آخرة المتمة، يصف مدير مكتب وزير التعليم مظاهرات موظفى الوزارة ضد قرارات الوزير بـ"الدلع"، عنده حق، فالرجل كان ضابط شرطة ليس له فى ضجر الموظفين، مثلما يبدو أنه ليس للوزير فى إصلاح التعليم سبيل.
جاء زكى بدر لإصلاح التعليم، فأتى على الوزارة ووكلائها، ورؤساء القطاعات، وموظفى القطاعات، بينما مازال التعليم كما هو، اللهم إلا أنه منع الغياب من المدارس، تحت أى ظرف، وفى بعض المراحل يقال إن أولياء الأمور يذهبون بأبنائهم للمدارس، فى الإجازات الرسمية، خوفا من الوزير!
أزمات وزير التعليم نافست تفاصيلها أفلام الكوميديا، والوزير نفسه يتعامل كما مخرجى الدراما، الذين حكمَهم المنتجون فى رقاب الممثلين، وعمال الإضاءة، وكتاب السيناريو.
ربنا ما يحَكم ظالم فى مسالمين، لكن الذى حدث حدث، والخوف من الذى لم يحدث بعد.
السؤال الاول: ما أوجه التشابه بين وزير التعليم أحمد ذكى بدر وبين مسرحيات الإنجليزى وليم شكسبير؟
الإجابة ما يلى: أولا الاثنان يشتركان فى عدم الاكتراث، فشكسبير كان يكتب هواية، وواضح أن ذكى بدر وافق على تولى وزارة التعليم "عند".
ثانيا: فى مسرحيات شكسبير، غالبا ما تتصاعد الأحداث على كلام من "الهوا" للبطل، أو حديث بين "الشجر" والبطلة، فيتناقل الجن والملائكة معلومات، وكلام، وحركات تصل إلى "الوزير" رمز الشر فى القصة، فتوغر صدره، وتزيد حقده، فيرفت "وكلاء الوزارة"، ويغلق مكاتب مديرى المديريات بالشمع الأحمر كما فعل أحمد ذكى بدر بوكيل وزارته فى الشرقية.
فى مسرحيات شكسبير، كثير من الأحداث المتناقضة غير المرتبة، لكن غالبا ما يظهر فى النهاية للوزير، أن لا البطل كلم الأشجار، ولا هو قال الذى نقلته الملائكة، ووصل إلى ملك الملوك الذى إذا وهب لا تسألن عن السبب.
الإنجليز متمسكون بشكسبير كتراث، لكن فى العموم، لا يبجل الأوروبيون مسرحياته كما يفعلون مع بيكيت "العبثى" أو فريدريك "المتشائم".
مع الإنجليز حق، لماذا؟ لأن الفارق بين ما كتبه شكسبير، وبين ما تركه بيكيت من ثروة دراما، هى أن محاولات الأول لا تخرج عن كونها تجارب أولية لمسرح لم يكن يعرف عنه الكثيرون الكثير.
غالبا ما كان يعتمد شكسبير على المفاجآت، تماما كما يواجهنا وزير التعليم من آن لآخر، وكما يفاجئ الوزير مستشاريه من آن لآخر أيضا.
بعد "قلبان" الحال فى الوزارة، جمع ذكى بدر مسشاريه، فقد اكتشف أن التقارير التى نقلوها عن معظم قطاعات الوزارة لم تكن صحيحة، قال بدر إن الدعاوى القضائية زادت فى مواجهة الكثير من قراراته، لكن، وهو الصادق، أسقطت أحكام المحاكم كل قراراته.
المهم، يرى الوزير أن مسشاريه السبب، وهم تأسفوا، فعفا عنهم الأسبوع الماضى، وعفا الله عما سلف، فاتفقوا على أن يبدأوا من جديد، وكأن شيئا لم يكن، فلا المعلومات التى قدموها، واكتشف الوزير أنها مغلوطة تستوجب جزاء، ولا الأحكام القضائية التى توشك أن تتناول شخص الوزير نفسه، تستوجب إعادة النظر والتفكير، والتدبر فى أحوال الوزارة.
بعد الاجتماع التى وصفته مصادر بالعاصفة، عاد ذكى بدر من سفره، ليدخل مرحلة جديدة من الشد والجذب، والمناورة، والمواربة مع المتظاهرين من العاملين فى ديوان وزارته.
هو قال إن ما اتخذه من قرارات فى صالح الوزارة، وفى صالح العاملين، وفى صالح التلامذة، بينما قال المحتجون من "قطاع الكتب" مثلا إنه ليس كل ما يصل بدر من معلومات، دقيق، وقالوا إن التمائم التى يعتقد أنه سوف يفتح بها أبواب المغارة، سوف تفتح فى وجهه، ووتجه موظفو التعليم أبواب جهنم.
قالوا أيضا إن "وزارة تعليم التلامذة" لا يمكن أن تتحول إلى وزارة "مفاوضات" مع العاملين بها، وفى كل القطاعات، إلا إذا كان هناك شىء ما "غلط"، لم ينتبه الوزير، إنما الذى رد هو مدير مكتبه، قالك: "دلع"!
غريبة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة