منذ نجحت ثورة 25 يناير فى الإطاحة برئيس الدولة دون مصادمات حادة وتقديمه للمحاكمة مع بعض رموز عصره، بدأ المراقبون فى الخارج يشيدون بالثورة ويعتبرونها ثورة نموذجية جديرة بأن تحتذى. لكن هذه الثورة «السلمية» التى أنتجت هذا النموذج تحولت إلى ثورة «لعوب» بسبب الذين يتلاعبون بها بعد 11 فبراير وحتى الآن، الأمر الذى يجعل من مصر مرة أخرى نموذجا لثورة «غير مؤكدة» يصح تسميتها بالثورة «اللعوب» للتعبير عما انتهت إليه الأحوال.
والحاصل أنه على مدى السبعة أشهر المنصرمة لم يحدث أى تقدم فى السياسات التى تنتهجها الحكومة برعاية المجلس الأعلى للقوات المسلحة على طريق أهداف الثورة من حيث الشروع فى تحقيق العدالة الاجتماعية بمواجهة التضخم الاقتصادى وتشغيل العاطلين، بل على العكس نجد وزير المالية يصرح قائلا إن استمرار الدعم له عواقب وخيمة، وأنه شكل لجانا لدراسة الحد الأدنى والحد الأعلى للأجور وهذا يعنى تمويت الموضوع. ويبدو واضحا أن الحكومة لا تستطيع الاقتراب من قضية الدعم حتى لا تتهم أمام النظام العالمى الجديد بأنها تستعيد دور الدولة فى الاقتصاد الذى يتناقض مع فلسفة الحرية الاقتصادية فتحرم مصر من أى معونات خارجية.
كما لم يحدث أى إجراء للعمل على تحقيق التماسك الوطنى لمواجهة مثيرى الفتنة الطائفية الذين يرتكبون حماقات تسىء إلى الثورة التى جمعت المصريين صفا واحدا وجعلت المراقبين يستعيدون أحداث ثورة 1919. ونتيجة لهذا فقد استمر مثيرو الفتنة فى غيهم فى غيبة عقوبة رادعة توقف هذا السلوك الهجمى. ومن ملاعيب الثورة هذه الصورة غير المبشرة بالخير ألا وهى ذلك الانقسام الحاد بين الثوار وكثرة عدد الأحزاب التى بلغت أربعين حزبا و139 ائتلافا تعجز عن توحيد كلمتها، لأن كلا منها يزعم أنه الممثل الشرعى للثورة وغيره باطل.
أما المرشحون المتسابقون على كرسى الرئاسة فحدث عنهم، فلا تدرى على أى أساس أعلنوا ترشيحهم رغم عدم فتح الباب رسميا للتقدم، والذى لن يفتح إلا بعد انتهاء انتخابات مجلسى الشعب والشورى، ثم تشكيل لجنة المائة لوضع الدستور، وكل ما هنالك أن كلا منهم اكتسب لقب «المرشح المحتمل للرئاسة» أو «المبشر بالرئاسة»، وأخذوا يجوبون البلاد فى مسوح الرؤساء. ومن عجب أن سبعة منهم اجتمعوا فى مكتب وائل غنيم مؤخرا لتدارس الموقف، ولا تعرف على أى أساس تم اختيارهم دون الآخرين، ولا نعرف لماذا قبلوا مثل هذه الدعوة. إن من شأن هذا التصرف أن يؤكد الشبهات التى قيلت حول علاقة وائل غنيم رئيس المكتب الإقليمى لمؤسسة جوجل بالدوائر الأمريكية، وأن ثورة يناير وغيرها من ثورات الربيع العربى صناعة أمريكية..؟! ويدخل فى هذا تقديم الدعم المالى الأمريكى لمنظمات العمل الأهلى فى مصر بدعوى دعم الديمقراطية، والمأساة أن يقبل هؤلاء هذا الدعم دون أن يتساءلوا لماذا تقدم أمريكا مثل هذه المساعدات التى تدفعهم إلى طريق العمالة. ولعل مما يزيد الحيرة والتلاعب بالثورة عدم تحديد الفترة الانتقالية لنقل السلطة بزمن محدد ولكنها محددة بالانتهاء من إجراءات معينة: الانتخابات البرلمانية ووضع الدستور ثم انتخاب الرئيس.
وبعــد.. كلما استعدت شريط أحداث الثورة ومواقف مختلف الأطراف وجميع القوى التى تزداد يوما بعد يوم لتنقسم على نفسها، والجمود الذى أصاب الحركة السياسية، أتذكر الأوبريت الشعبى «أدهم الشرقاوى» وأحاول البحث عن بدران.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد السيد
فلا ديمقراطيه حققت و لا استقرار حفظت
عدد الردود 0
بواسطة:
تلميذتك التى تحترمك
د: عاصم أنا تلميذتك وأشعر بالفخر الأن لأنك أستاذى .... فأنت صادق فى زمن الرويبضة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى بن العاص
عبادة الاصنام