آن أوان تعلم ثقافة التحاور مع الآخر، والاستماع إلى وجهة نظر الآخر، والبعد عن القيل والقال، والبعد عن التهويل.. أشياء كثيرة لابد أن نجيد لغة التعامل بها، حتى نخرج من عباءة «الذاتية»، والبحث عن تجسيد دور البطولة فى المشهد العام داخل وطننا الكبير. فيجب أن نسعى سوياً إلى التغلب على تلك الإشكاليات التى طالما تبناها النظام السابق، والعمل جدياً على الوصول بثورة 25 يناير إلى بر الأمان، وتحقيق النتائج المرجوة من أجل مصر أفضل على جميع الوجوه.
هذه المقدمة من جانبى ليس هدفها قراءة حول المشهد الدائر حالياً فى مصر، أو ما يحدث من بقاء بعض المعتصمين من شباب الثورة النبيلة فى ميدان التحرير، أو قراءة حول ما حدث فى اليوم التالى من استقالة الفريق أحمد شفيق من منصبه كرئيس مجلس الوزراء، وتكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة الدكتور عصام شرف بتشكيل حكومة جديدة، وظهور بعض «الخيم» أمام ميدان مصطفى محمود بالمهندسين التى تقطن بها جموع غفيرة تطالب بضرورة نزول رجال الشرطة إلى الشوارع بشكل مكثف من أجل حماية الوطن، وتم تعليق لافتات بهذا المعنى، بالإضافة إلى مطالبتهم بعودة أحمد شفيق إلى منصبه، مؤكدين أنه لم يحصل على فرصته حتى يخرج بهذا الشكل.
مقصد الحديث هنا يعود إلى تخوفى من أن يتحول المشهد الجميل الذى صنعه شبابنا الواعى، إلى تفشى فكرة «التخوين» التى أكدت عليها فى مقال سابق لى بضرورة البعد عنها. فبعيداً عن اتفاقنا أو اختلافنا حول بقاء الفريق شفيق فى منصبه من عدمه، فيجب أن يكون هدفنا هو استمرار كشف كم الفساد الطائل فى النظام «المخلوع»، لضمان تحقيق القضاء على البقية الباقية من فساد العهد الزائل، ومطاردة الفاسدين الذين ينعمون بالحرية المطلقة دون حساب.
يجب أن نعى طريقة التعامل مع الموقف جيداً فى ظل تواجد بعض المناهضين للثورة والساعين إلى تكسير عظامها، حتى تتحول الأمور إلى بلطجة وحرب شوارع بين أبناء الوطن الواحد.
لابد أن كل من كان له صلة وطيدة بنظام مبارك أن يرحل، فعلى سبيل المثال سمعنا دوماً عن كم الفساد المتفشى فى اتحاد الكرة المصرى، وكم البلاغات ضد بعض رجاله بتهم التربح واستغلال السلطات، والعجيب أننا نجدهم يطلّون علينا فى المشهد الحالى وينادون بمحاربة الفساد.. صحيح على رأى مقولة ممثلنا الكبير الفنان الراحل محمد رضا فى فيلم معبودة الجماهير «عجبت لك يازمن».. فعلاً عجبت لك يازمن من استمرار مثل هؤلاء يعبثون أمام طريق الإصلاح الحقيقى الذى ينادى به أبناء الوطن الشرفاء.
بعيداً عن ذاك وذاك.. أتعجب من استمرار تلوّن بعض وسائل الإعلام الرياضى للركوب على مركب الثورة، وأنهم أول من نادوا بضرورة تواجد ثورة تصحيح، وغيرها من هذه المقولات، ونسوا أو تناسوا أنهم منذ فترة ليست ببعيدة كانوا تابعين لمؤسسات النظام السابق، واللعب على الأحبال من أجل حفنة دولارات من بقايا بعض رجال الأعمال المنتفعين من النظام الفاسد، فهم مازالوا ينتهجون منهج الرمادية فى التعامل مع المادة الإعلامية.
بصراحة كده كفاية بقى.. ألا يكفى أننا عانينا من هذا المنهج المرار والخراب فى طريقة التعامل مع أزمات الكرة فى مصر؟ ألم ينسوا ما فعلوه فى المباراة الفاصلة بين مصر والجزائر فى السودان بتصفيات كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا، وجعلوا الأمور تصل إلى شبه حرب فضائية وإعلامية وكلامية مع الأشقاء الجزائريين، وما ترتب عليه من أحداث شغب وخناقات بين الطرفين؟
ياشباب معاً لنتكاتف ونتصدى لـ«شلل» المنتفعين والمغرضين حتى لا نتحول إلى فريقين بينهما ما صنع الحداد، مثلما هو الحال فى التنافس الكروى بين ناديى الأهلى والزمالك.. ورددوا معى كلمات شاعرنا الكبير أحمد فؤاد نجم التى تغنى بها الشيخ إمام: قيدوا شمعة يا أحبة ونورولى.. رمشتين من رمش عينهم يندهولى.. من هنا سكة ندامة.. ومن هنا سكة ملامة.. سكتين يلا السلامة.. امشى فين يا ناس قلولى.. قيدوا شمعة ونورولى.