◄◄ عم مصطفى: راتبى 320 جنيهاً وكل ما أحلم به هو مكان مناسب للسكن
◄◄ غاندى المصرى: أحلم بمصر دولة تحترم العلم وتقدر العلماء
ليست الديمقراطية بمعناها الواسع، ولا الحرية بأبعادها اللامحدودة، ولا الإصلاح الاقتصادى بفوائده التى تحتاج أساتذة جامعات لشرحه، ولا النهضة والمستقبل المشرق والحياة الرغدة، ليس هذا ما ينتظره البسطاء من الثورة التى حدثت فى غفلة منهم، باتوا ومبارك رئيساً، واستيقظوا وهو مخلوع، دون أن يعلموا معنى لهذا سوى أنه قد يأتيهم بشىء ما أفضل، لا يعرفون طبيعته على وجه التحديد.
أم بدر (45) عاماً دادة بمدرسة الطلائع، تحلم بملابس لها ولأولادها وكشك حلويات يحميها من ظروف الزمن، وعندما سمعت بوجود مظاهرات فى ميدان التحرير فكرت أن تكون تلك المظاهرات فرصة للحصول على «فلوس»، فتوجهت إلى هناك لتقف وتأخذ نصيبها فوجدت شعارات منافية تماماً لما كانت تتصور، فقد وجدت الشعب يريد إسقاط النظام، وسلمية سلمية.
فى البداية لم تفهم معانى تلك الكلمات حتى سألت أحد المحيطين بها عن المقاصد من تلك الكلمات فأكدوا لها أنها من أجل حقوقنا فسألت الشاب المجاور لها (هو يابنى أنا ممكن أخذ فلوس? قال لها طبعاً ياحاجة بس خليكى واقفة)، فظلت واقفة دون أن تقول شيئا سوى أنها تريد مستقبلا أفضل لأولادها، وفى تلك اللحظة انتقلت أم بدر بابنيها إلى ميدان المعركة، على حد قولها، قائلة: عايزين حقوقنا.
تعبر أم بدر عن أحلامها بتلك العبارات: (مش عايزه من الثورة حاجة غير الستر فأنا تعبت كتير وماكنتش باخد غير 100 جنيه فى الشهر وولادى بيستلفوا هدوم من الناس ما الحالة كانت زى الزفت فى مصر، وكله بياكل كله، والغلابة مالهومش ظهر، عشان كده كنت صابرة، بس فى الآخر جُم شبابنا اللى زى الفل وشالوا الظلم، منصورة يامصر إن شاء الله أنا عايزه المسؤولين يحسوا بالغلابة من غير تكلف، مش لازم يبقى ليا واسطة عشان مايتحنيش ظهرى، فاللقمة الهنية والستر ولمة أولادى هى حلمى وعشان كده بحلم بكشك حلويات).
زينات 35 عاماً ممرضة بمستشفى حلوان العام لم تختلف أحلامها عن أم بدر فقد أشارت إلى أن أهم أمنياتها تكمن فى (اصطياد عريس) قائلة: مافيش حد لاقى عرسان، وحتى لو فيه حد هيتجوز هيدور على بنت حلوة على الفرازة بالأحمر والأخضر وده مش هاعرف أعمله، لكن بعد الثورة بقى فيه كتير شباب من الجيش فى الشارع وفرصتى فى مقابلتهم كبيرة طالما كل يوم بروح الشغل وبشوفهم، ومين عارف قبل الست شهور وقبل مايرجعوا الجبهة يمكن يكون معايا عريس، ويمكن مع الثورة الشباب المصرى يصحوا ويعرفوا انهم مضيعيين البنات معاهم طول ماهما مابيفكروش فى الجواز.
وتضيف زينات: أن معظم الفتيات عانوا لفترة طويلة من العنوسة وبالتحديد فتيات الطبقة الفقيرة، لأن معظم الأولاد يفضلون الفتيات من أصحاب النفوذ وهذا يجعل الغالبية العظمى من الفتيات فى موقف صعب فأصبح العريس فرصة نادرة لكل فتاة لذا أتمنى أن تكون الثورة فرصة جديدة لتغيير فكر الشباب والقضاء على العنوسة.
لم يتردد لحظة محمد ضياء عامل بناء فى التأكيد على أن الفرصة لا تأتى للإنسان إلا مرة واحدة، فهو حاصل على دبلوم صناعى كان من الممكن أن يؤهله للعمل فى أى مكان يضمن له عيشة جيدة إلا أن ما يتحصل عليه يومياً هو 10 جنيهات من المفترض أن يعيش بذلك المبلغ وقد لجأ إلى تلك المهنة بعد أن أغلقت فى وجهه كافة الأماكن التى من الممكن أن تتيح له فرصة عمل كريمة بعد رفع شعار الواسطة والمحسوبية للتعيين فى كل المؤسسات الحكومية ومن ذلك المنطلق تخلى عن كل أحلامه ولجأ إلى العمل كعامل بناء حتى يحقق لأمه وأخواته الأربعة أحلامهم فى لقمة العيش ويتمنى محمد بعد الثورة أن تتحقق له أحلامه بالحصول على وظيفة تمكنه من الحصول على لقمة عيش هنية له ولأسرته حتى يتمكن من تزويج أخته وتحقيق أحلامها وتقديم العمرة لوالدته قائلاً الثورة جاءت لتحقق أحلامنا معها وما جعلنى على يقين أنها وسيلة للحرية ظهور عدد من البوادر التى تؤكد أن عصر الخوف قد انتهى.
ولم تزد أحلام أم كوثر عن حلم راضية التى تحلم بعد الثورة أن تستكمل أثاث وجهاز ابنتها الذى بات شغلها الشاغل وحلمها الوحيد الذى لا تقدر على الاستغناء عنه بعدما ظلت خمس سنوات تعمل فى إحد المخابز أن تستر ابنتها الوحيدة -على حد قولها- لتؤكد أن أحلام ما قبل الثورة لابد أن تختلف عن أحلام الثورة وكأنها أعلنت حالة العصيان أو استمرار الخوف الذى ظلت به لفترات طويلة دون أن تقدر على التخلص منه بسبب ظروف الحياة اليومية إلا أنها بعد أن رأت عددا من الشباب يموتون فقدت خوفها وتمسكت بحلمها لأنها اكتشفت أن الحياة بلا قيمة دون تحقيق الحلم لذا ظلت تردد بعد الثورة شعار (لقمة عيش أمرها سهل طول مابلدنا فى عهد النصر).
نجاح إمام ممرضة أيضاً فى إحدى المستشفيات الحكومية تحصل على 200 جنيه مرتب وهى أم لأربعة أبناء ومتزوجة من سيد كان عامل دهانات ولكن حدثت له إصابة عمل نتجت عنها إعاقة وعجز عن الحركة والعمل وأصبحت نجاح هى التى تعول المنزل وتنفق على الأسرة، ونجاح لا تحلم سوى بأن تحصل على كرسى متحرك كعلاج على نفقة الدولة كى يجلس عليه زوجها ويستطيع استخدامه وقيامه ببعض الأعمال ولو كانت بسيطة حتى يساعدها فى بعض نفقات البيت وقالت نجاح إنها عندما ذهبت لتقديم طلب للحصول على الكرسى المتحرك وجدت معاملة سيئة جدا، وتضيف: كأنى لا أطلب حقى من الدولة التى عشت أخدم بها 20 سنة فى العمل بمستشفايتها وطالما ساعدت مرضى ومحتاجين، وللأسف شعرت أننى مظلومة بها أنا وزوجى وأن الدنيا التى نعيشها ليست لى أنا ولا لزوجى ولا لأولادى فهى دنيا الأغنياء أصحاب السلطة والنفوذ والنقود.
مصطفى محمد إبراهيم حلم حياته أن يعثر على عمل بالشهادة التى حصل عليها حتى يحقق ذاته ويشعر أهله أن ما زرعوه كان شيئا ذا قيمة مصطفى حصل على بكالوريوس سياحة وفنادق قسم إرشاد سياحى بتقدير جيد جداً مع مرتبة الشرف وكان من العشرة الأوائل على دفعته كما أنه يجيد أكثر من لغة، ومع ذلك حينما تخرج لم يجد عملا وحالياً يعمل فى محل قصب حتى يستطيع إكمال كورس اللغة الروسية الذى وصل فيه للمستوى الرابع من خمسة مستويات وأمله أن تنتهى المحسوبية والوسايط وأصحاب الأعمال يعطون الفرصة للشباب الجدد حتى يثبت ذاته، وهو يملك أملا كبيرا بعد الثورة أن يستفيد الجميع منها، خاصة الفقراء الذين يحتاجون إلى المساعدة الحقيقية.
عائلة الحاجة أم أحمد هى عائلة مصرية بسيطة جداً وأم أحمد هى أم لأربعة أطفال منهم اثنان معاقان هما أحمد وآلاء وهى تقول إن بعد وفاة زوجها لم يصبح لأطفالها غيرها وهم الآن يعيشون على معاش زوجها المتوفى وهو 230 جنيها شهرياً وكل ما تتمناه حالياً هو أن تقوم الحكومة الجديدة بعمل مكان يوفر للأشخاص الذين فى مثل حالتها، أى مشروع ليعيشوا منه مثل كشك مثلاً. على شرط أن يكون هذا المكان لا يعمل بالواسطة لأن -على حد قولها- واسطتها الوحيدة هو الله وهم لا يعترفون بهذه الواسطة عندهم، أما أحمد فحلمه، الآن هو مكنة معاقين بمحرك حتى يستطيع الذهاب للمدرسة ليحقق حلمه الأكبر ويصبح محاسبا، فهو فى مدرس بمدرسة تجارية الآن ولكن العجلة التى يعتمد عليها الآن غير سليمة وسأحكى لكم الكلام على لسانه (العجلة اللى أنا بستخدمها دلوقتى الجنزير بتاعها بيتفك ولما بحاول أقول للناس يساعدونى أركبها، الناس بتفتكرنى عايز منهم حاجة أو بشحت وأنا بتكسف ثم أضطر انزل من على العجلة، وبتعب جداً عشان ارجع فوق العجلة تانى، أنا نفسى فى مكنة ليها موتور عشان أقدر أروح المدرسة بس عموما الحمد لله، وأنا لما بشوف غيرى باحمد ربنا أنا بلاقى ناس ما بتشوفش خالص على الأقل أنا بقدر أعمل حاجة لنفسى) وهما عندهم أمل إن شاء الله فى اختفاء الواسطة ممكن حاجات كثيرة تكون أحسن فى البلد وساعتها هما ممكن يلاقوا مكان فى بلدهم.
عم مصطفى: أحلم بمكان معيشة آدمى!
يقول عم مصطفى عبدالسميع حارس مدرسة السيدة نفيسة الثانوية بنات، بداية ماذا تفعل الحكومة لرجل فلاح مثلى؟!!
أنا عامل وحارس بوابة مدرسة أحصل على 320 جنيهاً شهرياً بالحوافز وكل ما أحلم به هو إعطائى مكانا ملائما للمعيشة وتوفير السكن لأنى أنا وجميع أفراد أسرتى الستة نجلس فى غرفة واحدة فلا أستطيع أخذ شقة ولا حتى غرفة إيجار وعندما حدثت الثورة تفاءلت وكان مطلبى الوحيد منها هو توفير مكان للمعيشة نشعر فيه (أننا بنى آدمين) لا أحلم بفيلا ولا شقة فى عمارة هل هناك من مشكلة لو أعطتنا الحكومة لكل عامل منا غرفة خاصة به، كما أحلم بمعاملة محترمة من قبل ضباط الشرطة كنت عندما أذهب لفعل أى شىء فى القسم كنت أقابل بأسوأ معاملة وحتى تنتهى المصلحة وتتحقق، يجب أن أعطى الرشاوى لهذا وذاك، كما أضاف عم مصطفى أنى أحلم أن تشعر الحكومة الجديدة بنا وتقدر الشعب وتحترم مايعانيه الفقراء وإن كنت أطمح فى أكثر من مكان للمعيشة فإنى أحلم بزيادة مرتبى ماذا أفعل بـ320 جنيها؟ أحتاج لزيادة للعلاج ولسترة بناتى.
أما نادية بنت عم مصطفى فقالت أحلم أن تعود السلع لأسعارها الطبيعية كيلو الطماطم أصبح بـ6 جنيهات ورغيف العيش بجنيه وربع حتى (رغيف الطعمية) ارتفع بسعره وأتمنى أن يعود كما كان.
أتمنى أن عندما أسير بالشارع ألا نعامل من قبل الطبقات العليا معاملة تشعرنا بأننا أدنى منهم وأن تسود العدالة الاجتماعية بين أفراد المجتمع.
غاندى وصنع فى مصر
ثورة 25 يناير سوف تعيد لمصر اختراعات أبنائها وتعمل على زيادة كلمة صنع فى مصر، لو الاختراع مصرى، هكذا بدأ المهندس غاندى حميدة الذى تخرج فى كلية العلوم جامعة القاهرة فرع الخرطوم قسم الرياضيات والحاسب الآلى عام 1996 واستطاع أن يسجل أكثر من براءة اختراع ولكن لم يجد من يتبنى أفكاره فى بلدى وكان قد قرر أن يذهب إلى الخارج مثل الكثير من المخترعين المصريين الذين فقدوا الأمل فى تحقيق أفكارهم فى بلدهم.
وأضاف حميدة أنه يرى مستقبلا مشرقا ومتميزا بعد الثورة ويرى أن الثورة سوف تحقق له أحلامه البسيطة وهى أن يتم عمل اختراعاته هو ومن مثله من الشباب فى مصر ويتم وضع اسم مصر على هذه الاختراعات وتكون أيضاً صناعة مصرية وتنسب هذه الاختراعات لمصر فكرا وتصنيعا حتى نستطيع أن ننهض بمصر.
وفى النهاية قال إن حلمه «أن تحقق الثورة كل أفكارى فى بلدى وتكون أفكار الشباب المصرى برعاية مصرية وصناعة محلية.
نادى يحلم بالمساواة بعد 25 يناير
نادى كمال إسحق شاب يبلغ من العمر 23 سنة حاصل على دبلوم زراعة ويعمل عامل أسانسير بمركز طبى، جاء من بنى سويف إلى القاهرة بحثا عن لقمة عيش بعد أن يئس من إيجاد حياة كريمة.
تتلخص أحلام نادى فى الحصول على عمل مناسب يستطيع من خلاله بناء مستقبل جديد وشراء شقة وتكوين أسرة.
واصطدم نادى بأرض الواقع ورضى بفرصة عمل بمرتب ضئيل لا تتناسب مع طموحاته وظل يحلم بمعجزة تغير واقعه، إلى أن حدثت ثورة 25 يناير وخرج الشباب ليطالب بحقوقه المشروعة وكانت تلك بادرة أمل جديد لنادى ليحقق أحلامه.
ويقول نادى: «أنا كنت سعيدا بالثورة وشاركت بها ولم أستطع أن أصدق التغيير الذى حدث فقبل الثورة كانت أحلامى هى الحصول على وظيفة وشقة وكنت فاقد الأمل فى تحقيق هذه الأحلام ولكن الآن أعتقد أنه من الممكن تحقيق هذه الأحلام البسيطة وأصبح من حقى أيضاً المطالبة بالمساواة وعدم التمييز بين المصريين.
الستر.. لقمة هنية .. كرسى متحرك.. شقة صغيرة..وظيفة.. عريس من الجيش.. كشك حلويات.. أحلام بسطاء الثورة
الجمعة، 25 فبراير 2011 12:09 ص
هتاف ضد الأسعاروالطوابير
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة