لماذا تخشون صعود العسكر إلى الحكم؟ سؤال يوجهه قطاع عريض من المصريين أصبحوا يرون فى الحكم العسكرى الحل الأكيد لمشاكل مصر الأمنية، والبديل الأمثل للأحزاب والقوى السياسية التى لا تتفق على رأى واحد، وإن كان هؤلاء يريدون سبباً واحداً يجعلنا نرفض الحكم العسكرى، فإن لدينا عشرات الأسباب نكتفى منها بالآتى:
- إن هؤلاء المطالبين بالحكم العسكرى هم أنفسهم من رضوا بحكم مبارك لعدة عقود، من منطلق أنه لا يوجد بديل، وأنه أفضل من غيره، وأنه شبع خلاص بدل ما ييجى حد يعوز يسرق من الأول وجديد، وهم أنفسهم من تعاطفوا معه بعد الخطاب الثانى، وطالبوا بأن يستكمل مدته، وهم أنفسهم من يسبون الثورة الآن، لأنها حرمتهم من النعيم الذى عاشوا فيه طوال حكم مبارك.
- إن ثورة 25 يناير كانت ضد الحكم العسكرى فى المقام الأول، فمنذ ثورة يوليو 1952 تعاقب على مصر أربعة رؤساء من المؤسسة العسكرية، وفى ظل حكمهم انحدرت مصر من سيئ إلى أسوأ فى السياسة والاقتصاد، ولم يتمكن أى منهم من قيادة تجربة مشجعة تعطى للمصريين مبررا للمطالبة بفرصة أخرى للعسكر.
- إن العسكر يحكمون بنفس منطق الحكم الدينى فإن كان الحاكم الدينى يعتبر كل مخالف له كافرا، فالحاكم العسكرى يرى كل معارض له خائناً، وهذا الأمر له ما يبرره، إذ إن عقلية العسكر مبنية على السمع والطاعة، والأوامر عندهم لا تحتمل المناقشة، والسجن الخيار الأول للتأديب، وهذه العقلية إن كانت مناسبة ومطلوبة للحياة العسكرية، فهى ممقوتة وقاتلة عندما تكون عقيدة للحكم.
- إن الجيش يجب أن يكون محايدا على الدوام، ولا نضطره للمفاضلة بين ولاءين، ولاءه للشعب، وولاءه لقائده، ولا ننسى أن هذه كانت أهم مشكلة للمجلس العسكرى أثناء الثورة، فظل طوال الوقت يبحث عن حل للمعادلة الصعبة، بحيث يستجيب لإرادة الشعب دون الإساءة لأحد رموزه، وهو وضع كان ينبغى أن نستفيد به فنسعى بكل قوة لمنع تكراره.
- إن الفكر الأمنى يسيطر على أبناء المؤسسة العسكرية، فيحكمون على كل الأمور بميزان واحد، ويحاولون السيطرة على كل الأماكن التى قد يخرج منها تهديد للأمن – من وجهة نظرهم بالطبع وسواء كان هذه التهديد لأمن الوطن أو لأمنهم شخصيا – ومن هنا جاءت محاولات السيطرة على النقابات والجامعات والأحزاب ومنظمات المجتمع المدنى طوال الستين عاما الماضية، والعجيب أن تكريس كل إمكانات الوطن لخدمة الأمن لم يمنع تعرض عبد الناصر لأكثر من محاولة اغتيال، ولم يمنع قتل السادات فى حادث المنصة، ولم يمنع خلع مبارك بثورة شعبية.
- إن التجارب المحيطة لم تسجل تجربة واحدة ناجحة للحكم العسكرى، ففى الأسفل السودان تم تقسيمه بعد انقلاب العسكر على الثورة الشعبية بمساعدة "الإخوان المسلمين فرع الخرطوم"، وإلى اليسار "العقيد" معمر القذافى دمر ليبيا وقتل الآلاف من أبناء شعبه، وحتى على المستوى العالمى لا تجد دولة واحدة متقدمة يحكمها جنرال.
- إن ضباط الجيش وقياداته منفصلون تماما عن الواقع المصرى – لاحظ أنها نفس التهمة التى يقصون بها البرادعى مثلا – ففى الفترة الماضية لم يدخل الجيش إلا شريحة معينة من ذوى القدرة المالية العالية، فضلا عما تفرضه الحياة العسكرية نفسها من انفصال عن الواقع واقتصار الحياة بين الكتيبة والمنزل، نحن نعلم أنهم يفعلون ذلك لأجلنا، لكننا نعلم أيضا أنه ينتقص من مؤهلات أى راغب فى الحكم.
- إن المجلس العسكرى وعد منذ خلع مبارك بتسليم الحكم لسلطة مدنية فى أقرب وقت، ونحن نربأ بقياداته أن يكونوا ممن "إذا وعد أخلف"، ولأن شرف العسكرى فى كلمته، وكلمة العسكرى ميثاق، وميثاق العسكرى لا يحله إلا الموت.
- إن الثورة قامت لمنع التوريث، وأنا لا أرى فرقا بين توريث الحكم من الأب إلى ابنه، وتوريثه من فريق إلى مشير.
- إن مصر لم تخض حرباً منذ 38 عاما، وعليه فإن الغالبية الساحقة لأعضاء المجلس العسكرى لا يحمل تاريخهم بطولات فى مواجهة أعداء الوطن تمنحهم الشرعية الشعبية، كما أنك لا تشعر أن من بينهم قائدا يتمتع بكاريزما خاصة تؤهله لقيادة تجربة فريدة تنقل مصر إلى مستقبل أفضل.
- أتفق مع القائلين بأن القوى الموجودة لا تصلح لقيادة المرحلة القادمة، لكننى متأكد أيضا أن قيادات العسكر غير مؤهله للقيام بهذا الدور، فإن كانت الكفتان متساويتين، فلنجنح إلى الكفة المدنية، لأنها قابلة للتعديل والمراجعة والتقويم والإقالة، لكن الكفة العسكرية يراها أصحابها ناجحة وتستحق الاستمرار حتى ولو رأى الشعب كله عكس ذلك.
هذه أسبابى لرفض الحكم العسكرى، فما أسبابكم لقبوله؟
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
نادر
هى دى مصر بعد الثورة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود المصرى
الشعب يريدها مدنية
عدد الردود 0
بواسطة:
غادة كمال
رائع.............
عدد الردود 0
بواسطة:
مهندس استشارى/ أشرف عيسى
تعليقا على مقال ابو عرب