فى 13 مايو 2004 افتتح الرئيس محمد حسنى مبارك المرحلة الثانية من مشروع "مدينة مبارك العلمية الاستكشافية"، لتسجل باسم مصر كأكبر مدينة علمية فى الشرق الأوسط، لكن "الحلو ميكملش"، فالمدينة التى كلفت وزراة التربية والتعليم الملايين لإنشائها، وما زالت تكلفها سنويا للإنفاق عليها، يظلمها موقعها الكائن فى مدينة 6 أكتوبر ويعتبره المسئولون والعاملون فيها بأنه العائق الذى يحرمنا من الاستفادة الكاملة من الإمكانيات والخدمات التى أنشئت من أجلها.
تقع مدينة مبارك التى لا يعرف عنها الكثيرون رغم مضى حوالى 8 أعوام منذ إنشائها فى 2002 بمحافظة السادس من أكتوبر قبل "دريم بارك" على مساحة 58 فدانا، تديرها وزارة التربية والتعليم وتشرف عليها وزارة الداخلية، بمجرد أن تطأ قدمك المدينة تتساءل متعجبا: "لماذا لم نسمع عن هذه المدينة من قبل؟
قالت مها أبو سبع "المدير التنفيذى للمدينة": "معظم القادمين إلينا من رحلات المدارس التى توفر لهم أتوبيسات النقل، لكن على المستوى الشعبى ما زالت المدينة غير معروفة، وعلى مستوى الإعلامى أيضا، فضلا عن مكانها البعيد"، وأضاف اللواء عادل عدلى، المسئول عن المدينة: "تهدف المدينة إلى غرس الاستمتاع بالتعلم عند الأطفال من خلال تحويل المناهج إلى تجارب تطبيقية يشاهدوها أمام أعينهم كما تقدم الدورات التدريبية للمدرسين، يدرس الأطفال من أول الحضانة وحتى كبار السن، ورغم ذلك فنحن فى حاجة إلى تعريف الناس بهذه الخدمات وتوفير وسائل للنقل، حتى لا تقتصر الاستفادة من المدينة على مالكى السيارات، وهو عكس ما نهدف إليه".
التجول داخل المدينة ينقلك إلى عالم آخر، لن تخرج منه خالى الوفاض، يكفيك عدد كبير من المعلومات العلمية التى يستحثك المدربون على "المس وتعلم"، بدأنا مع مجموعة المتاحف العلمية، التى تصور لك بالصوت والتجربة الواقعية مختلف التجارب العلمية، ففى متحف علم الفضاء تشرح القاعة نظرية الانجراف القارية، فتشاهد أمام عينيك كيف تكونت القارات لتنتقل إلى البراكين والأعاصير حتى تصل إلى المظلات الهوائية والجاذبية الأرضية، وتتعرف على أوزانك المختلفة إذا انتقلت إلى الكواكب الأخرى، وتشاهد صورتك وأنت ترتدى بدلة رواد الفضاء التى تخبرك عن نفسها وكيفية السير خارج الأرض، وتتعرف من خلال متحف العلوم المتكاملة وظائف أجهزة جسم الإنسان "الغدد الصماء – القلب – العين – الحامض النووى".
وفى المتحف الجيولوجى تشاهد كهف الصخور النارية وتتعرف على تطور العصور الجيولوجية فى تصميم أشبه للواقع، وتستمع بتاريخ العلم وتطوره وهو يلفظ أى ذكرى سيئة قد تكون خلفتها مادة الجيولوجيا فى الثانوية العامة التى ما زال يشتكى منها الطلاب حتى الآن، ومن الأرض إلى عالم البحار والحياة المائية تنتقل فى متحف الأحياء المائية إلى مختلف المناظر الطبيعية على مستوى العالم تمر عبر الشلالات وبين مختلف أنواع الأسماك والشعاب المرجانية.
اتساع مساحة المتاحف العلمية قلل من الوقت الذى تحتاجه لكى تتفحص كل ما فيها، يصطحبك مرشدون من وزارة التربية والتعليم، منهم أحمد واصل الذى يقول: "يدخل إلى المدينة يوميا رحلات من المدارس الذين يأتون لمدة يوم واحد يشاهدون فيها كل أرجاء المدينة، وهو الأمر الذى يجعلنا مضغوطين فلا نستفيض فى قضاء الوقت سواء فى الشرح أو تجربة جميع الأطفال لما يشاهدونه"، ينصح أحمد ويتفق معه باقى المرشدين على ضرورة ألا تكون زيارة المدينة مجرد جزء من رحلة أو كما يقول: "يمرون عليها فى طريقهم إلى دريم بارك"، وقال: "لو المدارس عايزة تستفيد بطريقة سليمة من المدينة تقسم رحلاتها إلينا أكثر من مرة فى السنة، ويأتى المشرف فى البداية ليتعرف على أقسام المدينة ويختار فى كل مرة قسما واحدا".
تدخل اللواء عادل قائلا: "فيه طلاب بيكونوا جايين على إنها رحلة، والمدارس الحكومية بتكون أكثر التزاما من الخاصة، مواعيدنا من 9 صباحا وحتى 3 عصرا، ولا تتعدى ثمن التذكرة 5 جنيه للمدارس و10 للأفراد".
تمتد الحديقة الاستكشافية التى تصور نماذج من الحياة الريفية والبيئات الطبيعية على يمينك بائع الفول والطعمية على عربته، وبجانبه بائع الحمص وأمامه تسبح الطيور البحرية، وتقف الحيوانات المنقرضة تعبر عن التاريخ، حتى تصل إلى محك التاريخ تنتقل فيه من الأقصر عبر معبد إدفو ومسجد السلطان قايتباى، وغرفة دفن الملك توت عنخ آمون وأخيرا كنيسة مارجرجس.
استطاع مصممو المدينة أن ينقلوا جميع ملامح هذه المبانى بكل حذافيرها حتى يحيطوك بالجو المثالى الذى تقتنع فيه بالفعل أنك موجود فى هذه الأماكن التاريخية.
كما تضم المدينة مسرحا تعليميا مجسما يعرض أفلام ثلاثية الأبعاد فى شاشة سينمائية بعرض 21 م وارتفاع 17 م تتسع إلى 270 مشاهدا فتجعلك وكأنك جزءا من الفيلم.
كانت آخر جولاتنا إلى مركز التعليم المستقبلى الخاص بالتعليم التكنولوجى والإنتاجى، يتولى التدريب فيه مدرسون من وزارة التربية والتعليم لإعطاء الدورات التدريبية للطلاب على مدار شهور الإجازة فى معامل صيانة الحاسب الآلى والإلكترونيات والطيران والتصنيع التكنولوجى والتلسكوب، وبدلا مما يحفظه الطالب فى مناهج الدراسة على ورق ويكتبه على ورق الامتحان، يقوم خلال الدورات باكتشاف ذاته وإبداعاته ويعرف أى العلوم يميل إليها.
بالصور.. جولة لـ"اليوم السابع" داخل مدينة مبارك العلمية الاستكشافية.. مدينة تستهدف ثورة علمية مستقبلية تكلفت ملايين لكنها بعيدة عن العين
السبت، 10 يوليو 2010 02:41 م
مدينة علمية لمختلف فروع العلم