أودعت محكمة جنايات شمال القاهرة، برئاسة المستشار جمال القيسونى، حيثيات حكمها بإعدام كل من الدكتور "م.ا.غ" الأستاذ بكلية طب جامعة عين شمس، و"م.ع " الممرض الذى يعمل معه، المتهمان بقتل محمد مختار أحمد تاجر أدوات كهربائية والتمثيل بجثته داخل عيادته فى 60 ورقة من القطع الكبير.
سردت الحيثيات أولا وقائع الدعوى المتمثلة فى عثور مباحث القاهرة على كيس بلاستيك أسود بداخله رأس آدمية وكفان وزراعان، بينما عثر أيضا على كيس آخر بداخله بنطلون وقميص وحذاء فى أماكن مختلفة فى القاهرة، بمعاينة الجثة تبين أنها مقطعة بواسطة منشار كهربائى وأن مرتكب الحادث أشعل النار فى الجثة، وقام بدهسها بسيارته لإخفاء معالمها.
أفادت تحريات المباحث أن الطبيب المتهم كان بينه وبين المجنى عليه مشاكل بسبب رفض المجنى عليه إعادة مبلغ 170 ألف جنيه، كان قد حصل عليها من الطبيب لاستثمارها، لكنه تعثر فى السداد واستطاع الطبيب المتهم أن يحصل على حكم بحبس المجنى عليه لمدة ثلاث سنوات، واتصل يوم الحادث بالمجنى عليه وطلب منه الحضور إلى عيادته الخاصة بمنطقة مصر الجديدة، لتسوية الأمر وأحضر المجنى عليه مبلغ 15 ألف جنيه، وعرض إعطائها للمتهم كجزء من المديونية المطلوبة عليه وطلب كتابة شيكات جديدة بالمبلغ المتبقى مقابل حصوله على مخالصة لتقديمها للمحكمة لإسقاط الحكم الصادر ضده، ولكن المتهم رفض تلك التسوية، فأخبره التاجر بأن عليه اللجوء للقانون للحصول على حقه.
لكن الطبيب لم يرضيه ذلك، وأخرج سلاحه النارى وأطلق الرصاص على التاجر وفى اعتراف الممرض المتهم أيضا، أكد أن الطبيب هدده بالسلاح، إن لم يشاركه فى التخلص من الجثة، ووضعه أعلى سطوح العمارة الموجود بها عيادته فى منطقة مصر الجديدة.
أكدت التحريات على أن الجثة لـ "محمد مختار محمد حسن" (47 سنة) تاجر أدوات كهربائية،وكانت أسرته أبلغت عن غيابه منذ أيام فى قسم شرطة عين شمس و أكدت أن القاتل يدعى "م.أ.غ " (58 سنة)، أستاذ بكلية الطب جامعة عين شمس كان يتقلد منصب عميد كلية طب، وأنه يمتلك عيادة كبيرة فى منطقة وسط البلد، وأخرى بمنطقة مصر الجديدة، وثالثة بالمهندسين، كما لديه فيلات وأموال كثيرة جدا تصل إلى 70 مليون جنيه مصرى، وأضافت، إن الطبيب المتهم تعرف على القتيل عن طريق زوجته التى تعمل موظفة بالشئون الإدارية بمستشفى الدمرداش الجامعى، الذى يعمل به الطبيب، وأنها عرفته على زوجها والذى يعمل تاجرا واتفق على العمل معه فى توظيف الأموال مقابل فائدة شهرية، وقد تم إلقاء القبض على الطبيب والممرض الذى ساعده، فاعترف الممرض بالجريمة تفصيليا للحادث وملابساته أمام النيابة العامة، وقال: كان هناك موعد لحضور التاجر إلى عيادة الطبيب بمصر الجديدة لسداد مبلغ 15 ألف جنيه، وتحرير شيكات بالمبلغ المتبقى مقابل تنازل الطبيب عن قضية النصب التى أقامها ضده، لكن حدثت مشادة بينهما لرفض الطبيب تنازله عن القضية.
وأوضحت المحكمة فى حيثياتها أن ما أثاره دفاع المتهم الأول بأن العيادة الكائنة بالعقار 42 شارع بغداد بمصر الجديدة ـ مسرح الجريمة ـ لم تكن فى حوزته فى الفترة من 12 سبتمبر عام 2008 وحتى 15 سبتمبر من نفس العام، وأن جميع المتعلقات التى وجدت بها مدسوسة فردود ذلك أن المتهم تم ضبطه بتاريخ 12 سبتمبر الساعة السابعة مساء نفاذاً لإذن النيابة العامة الصادر بتاريخ 11 سبتمبر عام 2008 الساعة 35،12 مساءً، وتمت مواجهته بما توصلت إليه التحريات وإقرار المتهم الثانى بارتكابهما الجريمة فأقر المتهم الأول أيضاً بارتكابه ومعه المتهم الثانى للجريمة، وبتفتيش العيادة بحضور المتهم الأول تبين كشط باركيه غرفة الكشف ووجود آثار لدماء، يرجح أن تكون آدمية وبقايا عظام، كما تم ضبط الآلة المستخدمة فى تمزيق ملابس المجنى عليه، كما أرشد المتهم الأول عن المكان الذى أحرق فيه رأس المجنى عليه، والكتفين بحجرة أعلى سطح العقار، ووجدت أثار لشعر وبقايا جلد محترق، وقد تم التحفظ على تلك الآثار بأماكنها.
أما عن تعرض المتهم الأول للتعذيب من عدمه، تبين أن المتهم الأول تم ضبطه تنفيذاً لإذن النيابة العامة، وتم عرضه والتحقيق معه بمعرفة النيابة فى أقل من 24 ساعة، وثبت للنيابة من مناظرة عموم جسده أنه لم يلحظ به أى إصابات ظاهرة، ومن ثم فإن ما ردده المتهم الأول ودفاعه من بعده ما هى إلا أقوال مرسلة لا دليل عليها لا يبغى المتهم الأول بها سوى التنصل من الجريمة التى ارتكبها.
وأكدت المحكمة أن الأشلاء الآدمية المعثور عليها، وفقاً لما جاء بالتقرير الطبى الشرعى نفى ما قاله الدفاع، وأن التقرير جاء به أنه بعد إجراء الكشف الظاهرى والصفة التشريحية للأشلاء الآدمية، والتى تم التعرف عليها وباستخلاص الحامض النووى وإجراء أبحاث البصمة الوراثية لجميع الأجزاء التى تم أخذها من الأشلاء الآدمية، التى تم فحصها وبمقارنتها، تبين أنها جميعاً لشخص واحد، وأن التقرير أكد أنه بمقارنة الآثار البيولوجية المرفوعة من العيادة وعينات دماء كل من زوجة المجنى عليه وطفلته، تبين أن هذه الآثار تنتمى للمجنى عليه، وأنه هو أبو الطفلة وتطابقت التصنيفات الجينية للبصمة الوراثية للآثار البيولوجية المرفوعة من العيادة مع التصنيفات الجينية للبصمة الوراثية لعينات الدماء المرفوعة من أشلاء المجنى عليه.
كما أكدت المحكمة أن نية القتل كانت متوفرة لدى المتهمين، وهو ما دلت عليه الظروف المحيطة بالواقعة التى قام بها كل من المتهمين.
وبالنسبة لطلب الدفاع بإحالة التقرير من الاستشاريين المقدمين من المتهم الأول وتقريرى الطب الشرعى والمعمل الجنائى إلى لجنة محايدة للترجيح بينهما، قالت المحكمة: إن تقدير الأدلة وترجيح بعضها على البعض من أخص خصوصيات محكمة الموضوع والمحكمة لا ترى موجباً لإجابة ذلك الطلب، لأنها قامت بتحقيق دفاع المتهمين بجلسات المحاكمة فيما زعماه من اختلاف وتضارب بين تقريرى الطب الشرعى والمعمل الجنائى، وما ورد بالتقريرين الاستشاريين وبالتحديد فى موقعى البصمة الوراثية.
وأكدت المحكمة أنه رداً على طلب الدفاع بإيداع كل من المتهمين فى إحدى منشآت الصحة النفسية لبيان مدى سلامة قواهما النفسية أو العقلية والذى يترتب عليه الإعفاء من المسئولية الجنائية، فإن هذا الطلب لا يستند إلى أى أساس جدى سوى ما أبداه الدفاع بأنه دفاع جوهرى يجب على المحكمة تحقيقه، استناداً إلى ظروف الدعوى دون إبداء أسباب له، ومن ثم فإن الراسخ فى وجدان المحكمة قيام المتهم الثانى بتقييد المجنى عليه من الخلف وشل حركته، ثم قام المتهم الأول بضربه بالطبنجة على مؤخرة رأسه حتى خارت قواه، ثم أطلق المتهم الأول عياراً نارياً على المجنى عليه بعد خمس عشرة دقيقة من هذه الحالة من التفكير والتدبير والإصرار على قتله بهذه الوسيلة وتمزيق جثته وتقطيعها إرباً بمنشار كهربائى، والتمثيل بها بحرق بعض أجزائها لإخفاء معالمها ومحو آثارها، وإلقائها فى أماكن متفرقة والتخلص من السلاح النارى المرخص للمتهم الأول بإلقائه فى نهر النيل، وكذلك اللوح الخشبى والمنشار الكهربائى والسجادة ومحاولة إزالة آثار الجريمة من عيادة الطبيب ـ مسرح الجريمة ـ بكشط باركيه العيادة والتخلص من نشارتها.
فهذه ظروف وملابسات ووقائع ارتكاب الجريمة، ليس من بينها ما يؤيد ما قاله الدفاع بشأن مرض أى من المتهمين أو إصابته بخلل نفسى أو عقلى أفقده أو أنقصه الإدراك والاختيار، ولم يذكر الدفاع أن أياً من المتهمين سبق أن شكا أو ادعى إصابته بمرض نفسى أو عقلى من قبل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة