على حين يمارس المصريون حياتهم الجديدة بعد التخلص من نظام مبارك، بما فيها الاستعداد لانتخاب برلمان جديد والعمل من أجل استقرار الأوضاع فى البلاد وتحقيق التوافق الشعبى على وحدة الهدف والمصير، متجاهلين أى محاولات لشق الصف المصرى يجاهد المشتغلون بالسياسة من أجل استغلال الأوضاع لخلق أرصدة تضاف إلى حساباتهم السياسية، مستغلين المناسبات الدينية لصالح العملية الانتخابية المقرر أن تبدأ أواخر نوفمبر الجارى.
فلم تعد هناك فرصة أو مناسبة إلا ويحاول السياسيون استثمارها لصالحهم بغض النظر عن تبعاتها حتى لو خرجت من الإطار السياسى إلى الساحة الدينية التى تمثل ارتباطا بين العبد وربه.
فما شهدته ساحات صلاة العيد بمختلف محافظات الجمهورية كشف إلى أى مدى تغلبت الأهدف السياسية على العبادات، وأصبح الدين فى المرتبة الثانية أو ما بعدها، وذلك بعدما غلبت السياسية بمفهومها على أنها "فن الممكن" على سلوكيات الكثيرين من المتشدقين إلى مواقع سياسية أو كعكة انتخابية أو مكانة متقدمة فى صناعة القرار العام حتى أصبحت السياسة الشغل الشاغل حتى للتيارات التى تقول عن نفسها بأنها دينية وتسعى لتطبيق الشريعة.
وتحولت تلك التيارات الدينية التى لم تعد كلمات الجهاد والتوحيد وإعلاء شرع الله أسمى أمانيها بعد أن غلبت على أهدافها الأمانى السياسة وبدأت تتصرف وفقا لحسابات سياسية لاعلاقة لها بالدين.
فبالأمس خرجت تيارات دينية بلافتات لجذب المواطنين الذين خرجوا لأداء صلاة عيد الأضحى إلى ساحات اعتبرتها من إعدادها، وتحول العيد إلى منافسة بين تلك التيارات التى أصبحت تتسابق على الصوت الانتخابى للمواطن وليس على تقديم الخير، وهو العمل الأصيل المفترض فى تلك التيارات التى قدمت نفسها للمجتمع فى البداية على أنها جماعات دعوية.
وإمعانا فى الهدف السياسى وتأكيدا عليه قامت جماعة الإخوان المسلمين بعمل لافتات كبيرة قبيل العيد تحمل اسمها تدعو المسلمين للصلاة فى ساحاتها، كما قامت بنصب خيام فى مختلف الأماكن لتوسيع عضوية حزب الحرية والعدالة، وهو الجناح السياسى للجماعة والدعاية لمرشحيه تحت بند التعريف بالعملية الانتخابية.
كما لجأت تيارات دينية إلى أضاحى العيد وقامت بتوزيعها على كثير من المواطنين بهدف إحداث المزيد من عمليات الترويج السياسى، وإن كنا لا نشكك فى النوايا الدينية من ورائها، إلا أن الغالب هذه المرة التى تختلف عن غيره من الأعياد السابقة بأن الطابع السياسى شغل حيزا كبيرا من تحركات وأعمال تلك التيارات.
ولم تعجب تلك التصرفات تيار السلفيين الذى ترى فيه القوى السياسية عائقا فى طريق جماعة الإخوان ويصعب من مهمتها وصعودها السياسى، فقام السلفيون بمنافسة الإخوان على ساحات صلاة العيد حتى كشفت تلك الساحات عن حقيقة الصراع الفكرى بين تلك التيارات التى تقف منها القوى السياسية والحركات المطالبة بالتغيير موقف المتفرج، إما لضعف بنيانها أو لافتقادها القدرة التنظيمية والإدارية وأيضا الكفاءات التى تتميز بها بعض التيارات الدينية.
الأمر السياسى لم يتوقف عند حد التيارات الدينية التى تسعى للسيطرة على البرلمان القادم، وإنما بدا واضحا أيضا لدى من يعتبرون أنفسهم مرشحى الرئاسة القادمة الذين استغلوا أيضا المناسبة الدينية للترويج لأنفسهم، فهذا خرج ليصلى فى مسجد كذا وذاك ظهر فى ساحة ما وتحول الأمر إلى دعاية انتخابية، مستغلين المناسبة الدينية التى اجتمع عليها المصريون.
الوضع السياسى فى مصر أصبح خطيرا ويحتاج إلى إعادة النظر فى طبيعة الأوضاع، خاصة تلك التى تربط بين التيارات الدينية من زاوية وبين قوى المجتمع السياسية من زاوية أخرى والشخصيات السياسية من زاوية ثالثة، ذلك أن عدم التوافق يؤدى إلى انقسام المجتمع إلى طوائف وفرق، مما يضعف موقف أى منها بحيث لا تكون قادرة على تحقيق أى هدف.
مطلوب من اللاعبين على الساحة السياسية أن ينحوا الخلافات الفقهية والعقائدية والفكرية جانبا وان ينظروا إلى مصر على أنها نسيج واحد لا يوجد فيه ما كان يسمى بفصيلى الأمة وإنما فصيل واحد يسعى إلى الخروج بمصر من وضعها الحالى إلى ما هو أفضل من ذلك بكثير.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
amr19777
كل واحد بيفكر لنفسه ونسينا مصر