باسم صادق

السينما وجيل "البنطلون الساقط"

الإثنين، 09 أغسطس 2010 07:58 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أشفق كثيراً على مراهقى مصر والعالم العربى من حالة التجاهل الشديدة التى تتعامل بها معهم السينما العربية، ليس اليوم فقط بل على مر السنين، ولكن الأمر تفاقم الآن وزادت حدته مع غزو أفلام الـ 3D على السينما الأمريكية مؤخرا، ففى الوقت الذى لجأت فيه كبرى شركات الإنتاج السينمائى الأمريكى فى مخاطبة الأسرة بالكامل من خلال أفلام بعينها، مازالت الأسرة العربية لا تجد من يشحذ وجدانها ويداعب خيالها ويناقش همومها سينمائيا، لأن المنتجين العرب مازالوا يتعاملون بمنطق المواسم السينمائية والاستسهال فى تقديم الموضوعات والأفكار التى قُتلت بحثا، ونسوا أن الأسرة العربية هى الاستثمار الحقيقى، وأنه من خلالها يمكن انتشال السينما المصرية من أزمة الضياع، وهذا ما فعلته هوليوود وتوسعت فيه من خلال شركات ديزنى.. دريم ووركس، وبيكسار التى استغلت تقنية الأبعاد الثلاثية فى جذب المشاهد المراهق لتقديم كل ما يريدون من أفكار سياسية أو اجتماعية أوغيرها، وأبلغ دليل على ذلك مجموعة الأفلام التى عرض بعضها والبقية تأتى..

فمثلا فيلم "كيف تروض التنين" استطاع أن يحقق إيرادات تجاوزت 150 مليون دولار من خلال مناقشة فكرة كيفية التعامل مع الخصم أو العدو وهى فكرة سياسية بحتة، وكذلك فيلم "فتى الكاراتيه" الذى يعرض حاليا فى مصر ويجذب عددا ضخما من الأسر المصرية لسبب بسيط جدا، وهو أنه يخاطب تلك الأسر، ويداعب عقول أبنائهم من خلال فكرة الدعوة للسلام ورفض الاستسلام، والتى ناقشها عبر دخول الابن "الأمريكى" لعالم الصين أو عالم الكونغ فو الذى وجد نفسه مضطرا لمواجهته، خاصة وأنها رياضة محببة لكثير من الفتيان والفتيات فى هذه المرحلة السنية.

بالإضافة إلى مجموعة الأفلام التى سيتم عرضها تباعا مثل الجزء الثالث من قصة لعبة.. هارى بوتر فى جزئه السادس، وهى كلها أفلام مخصصة للمراهق، ناهيك عن وجود مجموعة من الممثلين الذين تخصصوا فى نوعية أفلام المراهقين، وأشهرهم على الإطلاق النجم العالمى روبن ويليامز الذى تناول فى كثير من أفلامه قضايا التعليم والعلاقة بين المدرس والطلاب، وكيف يمكن للمعلم أن يغير مفهوم الطلاب عن الحياة التعليمية بما يدفعهم للالتزام والجدية، وكذلك ناقش فكرة المشاعر الإنسانية وهل يمكن لإنسان آلى مثلا أن يحل محل الإنسان فى الحياة اليومية، وأن يحب ويتزوج ويتفاعل مع الآخرين، فى دعوة إلى استعادة المشاعر الإنسانية التى ضاعت فى زمن الرأسمالية، بالإضافة للعديد من الأدوار التى أداها بصوته فى أفلام الكارتون، كما طرحت هوليوود العديد من الأفلام التى تناقش هموم المراهقين سواء الخاصة أو حتى الأسرية.

فى مصر والوطن العربى الأمر مختلف تماما، فالأولوية فى الأغلب لأفلام الكبار من حب وجنس ورقص وخيانة وفقر، وإذا بحثنا عن فيلم عربى يناقش هموم المراهقين فلن نجد إلا تجارب قليلة جدا مثل تجربة "الآباء الصغار" لدريد لحام وحنان ترك التى لم تتعد كونها نقطة فى بحر هموم الصغار وعلاقتهم بمشاكل أسرهم، ومساهمتهم فيها بشكل فعال، وكذلك فيلم "أوقات فراغ" وإن كان محسوبا على شريحة المرحلة الجامعية، ولكن يمكن الاعتداد بها تجاوزا، فرغم نجاح هذه التجربة جماهيريا إلا أن المنتجين لم يستوعبوا الرسالة، فاستغلوا النجاح بأفلام شبابية فى اتجاه آخر تماما، وأتبعوها بأفلام من نوعية "علاقات خاصة" و"بنات وموتوسيكلات" وهى أفلام لا تمت بصلة لأفلام المراهقين، وكان الأولى أن يتوجه المنتجون إلى الأسرة، وأبنائها لمناقشة العديد من القضايا التى تجذبهم لشباك التذاكر، والقضايا لا تعد ولا تحصى مثل العلاقة بين الأصدقاء.. الحب الأول.. الفروق الطبقية بين الطلاب.. النبوغ العلمى فى المدارس وكيفية رعايتها.. تهافت المراهقين على الفيس بوك ومواقع اللعب الإلكترونية وما يمكن أن ينجم عنها من سلبيات أو إيجابيات.. جهل المراهقين بمواهبهم الحقيقية.. موضة "البنطلون الساقط" والشعر الأشعث التى باتت منهجا فكريا لكثير من الشباب، باعتبارها نوعا من أنواع التميز عن الآخرين.

إن السينما فى النهاية لا يمكن أن تكون مجرد ترفيه وفرصة لملء الفراغ والسلام، وإنما هى صناعة يجب استغلالها فى صناعة جيل، من خلال تخطيط منظم وواع يستهدف هذه الشريحة البائسة.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة