بعد أن سكت «ديك» الصباح عن الكلام «المباح»، والقصص والراويات فى المونديال الأول داخل «القارة السمراء» على أرض الزعيم الجنوب أفريقى نيلسون مانديلا.. وانتقل اللقب العالمى من «دولاب» بطولات الأزورى الإيطالى إلى «الماتادور» الإسبانى لأول مرة فى تاريخهم عن جدارة واستحقاق، والتأكيد على أنه أصبح لا يوجد منتخب كبير وآخر صغير، والأمر بات متروكاً للجهد والعرق داخل «حلبة» الساحرة المستديرة، كل ذلك يجعل الحلم بداخلى يزداد، بأن أرى منتخبا أفريقيا على مشارف منصة التتويج، وطبعاً الحلم الأكبر أن أجد منتخبنا الوطنى يحقق ذلك، ويرقص معه جميع أبناء القارة الأفريقية.. يا له من حلم جميل!!
بالفعل إنه حلم جميل، لكن تحقيقه أصعب، ومرتبط بعدة عوامل تفتقدها المنتخبات الأفريقية، تأتى فى مقدمتها بطبيعة الحال قلة الموارد المادية، إلا أن هذه الجزئية من السهل تداركها، إذا كانت مبادئ حب اللعبة مزروعة فى اللاعبين، والعشق للوطن بلا حدود، فهى عملية تكاملية فى كل الأحوال، فلابد أن تتوافر الموهبة الكروية فى المقام الأول، ثم الإدارة من خارج خطوط الملاعب الكروية، والابتعاد عن المجاملات الصارخة و«تميمة» الحظ التى يلجأ لها البعض.
قلة الطموح والبحث عن «الفلوس» والتمثيل المُشرف.. أسلحة كروية فاسدة للمنتخبات الأفريقية، وهى السبب فى عدم وصول أى منتخب أسمر لمنطقة المربع الذهبى فى تاريخ سجلات كأس العالم حتى الآن، فعلى الرغم من امتلاك أبناء القارة السمراء الموهبة الكروية التى تؤهلهم لمناطحة كبار اللعبة، لكن تبقى العقلية الأفريقية عائقاً كبيراً حول تحقيق ذلك فى ظل عدم الثقة الكافية فى أنفسهم، وذلك بالرغم من أن المنتخبات الأفريقية فى الناشئين، يكونون متفوقين بشكل كبير، وأبرز وأقرب دليل ما حققه منتخب شباب غانا فى مونديال كأس العالم الشباب التى أقيمت فى مصر العام الماضى، بعد أن أبهروا العالم جميعا،ً وحصلوا على اللقب العالمى من بين «أنياب» نجوم السامبا البرازيلية.
بطبيعة الحال هذا يجعلنا نضع أيدينا على نقطة هامه جدا،ً وهى أن المواهب الأفريقية تكون متفوقة من العوامل الطبيعية، لكن بمرور الوقت، يفتقد هذا من سوء المتابعة، وسوء التغذية، وغيرها من الأمور، لذا فنجد عيون «الكشافين» فى أوروبا تتجه إلى أبناء القارة السمراء منذ الصغر، أو نجد هجرة الأفارقة غير الشرعية، من أجل الوصول إلى بوابة الاحتراف الأوروبى، وعندما يتحقق نجد نجوما أفارقة يتألقون ويصولون ويجولون فى الملاعب الأوروبية، أمثال الإيفوارى ديديه دروجبا والكاميرونى صامويل إيتو على سبيل المثال.
لكن للأسف ذلك الأمر أصبح عائقاً أمام تحقيق الحلم الأفريقى خاصة أن معظم النجوم يصيبهم الغرور والثقة الزائدة التى تكون فى غير محلها، وكأن هؤلاء النجوم أصبحوا مثل الموظفين، يلبون دعوة مهمة عمل خارجية من أجل المال ليس إلا، وكأن تجربة المنتخب الغانى فى كأس العالم المنتهية، هى حالة خاصة بعد الاعتماد على النجوم الصغيرة الذين مازالوا«جعانين» كورة، لكنهم افتقدوا «المشهد الأخير» بخروجهم من دور الثمانية للبطولة على يد أورجواى بعد مباراة دراماتيكية، وهذا مايجعلنى أتساءل: متى تخرج أفريقيا من «عباءة» الأسلحة الكروية الفاسدة ؟!