الأزمة المناخية الحالية التى تشهدها روسيا وبعض بلدان أوربا، حيث أدى ارتفاع درجات الحرارة- إلى معدلات غير مسبوقة - إلى نشوب حرائق على نطاق واسع لم تقف فقط عند الغابات وإنما امتدت إلى محاصيل مثل القمح وغيره من المحاصيل الزراعية وقامت السلطات الروسية أمام اتساع هذه الحرائق إلى وقف تصدير القمح للخارج علما بأن روسيا من كبرى الدول الموردة للقمح ومصر من كبرى الدول التى تستورد القمح أدى هذا مباشرة إلى تأثر مصر حيث يؤدى هذا إلى ارتفاع أسعار الحبوب، مما يزيد التكلفة على ميزانية الدولة فيما يتعلق بفاتورة الدعم المقدم لرغيف الخبز، كما أيضا يشكل خطرا حيث إن إلغاء العقود من شأنه أن يؤثر على قدرة مصر على تقديم الخبز لمواطنيها الأمر الذى يهدد بمجاعة.
الحكومة المصرية مصرة على سياسة تعتمد بالأساس على الاستيراد لتغطية الفجوة فى نقص الحبوب فى مصر وكانت السوق مفتوحة لنا فى أى وقت نستورد بالسعر المناسب والتوقيت المناسب، أو أن هذه السوق لا تتعرض إلى مساومات أو ضغوط سياسية، رغم أن مصر منذ الثورة أدركت مبكرا أن من لا يملك رغيف خبزه لا يملك حريته، وأن توفير الاكتفاء الذاتى من الحبوب بشكل عام ومن القمح بشكل خاص هو قضية تتعلق حرية الشعب المصرى وكرامته، وهناك سوابق دولية تؤكد أن تصدير القمح استخدم للضغط على القرار السياسى، فسوريا لم تكن تحقق الاكتفاء الذاتى من القمح وتعرضت فى سنة من السنين إلى ضغوط منها وقف تصدير القمح من الولايات المتحدة الأمريكية وقررت القيادة فى سوريا أن تكتفى ذاتيا من القمح وفعلا وضعت الخطط من الخبراء وتحقق الاكتفاء الذاتى خلال ثلاث سنوات بل وصدرت بعد ذلك سوريا الحبوب لدول من بينها مصر.
وفى الحقيقة منذ سنوات وضعت خطط لتحقيق الاكتفاء الذاتى منذ أيام الدكتور يوسف والى إلا أنه يبدو أن لوبى الاستيراد نجح فى وأد التجربة وحافظ على نفس الكمية من الطلب المصرى على القمح من السوق الدولية وهو يستنفذ الخزينة المصرية ويعرض الأمن الغذائى للخطر، لا سيما أن الحجة التى تقال إنه يتم زراعة أصناف تدر عائدا دولاريا نستطيع أن نستورد به القمح كما نريد لا تصلح الآن، أولا لأن الحبوب بشكل عام سوف ترتفع أسعارها ويمكن أن ترتبط بسوق البترول بعد تحول دول منتجة للحبوب إلى إنتاج الايثلين من الحبوب الذى يستخدم كوقود للسيارات فى بلدان كثيرة ثانيا ارتفاع الأسعار فى العالم يرفع معه سعر المنتجات الغذائية ،لذلك ليس أمامنا فى مصر إلا أن نعود إلى إستراتيجية الاكتفاء الذاتى من القمح والحبوب وهى وفقا للخبراء المصريين ووفقا لوزير الزراعة السابق أحمد الليثى ممكنة ولديهم الخطط الجاهزة، فقط لو توافرت الإرادة السياسية ففى دولة مثل مصر القمح هو الرغيف الذى يسد الرمق للفقراء.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة