السبب فى أن الإسلام أعطى الزوجة حق الطلاق خلعاً حال زواج زوجها بأخرى، هو أن الشريعة لم تعتد بتعدد الزوجات كأصل.
فالأصل فى الشريعة، غير أنه لا يترتب عليه ضرر، إلا أن قيامه لا يترتب عليه "جبر".. و"الجبر" فى الفقه يعنى إصلاح الخطأ، أو تلافى آثار حادثة سيئة لم تكن متوقعة.
التصريح للزوجة بالطلاق مع زواج زوجها بأخرى "جبر"، أو هو تعويض عن الذى حدث، ولو كان الأصل هو الزواج بأخرى، فالمعنى أن زوجات المسلمين كن مأمورات بالصبر فى هذه الحالة.. لا بالاختيار بين الاستمرار أو الطلاق.
المعنى أنه ليس للرجل فى العقيدة الصحيحة حق التعدد كأصل، والزواج بالمثنى والثلاث والرباع هو "حكم فرعى" معلق على "ظرف"، وآيات القرآن المبيحة للتعدد، إن لم تكن منسوخة، "ليست ملغاة"، فهى فى الوقت نفسه "معلقة".. ليست مطلقة لكل وقت ومكان.
الشرط فى إباحة الجمع بين أكثر من زوجة فى القرآن محدد بـ"أمهات اليتامى" خوفاً على اليتامى، لكن الذى يمارسه المسلمون من تنقل بين النساء، بدعوى الحلال، هو "تمتع جنسى" على شماعة شرعية.
بدأت آيات سورة النساء بالحديث عن حقوق اليتامى، حتى وصل قوله تعالى إلى: "وإن خفتم ألا تقسطوا فى اليتامى، فانكحوا ما طاب لكم من النساء".
فى التفسير "إن" الواردة فى الآية شرطية، ما يعنى أن شرط التعدد معلق على شرط الخوف على مصير "اليتامى" عن أب مات عنهم شهيداً أو أجيراً.
القاعدة فى الفقه، أن الحكم يدور مع العلة وجوداً وعدماً، و"العلة" هى سبب الحكم، أو ما أدى إلى ظهور الحكم، فإذا انتفى السبب أو بطلت "العلة"، سقط الحكم أو ذهب عن الحادثة، ما يعنى أن الحكم الشرعى المحكوم به لسبب.. يسقط لزوال السبب، دون الحاجة إلى تأويل.. أو نص شرعى.
آية التعدد فى سورة النساء إذاً معلقة على الاضطرار للتعدد.. خوفاً على مصير صغار لا عائل لهم وغير ذلك، فالأصل زوجة واحدة، لأنه لم يرد نص يفتح باب التسرى بالنساء، رخصة من الله.
النظرية وجيهة، ولها ما هو أكثر من ذلك فقهاً ولغة لإثباتها، مع ذلك قلب الأزهريون الدنيا على رأس د.زينب رضوان الأسبوع قبل الماضى لقولها كلاماً مشابهاً.
د.زينب هى الأخرى أهل اختصاص، ولها من الاجتهاد أجر.. وبالصواب أجران، لكن بعض مشايخ الأزهر يحتكرون علوم الدين كاحتكار سلاسل السوبر ماركت.
زينب رضوان أستاذ فلسفة إسلامية، يعنى لها فى الأصول والفروع.. وفى الناسخ والمنسوخ، ولها من العلم ما لها لنقله.. والتعامل مع النص خالصاً لله.. وابتغاء وجهه تعالى.
قالت أيضا إن كثيراً من آيات القرآن ومتون الأحاديث النبوية "يتم تفسيرها بشكل خاطئ"، وإن بعض السنة المتعلقة بأحكام المرأة التى شهرت فى القرنين العاشر والحادى عشر هجرياً، بها تفسيرات مخالفة لصحيح القرآن.. وسلامة المنطق، وهو كلام صحيح.. لكنهم لم يستوعبوها.
قبل شهرين قلب مسلمون فى فرنسا الدنيا أيضاً على رأس د.رؤوف صبرا فى محاضرة، قال فيها نفس الكلام، د.صبرا فقيه أيضاً، لكن أئمة مساجد أوروبا عادة ما يصنفون المسلمين بطريقة "الانتقاء" المعتمدة فى النوادى المصرية الراقية.
قالوا إن صبرا يحرف فى الدين، تماماً، كما ثاروا على زينب رضوان فى القاهرة، مع إن الثورة عادة لا تقتل الأفكار، والاجتهاد فى الدين لا تميته حناجر الغوغاء.. ولحى الجهوريين.
بعضنا يحب النساء، حبهم للقناطير المقنطرة من الذهب والفضة، فيتناكحون.. حتى أرذل العمر، امتثالاً لأحكام الله.. مع إن الله لم يقل ذلك.
فإذا كان التسرى بالنساء متعة، فليس من الدين لى ذراع النص القرآنى.. لتقنين رغبات بشرية كانت من هوى النفس.
مساعد رئيس تحرير جريدة روزاليوسف
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة