أعتقد أنه من المفيد لكل القوى السياسية أن تناقش وثيقة المبادئ الدستورية وأن تتفق عليها لتشكل قواعد الحد الأدنى الذى نتفق عليه، لتحقيق قيم العيش المشترك، ولضمان الحقوق الأساسية للمواطنين، لكى تكون رسالة اطمئنان للجميع على أن الدستور يحترم كل القوى السياسية والاجتماعية والدينية وأنهم جميعًا سوف يشاركون فى عملية وضع الدستور التأسيسى للدولة الجديدة التى نتمنى أن تكون دولة سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان.
فالوثيقة التى قدمها الدكتور على السلمى فى الاجتماع الذى عقد بدار الأوبرا المصرية فى الحقيقة تضمنت نصوصًا كان من الصعب الاتفاق عليها بأى شكل من الأشكال لأنها كانت تتناقض مع قيم دولة القانون عندما نعطى لبعض المؤسسات أن توافق مسبقًا على مقترح بقانون مقدم لمجلس الشعب يخص تلك الجهة، وقد ورد هذا فى نصين، الأول المادة الخامسة التى اشترطت أن يوافق المجلس الأعلى للقضاء على أى قانون يتعلق بالهيئات القضائية، وهو ما يعد منح الهيئات القضائية الحق فى الاعتراض على التشريعات ووصمها بعدم الدستورية إذا لم توافق مسبقًا على المشروع بقانون، وتكرر ذات النص فى المادة التاسعة بالنص على اشتراط موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة مسبقًا على مشروع قانون، بالإضافة إلى نصوص تتعلق بحرية الرأى والتعبير وتقييدها بالمقومات الأساسية للدولة وهى عبارة فضفاضة تسمح بالتأويل وتعيدنا إلى ما قبل الثورة عندما توسعت السلطات فى تفسير النصوص التى استخدمت لتكميم الأفواه والحكم على كثير من الصحفيين بالحبس، وكذلك الحريات النقابية للعمال.
ورغم أنى قد اعترضت على طريقة إدارة الحوار فى دار الأوبرا وخرجت غاضبًا؛ فإنه لم يكن احتجاجًا على الوثيقة من حيث المبدأ، فأنا من المطالبين بضرورة الاتفاق على مبادئ أساسية تشكل إطارًا حاكمًا وملزمًا لكل القوى السياسية فى تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور الجديد، ولا يجب بأية حال من الأحوال أن ينفرد البرلمان بذلك، والقول بأن هذه إرادة الشعب تجلت فى البرلمان هو قول غير دقيق، فالبرلمان سلطة من سلطات الدولة الثلاث، ولا يجب أن تنفرد وحدها بوضع الدستور أو اختيار اللجنة التأسيسية وقد تعارف العالم فى أغلبه على اختيار اللجنة التأسيسية وفقًا لمعايير محددة تضمن تمثيل كل الفئات فى المجتمع فى هذه اللجنة وبشكل متساوٍ وليس بناءً على قاعدة الأغلبية والأقلية. كما أن اللجنة التأسيسية لا يجب أن تبدأ من الصفر فى وضع الدستور للبلاد، فهناك مبادئ تمثل قيمًا مشتركة للإنسانية وحقوقًا ثابتة لكل إنسان غير قابلة للتصرف ولا تخضع أيضًا للتقييم أو الاختيار وفقًا لقاعدة الأغلبية، فعلى سبيل المثال الحق فى الحياة لكل إنسان بصرف النظر عن لونه أو ديانته لا يمكن التفكير هل يضمنه الدستور أم لا، وقس على ذلك حريات الرأى والتعبير والاعتقاد والتنظيم وسلامة الجسد من التعذيب، أو حرمة الحياة الخاصة ومبادئ سيادة القانون، وعدم جواز تقييد حرية إنسان إلا وفقًا لقواعد محددة، وفى حالة القبض عليه أو احتجازه أن يعامل بما يحفظ عليه كرامته كل هذه المعايير، فضلاً على ما اتفق عليه وتوافق المجتمع من تحديد لمصادر التشريع فى مصدر رئيسى هو مبادئ الشريعة الإسلامية وكون الدولة المصرية لغتها العربية وهويتها تتحدد كهوية عربية وأنها تعترف بالديانات المختلفة وتضمن أن تطبق عليهم شرائعهم.
فإذا قبلت الحكومة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة بتعديل المادتين المختلف عليهما وهما المادتان التاسعة والعاشرة بالإضافة إلى الملاحظات الأخرى، فإننا نكون أمام وثيقة تلقى قبولاً واسعًا فى المجتمع، وهنا لا يجب أن نسأل، هل هى ملزمة أم لا، فإننا صرفنا هذا الوقت والجهد وأدرنا عددًا من المناقشات حول عدد من الوثائق، منها وثيقة الأزهر الشريف ووثيقة الحوار القومى للقوى السياسية ووثيقة التحالف الديمقراطى وغيرها من الوثائق، لكى نتفق على مجموعة من المبادئ الحاكمة للمرحلة الانتقالية، وهى يجب أن تكون ملزمة للجميع لأنها نتاج أفكار وآراء الجميع بعد أن امتزجت ووصلت إلى المشترك بينهم ولذلك فإن البرلمان الذى يمثل كل تلك القوى واللجنة التى سوف ينتخبها هى ملتزمة لا شك بهذه الوثيقة، فالتوافق عليها يمهد الطريق فعلاً لإجراء الانتخابات والجميع مطمئن إلى أن حقوقه محفوظة وأن المستقبل واضح وجلى لبناء الدولة الجديدة.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد عامر
من اختار مجموعة وضع الدستور
عدد الردود 0
بواسطة:
ســعيد متولـى
تقـول الأغلبيـة لا تضـع دسـتور . . و توافق أن تضـع الأقلية أم الدســتور
عدد الردود 0
بواسطة:
الامين محمد
التوافق
عدد الردود 0
بواسطة:
heba ahmed
الي آحمد عامر
عدد الردود 0
بواسطة:
عصام الجزيرة
الشكل والموضوع ..