لم يكن يدرك الرئيس الأسبق أن الشعب المصرى قادر على تحقيق الثورة، حتى لو كان لديه قوات أمن مركزى تتجاوز المليون، ومهمتها فقط قمع المصريين، وكان لديه جهاز أمن دولة مهمته فقط حمايته هو وأركان حكمه، حتى لو كان ذلك ضد مصالح مصر العليا. نعم لم يدرك ولم يؤمن بقدرة الشعب المصرى على الثورة، وتحدى كل أشكال القمع والاستبداد.
تسجل مصر فى التاريخ الآن أول ثورة شعبية سلمية تواجه جهاز قمع من أكثر الأجهزة القمعية والاستبدادية، لم يتورع عن استخدام الرصاص الحى ليسقط أكثر من 350 قتيلا وأكثر من خمسة آلاف جريح، وسوف تكون هذه الثورة مهمة لكل الشعوب المقهورة فى المنطقة العربية، بل فى العالم، رغم أن تونس شكلت رمزا للشرارة الأولى لانطلاق الثورات الشعبية، إلا أن تأثير ثورة مصر على المنطقة سوف يكون أكبر بكثير لاسيما أن الشعوب العربية مع الثورة منذ اليوم الأول، وانطلقت الاحتفالات فى كل العواصم العربية تقريبا يوم تحقق الانتصار للثورة المصرية، وتنحى رئيس الجمهورية يوم 11/2/2011.
إن الثورة المصرية أمامها مهام جسام، فالمهمة لم تكتمل بعد. صحيح أن الخطوة الأولى كانت الأصعب، إلا أن الخطوة الثانية وهى الأهم هى بناء نظام جديد ودولة جديدة تقوم على قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، دولة سيادة القانون، لذلك رغم كل التأييد للمجلس العسكرى الأعلى لتولى المسؤولية فى هذه المرحلة، وأن ما صدر حتى الآن من بيانات كلها تعطى شعورا بالاطمئنان، فإن من المهم إصدار قرار بإلغاء حالة الطوارئ، فهذا الشعب العظيم يستحق أن يعيش بدون طوارئ، لاسيما أنه يترتب على إلغاء حالة الطوارئ الإفراج الفورى عن كل المعتقلين، سواء اعتقلوا قبل الثورة أم بعدها.
الخطوة التالية هى فتح تحقيق حول إصدار الأوامر بإطلاق الرصاص على المتظاهرين، واستخدام العنف ضد مظاهرات سلمية، والأهم فى التحقيق قرار سحب قوات الشرطة من الشوارع المصرية، مما عرّض حياة المواطنين المصريين للخطر هم وممتلكاتهم، لولا أن القوات المسلحة وجهت الشعب لتشكيل لجان شعبية لحماية أنفسهم، ورأينا قضاة ومحامين ووكلاء نيابة وأطباء ومهندسين وقفوا حراسا فى أحيائهم، وأرى فى الحقيقة أن هذا القرار كان بمثابة محاولة لإفشال القوات المسلحة لكى تجد نفسها، وهى قوات غير معدة للقيام بدور شرطى فى مواجهة حالة فوضى واضطرابات واعتداءات واسعة على منشآت وأفراد.
لقد كانت جريمة أقرب إلى الخيانة، لاسيما أنها صادرة من وزير الداخلية الذى مهمته الأولى حماية الأمن المصرى.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة