محمود طرشوبى

مقاطعة الانتخابات.. ضرورة أم اختيار؟

الإثنين، 26 يوليو 2010 09:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان الفيلسوف الإنجليزى شوبنهور، فى كل يوم وهو يتناول طعام الغداء فى أحد المطاعم، يضع قطعة من العملة على المنضدة وفى نهاية الأكل يأخذها ويضعها فى جيبه، ولما تكرر الموقف سأله النادل فى المطعم عن ذلك، فقال له: فى كل يوم أراهن نفسى على أن الإنجليز لن يتكلموا فى شىء غير النساء والأسعار، وفى كل يوم أكسب الرهان.

وعلى طريقة شوبنهور فى كل عام تأتى الانتخابات وأتحدى نفسى والآخرين أنها ستكون مثل سابقاتها، وفى كل مرة أكون الفائز فى هذا التحدى، وأقرر مقاطعة الانتخابات القادمة لأنى متأكد من أن الممارسة السياسة فى الانتخابات لن تختلف فى كل مرة.

ولقد طرحت السؤال الآتى على واحد من قادة جماعة الإخوان المسلمين: هل ستقرر الجماعة دخول الانتخابات بعدما حدث فى انتخابات الشورى فى عام 2007، ثم جاءت انتخابات الشورى 2010 وحدث مثلما حدث فى عام 2007.

وبعد مرور عدة سنوات على هذا الموقف، أرى أن أطرح السؤال مرة ثانية على قادة الأحزاب وعلى قادة جماعة الإخوان، بل وأطرح السؤال على الجماهير المصرية على طول البلاد وعرضها التى تنتظر تغييراً حقيقياً فى السنوات المقبلة، سواء فى الوجوه أو فى السياسات، خاصة وأن انتخابات الشورى الأخيرة كانت البروفة الأصغر لانتخابات مجلس الشعب القادمة.

لا يشك أحد فى مصر أن انتخابات الشورى تمت بطريقة لا تنتمى للشورى بسبيل، ولا يعرف منها رائحة الانتخابات، ولم يكن نجاح من هو خارج الحزب الوطنى بمفاجأة كبيرة لأنهم ليسوا أكثر من معارضة حكومية.

إن مقاطعة الانتخابات الآن ليس نوعاً من السلبية، خاصة وأن العمل السياسى لا يقتصر على المشاركة فى الانتخابات، بل هو نوع من العمل الإيجابى باعتبار أن المقاطعة سلاح سياسى يستخدم لإجبار الطرف الآخر على احترام المبادئ والقيم التى يجب العمل بها، والتى ينادى بها كلا الطرفين، ولكن طرفاً منهما لا ينفذها.

الأمر الآخر قد يكون الاشتراك فى عملية انتخابية مشكوك فى نزاهتها هو نوع من إضفاء الشرعية على أعمال غير شرعية تتم أثناء العملية الانتخابية.

قد توصف عملية المقاطعة بأنه نوع من الجبن والهروب من الميدان السياسى، ولكن أى هروب وأى جبن، وأنا أقف فى وسط الميدان رافضاً التلاعب بصوتى، رافضاً أن أعطى تصوراً للعالم عن عملية انتخابية لا تتم حتى حسب قوانين العصور الوسطى، أى هروب وأن أرفض أن أقوم بدور المحلل فى زواج باطل فى عقده الأصلى بين الحكومة الحزبية وأفراد الحزب الذين لا يبالون تماما إن كانت المقاعد التى يجلسون عليها فى البرلمان وصلت إليهم بالتزوير أو بإرادة الجماهير.

قد يقول قائل بدلاً من المقاطعة نطالب بالإشراف الدولى، ورقابة مؤسسات المجتمع المدنى، إن الإشراف الدولى لا يصب فى مصلحة المعارضة المصرية بل يصب فى مصلحة الطرف الآخر، فعدد اللجان الانتخابية فى مصر لن يجعل من المراقبين الدوليين سوى مجرد شهود على عملية انتخابية تجرى بنزاهة أمام أعينهم، وبعيداً فى اللجان الأخرى يتم ما لا يرضى المراقبين ولا المواطنين الشرفاء، إضافة إلى وجود المراقبين الدوليين وعجزهم عن إثبات أى تزوير يجعل النظام فى أبهى صوره أمام الرأى العام المحلى والدولى. أما مؤسسات المجتمع المدنى فلا ناقة لهم ولا جمل وسيطردون من اللجان، وأكثر ما يفعلونه هو كتابة تقرير عن الأحداث ينشر فى جريدة أو كتاب من إصدار إحدى هذه المنظمات.

ومن يقول إن المقاطعة لن تجدى شيئاً مثلما حدث فى عام 1990، أقول إن الأمر قد تغير كثيراً والحراك السياسى الموجود فى مصر مع وجود الميديا الحديثة يجعل الأمر مختلفاً كثيراً عن فترة التسعينيات.

الأمر الأخير وليس آخراً فى هذا الموضوع هو أن المقاطعة ستكون نتائجها أمام الرأى العام إيجابية، فنتيجة الانتخابات ستكون أغلبية من الحزب الحاكم ومعه بعض المستقلين الذى سينضمون للحزب بالطبع مع بعض الأسماء من الأحزاب التى تسمى بالمعارضة، والمعروف عنها أنها قامت بعقد اتفاقيات بينها وبين الحزب الحاكم بإعطائها بعض المقاعد لكى تصنع صورة من صورة الديمقراطية المصطنعة داخل أروقة البرلمان، ولكن أى إيجابية فى هذا؟ إن فقدان الثقة لدى المواطن العادى نتيجة ما يحدث لهو عمل سياسى لا تستطيع أى جماعة أو حزب مهما كان ثقلها الشعبى فعله.

الأمر الآخر هو تجميع كل الجهود وتأجيلها إلى الانتخابات الرئاسية فى العام المقبل، وإبراز مرشح قوى نقف وراءه جميعاً، خاصة وإن بلدنا بلد مركزى فى إدارته.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة