لم أتوقف كثيرا عند قراءة نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية فيما يتعلق بالنظام الفردى، والتى تجرى جولة الإعادة عليها يومى الاثنين والثلاثاء من هذا الأسبوع، ولم تزعجنى الأرقام التى حصلت عليها قوائم الأحزاب الدينية، ولم أشاطر الأغلبية دهشتها لما تحقق من نتائج سواء كانوا من المتحمسين لها او المتحفظين عليها.
ومبعث ذلك كله أننى لم أكن بالأساس لا من المتحمسين ولا من المتخوفين من صعود تيارات الإسلام السياسى على الساحة ليس حبا فى سلطتهم ولا بغضا فى سلوكياتهم، وإنما لقناعات خاصة تتعلق بمعرفة مسبقة بطبيعة وظيفة البرلمان القادم، ومن ثم دور الأعضاء فيه، ولعلم متراكم عن أداء تلك التيارات سواء ما كان مرتبطا منها بالسياسة، كما فى جماعة الإخوان المسلمين أو بالعمل الدينى كما فى التيار السلفى.
وحتى نزيل الغبار وتتضح رؤية أداء البرلمان القادم وينقشع الضباب عن مستقبل التيارات الدينية فى العمل السياسى، فإنه تنبغى الإشارة هنا إلى أن البرلمان القادم، ووفقا للمبادئ والإعلان الدستورى الذى تم إعلانه نهاية مارس الماضى لن يكون برلمانا بالمفهوم العلمى له، ولن يتمتع بسلطتى الرقابة والتشريع على أعمال السلطة التنفيذية الممثلة فى الحكومة، ولن يتم تفعيل أدواته الرقابية من أسئلة وطلبات إحاطة واستجوابات، ومن ثم يكون قد فقد وظيفة الرقابة، كما أنه لن يستطيع أن يتقدم بمشروعات قوانين لحكومة مؤقتة تنتهى بمجرد انتخاب رئيس جديد للبلاد، ومن ثم يكون البرلمان قد فقد وظيفتة الثانية، وهى التشريع، ويسبق ذلك كله أن الأعضاء الجدد يجب أن يقسموا قسم الولاء للوطن والشعب والذى كان يتلخص فى الحفاظ على الدستور والقانون ورعاية مصالح الشعب، وبعد أن سقط الدستور وأصبحت المبادئ الدستورية هى المرجعية حتى الآن فإن قسم الأعضاء سوف يكون متعلقا بالحفاظ على المبادئ الدستورية ورعاية المصلحة العامة.
وعلى ذلك فإن مهمة البرلمان القادم هى تشكيل لجنة لإعداد دستور جديد للبلاد، حتى تسير عليه الدولة مع وصول رئيس منتخب.
وفيما يتعلق بأداء تيارات الإسلام السياسى فإن المقارنة بين جماعة الإخوان المسلمين والتيار السلفى تكون ظالمة وعلى حساب السلفيين الذين خرجوا للحياة السياسية، بعد امتناع لفكر دينى تم تغييره أو ظروف سياسية أصبحت فى صالحهم، أما جماعة الإخوان فإن لديها من الخبرة ما يجعلها قادرة على السير فى الحياة السياسية، ومع ذلك فإنه رغم هذا الطريق الطويل فإن خبرتها السياسية لا تجعلها قادرة على إدارة الدولة بمفردها، وإنها سوف تسقط فى أول اختبار سياسى حقيقى وليس أدل على ذلك من الاتهامات التى وجهتها لها القوى السياسية أثناء انتخابات المرحلة الأولى من البرلمان، أو انتخابات اللجنة التأسيسية للدستور كما يحلو لى أن أسميها، فإذا كان الحال كذلك بالنسبة لجماعة الإخوان فإنه يكون أشد تعقيدا بالنسبة للتيار السلفى الذى يمثله حزب النور.
وجاءت الانتخابات البرلمانية لتضفى مزيدا من وضوح الرؤية، وتكشف أن كثيرا من القوى والتيارات السياسية والفصائل الدينية ما هى إلا نسخة مكررة من نظام مبارك وإن اختلفت الأساليب، إلا أن النتائج واحدة، ومن أسف أن الذين يتبعون تلك الأساليب لم يفطنوا إلى ان الشعب أصبح حاملا للدكتوراه فى إدارة شئونه، ولم يفطنوا أيضا إلى أن الكل ما زال يهتز فى شباك الغربال وأنهم سقطوا منه من أول هزة.
ولمثل تلك التيارات والفصائل أقول، إن الشعب المصرى لم يعد يقبل بفرض الوصاية، ولن يقبل بأن يكون له وكيل لرسم مستقبله، وأنه وحده القادر على بناء مصر الحرية والديمقراطية بعيدا عن زيف ادعاءات الذين ضل سعيهم فى الحياة السياسية وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا للشعب.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عصام الجزيرة
هذا هو عين الانقلاب على الديموقراطية ..
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب مصدر السلطات
اقسم بالله ان احافظ على الاخوان والسلفيين فى البرلمان والعسكر فى الرئاسه
هذا القسم الحديث
عدد الردود 0
بواسطة:
حسام هلال
ده حقيقي
عدد الردود 0
بواسطة:
مدحت أحمد النجار
الحرية