بشير العدل

الانتخابات البرلمانية.. ترغيب لا ترهيب

الثلاثاء، 29 نوفمبر 2011 09:35 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
المشهد الذى ظهر به المصريون فى أداء المرحلة الأولى لانتخابات البرلمان كشف إلى أى مدى يتمتع أبناء بلادى مصر بكل مؤهلات الديمقراطية والإرادة الصلبة فى رسم مستقبلهم بيدهم لا بيد عمرو، وكشف أيضا عن زيف ادعاءات حكومات الحزب الوطنى المنحل بأنه غير مؤهل سياسيا.

فقد وجه الناخبون خلال عملية التصويت التى جرت اليوم وأمس أكثر من رسالة إلى الداخل والخارج تلخصت جميعها فى أن الشعب المصرى يستطيع أن يبنى أمجادا تضاف إلى أمجاده وأنه لا يقبل الوصاية من أحد وأنه قادر على النهوض ببلاده والتحول بها إلى الديمقراطية متى توافرت له البيئة والمناخ المناسبين.

فرسالته للداخل أنه لم يعد يقبل فرض وصاية الحاكم عليه وعلى شئون حياته أو أن يتدخل أحد فى تحديد مصيره، أما للخارج فبعث برسالة أقوى وهى أنه على قدر من الوعى الكافى بمن يعمل لصالحه ومن يعمل ضده أو يستخدمه لتحقيق أهداف استعمارية تسعى إليها قوى الإمبريالية الدولية.

وبعيدا عن الخوض فى العملية الانتخابية ومقدماتها ونتائجها فإن المشاركة المجتمعية جاءت بكل المقاييس أعلى من المتوقع ونجحت الجهات المعنية وفى مقدمتها المجلس الأعلى للقوات المسلحة ووزارة الداخلية ومعهما الشعب فى توفير مناخ ملائم لعصر الديمقراطية التى تدخل مصر فيها أولى مراحلها وكان لترغيب ودفع الناس بعضهم ببعض فى هذه الانتخابات عامل مؤثر فى زيادة نسبة المشاركة حتى وصلت إلى هذه الصورة المشرفة التى ظهرت بها الانتخابات.

غير أن أمورا شابت تلك العملية ومثلت لبنات سوداء فى بناء الديمقراطية ناصع البياض الذى يشيده المصريون لعل فى مقدمتها إصرار بعض الجهات والأشخاص التعامل مع الشعب بنظام الترهيب لا الترغيب مستخدمين أسلحة التخويف التى يشهرها بعض الطامحين إلى السلطة فى وجه المواطنين البسطاء حسنى النية الذين لا يعرفون كذب وخداع السياسة اللتين يجيدهما كل محترف لها، فقد سرت بين جموع الناخبين قضية الخوف من غرامة التخلف عن المشاركة فى الانتخابات والتى تقدر بنحو 500 جنيه واستخدمها بعض المرشحين وأنصارهم فى إرهاب الناخبين حتى أن بعضهم جعل مشاركته فى الانتخاب درءا لتلك الغرامة خاصة البسطاء الذين لا يجدون قوت يومهم والذين يعيشون على حد كفاف.

وبسبب هذا الأسلوب الذى روج له الدخلاء على الديمقراطية وأنصار "عبده مشتاق" تحولت الصورة الجميلة للمشاركة الانتخابية والتى رسمها كبار السن وذوى الاحتياجات الخاصة الذين خرجوا للمشاركة فى بناء بلدهم رغم ما لديهم من أسباب صحية تعطيهم العذر فى عدم المشاركة إلى صورة تعبر عن الخوف من الغرامة حتى أن سيده تدعى حسنية أحمد وتبلغ من العمر 68 عاما جلست تبكى فى لجنة مدرسة سراى القبة الإعدادية لا تعرف القراءة والكتابة ولا تعرف من تنتخب إلا أنها حضرت لتفادى الغرامة التى هددها بها أحد أنصار المرشحين بدائرتها ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل اضطر زوجها العليل أيضا للمشاركة تفاديا للغرامة.

مثل هؤلاء المعلولون وغير الأصحاء سياسيا لا يجب أن يرتكن إلى آرائهم فهم ما زالوا مؤمنين بشعارات رفعها الحاكم المستبد عبر العصور وهى أن "الشعب المصرى عصا تفرقه وصفارة تجمعه" وهى شعارات آمن بها المستبدون وحاولوا تصديرها للآخرين تحقيقا لأهداف سياسية مهما كان ثمنها ولو كان على حساب القيم والمبادئ.

بقيت لبنة أخرى سوداء وهى استمرار خروقات العملية الانتخابية فى لجوء المرشحين للدعاية الانتخابية أمام اللجان أو لجوء أنصارهم إلى التأثير على إرادة الناخب وتسخيرها لخدمة مرشحين بعينهم.

الانتخابات فى مجملها بلغت أعلى مستويات الرقى والحضارة ولاشك أنها تعبر عن حالة سياسية جديدة يعيشها المصريون وينبغى عدم التراجع عنها.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة