فهاجموا إسرائيل، فدافعت عن نفسها، فهاجموا مرة ثانية.. ومرة أخرى.. ثم مرة تلو مرة!» كانت هذه هى نهاية فيلم كارتونى قصير عن تاريخ إسرائيل «المزيف» الذى يصدقه الرأى العام الغربى المؤثر على صانع القرار الموالى للكيان الصهيونى.
دعوتى إذن بشكل مباشر لأى إعلامى عربى قادر على عمل تقرير تسجيلى قصير مؤثر أو فيلم كارتونى باللغة الإنجليزية، أن يعيد هذه الصورة إلى حقيقتها ويركز على رسالة نريد ترسيخها، ويخاطب الرأى العام الغربى بنفس الأسلوب الإسرائيلى: الامتناع عن أى تعبير غاضب وأى ألفاظ مسيئة، الأسلوب السلس، استعطاف أى مُشاهد من أى جنسية بالحديث عن الحب والحرية والسلام، انتقاء الوقائع والصور لخدمة الرسالة.. معركتنا فى فيلم وأغنية وصورة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة