سعيد شعيب يكتب: لا حرية حقيقية إلا إذا استطاع أى مصرى تأييد مبارك دون أن يخوّنه «حماة الثورة»

الجمعة، 25 فبراير 2011 12:09 ص
سعيد شعيب يكتب: لا حرية حقيقية إلا إذا استطاع أى مصرى تأييد مبارك دون أن يخوّنه «حماة الثورة» متظاهرون تجمعوا فى ميدان مصطفى محمود لتأييد الرئيس السابق

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ بعض الذين يرفعون شعار «الشرعية الثورية» يطالبون باستمرار الطوارئ والقبض على أبرياء

بصراحة لا يمكننا القول بأن ثورة اللوتس العظيمة قد نضجت إلا بعد أن يستطيع أى مواطن مصرى أن يدافع عن الرئيس السابق محمد حسنى مبارك دون أن يتهمه أحد بالخيانة،.

ما أقصده أن أعظم اختبار لكل طالبى الحرية وثوارها، ليس فى أن يكونوا وحدهم دون غيرهم حاصدى نعيم الحرية، ولكن أن يدافعوا عن حق خصومهم والمختلفين معهم فى الحرية على قدم المساواة.

كما أن أخطر ما فى الاستبداد، ليس المستبد، فهذا خصم واضح لا خلاف عليه، ولكن فى أن المقموعين يشبهون قامعهم، فعندما يصلون للسلطة يفعلون ما كان يفعله بالضبط.. قمع خصومهم واغتيالهم سياسياً ومعنوياً، والذين يفلتون من هذا الفخ اللعين قليلون، والذين ستجدهم أعلى صوتاً فى الأغلب الأعم هم الذين يريدون حصاد ثمار دماء الشهداء.

وحتى لا يتسرع أصدقاؤنا المتربصون، فلست عضواً فى الحزب الوطنى، ولم أستفد منه على الإطلاق، كما أننى من الذين انتقدوا سياساته الخاطئة بضراوة، ومازلت ضد سياساته وأيديولوجيته، ومن نعم الله علينا أن تكنولوجيا الإنترنت جعلت كل كتاباتى وكتابات غيرى متاحة لمن يريد ليعود إليها.

ثانياً طالبت مثل كثيرين قبل ثورة اللوتس بمحاكمة الفاسدين فى الحزب الحاكم، وهو ما أطالب به الآن، ليس على أرضية الانتقام الشخصى أو السياسى أو التشهير، ولا على أرضية تقديم قرابين للجماهير الغاضبة، ولكن على أرضية تحقيق العدل فى بلدنا، ولذلك أضيف على المطالبة بمحاسبة الفاسدين فى الحزب الوطنى، الفاسدون فى كل مكان وفى كل تيار سياسى فى بلدنا، بمن فيهم المعارضون، فلا أحد فوق القانون.

الأمر الثانى أنه ليس صحيحاً أن كل أعضاء الحزب الوطنى فاسدون، فهذه أكاذيب كبرى، فهم مثل كل جماعة سياسية فى الدنيا، فيهم الانتهازيون المنتفعون، ونسبتهم ستكون كبيرة فى «الوطنى» لأنه حزب فى السلطة وهذا طبيعى، لكن فيهم أيضاً الشرفاء الذين لم يلوثهم الفساد ولم يستفيدوا بأى شكل من الأشكال، كما أن فيهم المؤمنين بمبادئ الحزب، خاصة مع بدء دخول جمال مبارك إلى الحزب وتأسيس ما كانوا يسمونه «الفكر الجديد».

كما كان فى عضوية لجنة السياسات بشكل خاص عقول محترمة، كانوا يرون أن إصلاح البلد وتغييرها من الصعب أن يكون من خارج السلطة، فى دولة مركزية مثل مصر. وبذلوا جهداً كبيراً فى محاولة تغيير هذا الحزب العتيد.

قد يكون رأيهم خطأ بالمعنى السياسى ولكنهم ليسوا مجرمين حتى نذبحهم، بل هم شرفاء اجتهدوا لإصلاح البلد ومنهم على سبيل المثال الدكتور حسام بدراوى (استقال بعد الثورة) وله مجهود عظيم فى إصلاح التعليم ومحاربة الفساد، ومنهم الدكتور محمد كمال صاحب اجتهادات لامعة فى تطبيق اللامركزية، ومنهم أيضأ الدكتور عبد المنعم سعيد والدكتور على الدين هلال وآخرون.

ودعنى أمد الخط على استقامته وأقول إذا كان أعضاء الحزب الوطنى ليس كلهم فاسدين ومنتفعين، فالمعارضون فى بلدنا ليس كلهم ملائكة أبرار.. فليس معنى أن يعارض «س» أو «ص» نظام مبارك الاستبدادى أنه الشريف العفيف، فمثل كل جماعة فى الدنيا هناك العاطل والباطل.

هنا لابد أن أتذكر المقالة الشجاعة التى كتبها زميلنا فى «اليوم السابع» يوسف أيوب «وطنى ولا أخجل» والتى كتبها بعد ثورة 25 يناير أنه يمكنه الآن أن يعلن انتماءه بعد أن تحول «الوطنى» إلى حزب سياسى حقيقى لا يحتمى بسلطة الدولة أو الحكم.

ثم إن هناك معارضين كانوا يدافعون عن الفقراء ليل نهار، فى صحف وفضائيات وإذاعات، وهم أنفسهم الذين يسرقون عرق العاملين معهم ويعطونهم أجورا لا تكفى للمواصلات، وهناك معارضون كانوا يدافعون عن الحرية ليل نهار وفى كل الساحات، ولا يجرؤ أحد على معارضتهم داخل الصحف التى يتولون مسؤوليتها، وكان الترقى فى هذه المؤسسات الصحفية نسبته الأكبر ترتبط بالولاء لرئيس التحرير أو رئيس الحزب.

بالطبع لا أقصد التعميم، فالتعميم جريمة كبرى، للأسف يقع فيها الكثيرون الآن بقصد أو بدون قصد، والأصح للبلد أن نحكم على الناس بأفعالهم وليس بمكانهم، وأن ندرك أن كل جماعة فيها الصالح والطالح.

لذلك تدهشنى الحملة العاتية ضد كل الذين يتولون مسؤولية مؤسسات صحفية وإعلامية كانت تهيمن عليها الحكومة، رغم أننى ضد التحولات الفجة لبعضهم، وذلك للأسباب الآتية:

1 - يريد البعض ذبحهم لأنهم كانوا يروجون لسياسات العهد البائد، فى حين أن هذا البعض لم يقدم استقالته اعتراضاً على هذه السياسة التحريرية التى يرفضها الآن.. ثم لماذا لم نره يقود احتجاجاً أو اعتصاماً أو يفعل أى شىء ضد هذه السياسة التحريرية التى تعادى المصريين.. أليس هذا غريباً، وألا يجعلنا نتشكك فى أن الأمر له علاقة بأمور أخرى، مثل الاستيلاء على هذه المواقع القيادية باستخدام غطاء أنبل ثورة شهدتها بلدنا طوال تاريخها؟!
2 - أرجو منهم أن يدلونى على رئيس تحرير لا ينفذ السياسة التحريرية للمُلاك أياً كان نوع المالك (حزب/ رجال أعمال)، فالحقيقة أن هذه وظيفة رئيس التحرير.. فلماذا يقبلون أن يفعل ذلك رؤساء تحرير ويريدون ذبح آخرين؟!
3 - أعرف أن هذه مؤسسات قومية يملكها الشعب، ولكننا جميعاً نعرف أن المهيمن عليها هو السلطات الحاكمة المتعاقبة منذ تأميم الصحافة، ثم أليس من حق من يريد منهم أن يؤيد مبارك ونظامه، فكيف نطالب بعقاب مصرى على رأيه السياسى؟!
4 - إذا كانت لديهم أخطاء مهنية، فلابد من وجود لجنة محايدة من شخصيات صحفية مستقلة لتصدر تقريراً حول الأمر ويتم نشره للرأى العام وينتهى الأمر عند هذا الحد.
5 - أدعو الذين يريدون إصلاح المؤسسات الصحفية والإعلامية القومية إلى دفع نقابة الصحفيين إلى تنظيم جلسات استماع ونقاش للوصول إلى مشروع قانون بإلغاء وزارة الإعلام، وأن تصبح كلها فى كيان واحد تكون تبعيته لمجلس الشعب، وبالتالى ننهى سرقة السلطات الحاكمة فى العهود الثلاثة لهذه المؤسسات منذ تأميم الصحافة فى أوائل الستينيات وحتى الآن وتصبح مؤسسة محترمة مثل البى بى سى، وتعود فعلاً إلى الشعب مالكها الحقيقى.
6 - أما استبدال أفراد بأفراد، فهذه مصيبة، فسوف يبقى الحال على ما هو عليه، فبدلاً من مدح الديكتاتور مبارك، نمدح الحُكام الجدد.. فهل هذا تغيير؟!
وباء التخوين وصل أيضاً إلى النقابات، ولم يعد الفيصل هو أن النقيب أو أعضاء المجلس يديرون مصالح الأعضاء بكفاءة، ولكن هناك من يدير صراعاً انتخابياً متلفحاً بعباءة الثورة النبيلة.. وسأحدثكم عن نقابة الصحفيين التى أعرفها أكثر من غيرها.
أفهم جيداً أن نسعى لإقالة الأستاذ مكرم محمد أحمد لأنه لم ينفذ برنامجه الانتخابى، ولكن هل نقيله بسبب رأيه السياسى، هل يجوز هذا فى نقابة دورها أن تدافع عن حرية كل أعضائها وليس حرية البعض دون الآخر؟

وإذا أزحت الغطاء السياسى قليلاً داخل نقابة الصحفيين فسوف تكتشف أن معظم المعارضين والمؤيدين لهم الأداء النقابى نفسه، لا يوجد فرق كبير بين مؤيد ومعارض، ودعنى أعطيك أمثلة على النقيب الحالى مكرم محمد أحمد، والنقيب السابق الأستاذ جلال عارف، مع كامل الاحترام لهما:
1 - الاثنان يطبقان ذات لائحة القيد التى يعانى منها الصحفيون، والتى لا تعترف بالممارسة باباً للعضوية، ولكن بعقد العمل.
2 - فى عهد الاثنين لم ينصلح جدول الأجور ليوفر حياة كريمة، وكلاهما سعى «للشحاتة» من الحكومة لزيادة البدل، والتى تدفعه الحكومة لهم عن طيب خاطر من أموال دافعى الضرائب.
3 - فى عهد الاثنين تم تعظيم سلطة رؤساء التحرير ورؤساء مجالس الإدارات على الصحفيين، فهم المتحكمون فى دخولهم النقابة وفى الانتقال لجدول المشتغلين.

وبصراحة أنا لا أفهم شعار «الشرعية الثورية»، فهو شعار مطاط يمكن أن يتحول إلى مقصلة، ليس فقط لأعضاء الحزب الوطنى، وليس فقط للذين يتولون مواقع فى عهده البائد، ولكن لأى مواطن فى بلدنا يختلف مع ما يقوله الذين عينوا أنفسهم «حماة الثورة». فالزملاء الصحفيون والسياسيون وكل من يتبنى هذا الشعار لا يرفضون قانون الطوارئ، ويطالبون بشكل مباشر وغير مباشر بتوسيع دوائر الاشتباه والاعتقال للخصوم السياسيين، بل قال واحد من «الحماة» على فضائية مصرية إنه ليست هناك مشكلة فى القبض على مليون لنصل إلى مائة ألف فاسد!








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة