أحسنت جامعة الدول العربية فى اجتماعها الطارئ يوم السبت الماضى الذى عُقد فى القاهرة، حينما علّقت مشاركة الوفود السورية فى اجتماعات الجامعة وجميع المنظمات التابعة لها لحين تنفيذ النظام السورى بنود المبادرة العربية التى سبق له الموافقة عليها دون تحفظات.
كما طالبت الدول الأعضاء بسحب سفرائها من دمشق وفرض عقوبات اقتصادية على النظام السورى، وطالبت - أيضًا - المؤسسات المدنية العربية بتقديم حماية عربية للمدنيين، والأهم من ذلك أنها أمهلت النظام السورى ثلاثة أيام إضافية، وتوعدت الجامعة باتخاذ مجموعة إضافية من التدابير تشمل تكليف الأمين العام بالاتصال بالمنظمات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة، لحماية المدنيين، ودعوة أطراف المعارضة السورية للاجتماع فى مقر الجامعة العربية بالقاهرة للاتفاق فيما بينهم على رؤية مشتركة لإدارة المرحلة الانتقالية، وتشكيل جبهة موحدة يمكن لمجلس الجامعة أن يعترف بها فى اجتماع طارئ آخر، يُعقد فى الرباط بالمغرب. والجامعة العربية بهذا القرار تكون قد أخذت بيد الشعب السورى، وخطت خطوة أولية على الطريق الصحيح.
والسؤال المطروح بعد رفع الغطاء العربى عن دمشق: كيف سيكون مآل الوضع فى داخل سوريا؟ هل يُرجِّح قرار الجامعة العربية كفّة المعارضة؟ وهل يُقدِّم الغطاء المطلوب للمجتمع الدولى للتحرك الفاعل كما حدث فى ليبيا؟ حتى الآن يظهر ثمَّة توازن قوى يحكم المعادلة الداخلية إلى حد استحال معه طوال الأشهر الثمانية الماضية حسم طرف للصراع على حساب الطرف الآخر. ومع ذلك فلا الشعب السورى أصابه التعب أو الملل أو اليأس، بل زاده مصير البائس القذافى بجرعة قوية من الأمل، ودفعه بقوة إلى قطع الطريق على أى حوار مع النظام السورى المجرم.
وهذا القرار العربى فتح الطريق - أيضًا - أمام الأمم المتحدة لكى تتدخل لإنقاذ الشعب السورى من براثن نظام مستبد. ولكننا نلاحظ أن موقف المجتمع الدولى فى الأشهر الثمانية الماضية لا يبدو متحمسًا لتكرار تجربة ليبيا، فلا مجلس الأمن يتوافر فيه الإجماع لقرار يكلف جهة ما حماية المدنيين عسكريّا. ولا الولايات المتحدة أو أوروبا تبدى حدّا أدنى من الاستعداد لتدخل أحادى. والأمر لا يحتاج إلى تعليل الأسباب.
ويجب التأكيد مرة أخرى أنه من الطبيعى أن تتحرك الجامعة العربية ردّا على عمليات القتل والتعذيب والمطاردة التى تتم بحق الشعب السورى. ونأمل من الجامعة العربية أن تتخذ على الأقل نفس الموقف مع النظام اليمنى المُجرم الذى يقتل شعبه كل هذه الفترة، وأفقره وأخّره لسنوات طويلة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة