عودة الأموال المنهوبة تسدد الديون الداخلية والخارجية وعجز الموازنة

الخميس، 10 مارس 2011 10:05 م
عودة الأموال المنهوبة تسدد الديون الداخلية والخارجية وعجز الموازنة يمّن الحماقى
أحمد يعقوب - مدحت عادل - مريم بدر الدين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ خبراء يطالبون الحكومة بإجراءات سريعة ووضع خطة كاملة وجادة لاسترداد حقوق البلد
◄◄ الأموال المنهوبة تضع مصر على طريق اليابان وكوريا الجنوبية فى 10 سنوات

ماذا لو عادت أموال مصر المنهوبة من الخارج.. ماذا ستحقق وكيف سيستفيد الشعب منها؟
الناس ليسوا وحدهم الذين يحلمون بأن تجعل هذا الأموال-فى حال استردادها- من مصر يابان أخرى أو كوريا الجنوبية، بل الخبراء الاقتصاديون أيضا، والجميع يطرح تساؤلات ويضع مقترحات لتوظيف تلك الأموال فى صالح الاقتصاد المصرى.

التقديرات الأولية حسب البيانات والمعلومات المتوفرة تشير إلى أن حجم الأرصدة المطالب بتجميدها فى بنوك الخارج لكبار المسؤولين ورجال الأعمال المصريين تزيد عن 200 مليار دولار أى تساوى ميزانية مصر مرتين ونصف.

قبل الحلم والخيال والرغبة يبقى السؤال الأهم الآن هو كيف ستعود تلك الأموال وما الخطوات المطلوبة لاستعادتها.

الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادى، يطالب بتشكيل هيئة عليا أو جهاز قضائى مستقل يتم تشكيله عن طريق الاستعانة بمستشارين سابقين وحاليين ذوى خبرات وكفاءات قضائية مشهود لها، وتكون وظيفة الهيئة الأساسية هى سرعة إنجاز والتحقيق فى الشكاوى والقضايا وملفات الفساد الخاصة بمسؤولين ورجال أعمال ينتمون إلى الحقبة الماضية ومرحلة ما قبل 25 يناير، وذلك لأن مكتب النائب العام يحقق حاليا فى نحو 7000 قضية، وهو عدد هائل جدا لا يتيح سرعة إنجاز هذه القضايا فى وقت قصير.

ويضيف عبده، أن المرحلة التالية هى تجميد الأرصدة والأموال والأصول التى نهبت وتم الحصول عليها بطرق غير مشروعة، وهى حق أصيل للشعب المصرى، واستعادة هذه الأموال بالأحكام القضائية السريعة التى تصدرها الهيئة المتخصصة فى التحقيق فى قضايا الفساد، ويتم مخاطبة البنوك الخارجية والمحلية لاستعادتها.

فالمرحلة الأهم هى الثورة الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والتى تأتى بعد ثورة شعبية ناجحة حققها الشعب المصرى، وحصد خلالها مكاسب سياسية كبيرة، وتوظيف الأموال التى سوف ينجح الشعب المصرى فى استعادتها، ويقدرها، عبده، بنسبة 10% من إجمالى تلك الأموال فى إقامة مشروعات اقتصادية إنتاجية ناجحة، وهى تحتاج إلى تطبيق أساليب علمية ودراسات جدوى اقتصادية ومالية وفنية لهذه المشروعات تسهم فى تحقيق نتائج إيجابية سريعة على المدى القصير، ليشعر بها الشعب المصرى.

ويؤكد عبده، أن الوضع الاقتصادى الحالى يحتاج إلى التحرك السريع لمعالجة تشوهات المرحلة السابقة وتوظيف أموال مصر المستردة، خاصة مع الضرر الشديد الذى لحق بمصادر الدخل القومى والتوقعات التى تشير إلى انخفاض إيرادات السياحة إلى النصف من إيردات العام الماضى، والتى بلغت العام الماضى 12 مليار دولار، وفقدان أكثر من 1,5 مليون مواطن مصرى لوظائفهم فى ليبيا بسبب الاضطرابات السياسية الجارية هناك، وتحويلاتهم إلى مصر والتى بلغت العام الماضى نحو 1,1 مليار دولار، وتراجع إيرادات قناة السويس والصادرات المصرية، وتخصيص جزء من هذه الأموال لسداد أقساط مديونيات الدولة المصرية للخارج.

الدكتورة يمن الحماقى، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، تؤكد أن التوظيف الأمثل لهذه الموارد المالية الضخمة يكون فى استثمارات ومشروعات قصيرة الأجل تعمل على توفير وخلق فرص عمل جديدة لامتصاص مساحة كبيرة ومكافحة مشكلة البطالة التى تضخمت نتيجة فقدان عدد كبير من العمالة فى قطاع السياحة، لوظائفهم، والأسلوب الأمثل لتوظيف هذه الأموال هو تحقيق المبدأ الأهم الذى قامت عليه ثورة 25 يناير وهو العدالة الاجتماعية وتمكن الفقراء اقتصاديا.

وتوضح الحماقى، أن خلق فرص العمل بتوظيف الأموال المنهوبة حال استعادتها فى تمويل قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، لإقامة المشروعات الإنتاجية، والتى بدورها تدفع وتيرة عجلة النمو الاقتصادى، وأيضا تطوير المناطق العشوائية والتى تنتشر فيها البطالة بنسب عالية جدا وتفتقر إلى مستوى التعليم الجيد، عن طريق وضع تصور وخريطة جغرافية على مستوى محافظات الجمهورية لهذه المناطق وحلول لمعالجة مشكلاتها.
وتؤكد الحماقى، أن علاج هذه المشكلات، وضع منذ عقود فى مراكز الأبحاث والجامعات المصرية، وقدم فى توصيات ودراسات كثيرة، ولكنها ظلت موضوعة على الورق فقط، وحبيسة الأدراج طيلة هذه العقود، وحان الوقت الآن للإفراج عنها وتوظيفها.

وتشدد أستاذة الاقتصاد بجامعة عين شمس، على أهمية الاهتمام بالريف المصرى الذى عانى كثيرا من الإهمال، وضرورة وضع خريطة متكاملة على كافة مستويات الحكومة لمكافحة الفقر وتوفير فرص العمل للمرأة الريفية والأسر الفقيرة فى تربية الطيور والتصنيع الزراعى وتسويق إنتاج هذه المشروعات عن طريق شركات تسويق متخصصة.

الدكتور محمد عبدالحليم عمر أستاذ الاقتصاد بمركز الشيخ صالح كامل، أكد أن استعادة الأموال المهربة إلى الخارج من الممكن أن تلعب دورا كبيرا فى التخفيف من وطأة المديونيات المستحقة على الحكومة المصرية فى الداخل والخارج، والتى تراكمت على مدار الحقبة الماضية بفضل السياسات الاقتصادية التى كانت تعتمد على الاستدانة.

وأضاف عبدالحليم عمر أنه فى حالة صدور أحكام تقضى باستعادة هذه الأموال من الخارج وردها إلى الحكومة المصرية فهى تعتبر فى حكم الإيراد العام، وهو ما يترتب عليه دخولها ضمن الموازنة العامة للدولة كما هو الحال بالنسبة للضرائب التى تحصل من الشركات ورجال الأعمال بأشكالها المختلفة.

ويرى عبدالحليم أن الأموال العائدة من الخارج يجب أن توجه إلى أولوية سداد الديون الداخلية والخارجية، خاصة أن إجمالى حجم الديون الداخلية المستحقة حتى الآن يصل إلى تريليون و100 مليار جنيه، وفى المقابل يصل عجز الموازنة فى مصر إلى 200 مليار جنيه.

واستبعد عبدالحليم إمكانية الاعتماد على هذه الأموال فى مواجهة الأزمة الحالية التى بدأت فى الظهور، وهى عدم توافر الأموال اللازمة لدى الدولة لدفع المرتبات للعاملين بالحكومة، نظرا لصعوبة الحصول على هذه الأموال فى الوقت الحالى، مشيرا إلى أن هذه الأزمة ترجع إلى أن أموال دافعى الضرائب لا يمكن الاعتماد عليها لأن الإقرارات الضريبية ستقدم إلى وزارة المالية فى أواخر مارس، وأن الحصيلة الضريبية يبدأ تحصيلها فى شهر مايو ويوليو.
ومن جانبه أكد الدكتور عبدالمنعم المشاط الخبير الاقتصادى، أن الحكومة يجب عليها أن تضع سيناريو يضمن كيفية الاستفادة من هذه الأموال فى بناء الاقتصاد المصرى وفقا لسياسة واضحة.

وقال المشاط إن هذا السيناريو يجب أن يضع فى صدارة أولوياته وضع برامج تمويلية لتشغيل الشباب فى المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وذلك للاستفادة من طاقة الشباب واستيعابها بما يعود بالنفع على المصلحة العامة للبلاد.

وأضاف المشاط أن سداد الديون الداخلية والخارجية يجب أن يكون أحد أبرز هذه الأولويات من أجل إزالة الأعباء المالية التى خلفتها السياسات الاقتصادية الخاطئة للحكومة فى السنوات العشر الأخيرة.

الخبير الاقتصادى محمود عبدالحى مستشار معهد التخطيط القومى يرى أن حجم الأموال المهربة والمنهوبة خارج مصر لا يمكن تقديره بالتحديد وخاصة أن جزءاً من هذه الأموال فى شكل عقارات وأصول وأراض فى الدول التى تم تهريب تلك الأموال لها، فهناك تقديرات تقدرها بـحوالى 3 تريليونات دولار وفقاً لتقديرات لجنة استرداد أموال مصر المنهوبة من الخارج والتى شكلتها مجموعة من المحامين المصريين، مشيرا إلى أن هناك تقديرا بأن جملة المبالغ المنهوبة تصل لأكثر من 70 مليار دولار وفقاً لتقرير هيئة السلامة المالية العالمية الصادر فى أكتوبر من العام الماضى 2010 وهى منظمة أمريكية قال التقرير أن حجم الأموال المهربة من إفريقيا وصل الى 210 مليارات دولار نصفها من ثلاث دول هى: مصر والجزائر والمغرب نصيب مصر وحدها 70 مليار دولار مشيراً إلى أن معدل زيادة تهريب الأموال يصل لأكثر من 11% سنوياً، قائلا «أياً كانت الأرقام أو أياً كان اختلافها واختلاف تقديراتها والجهات المقدرة لها تظل هناك حقيقة واحدة ومؤكدة هى أن هناك مليارات منهوبة ومهربة والسؤال هو: هل يمكن استرداد تلك الأموال؟! وكيف يمكن استردادها؟».

وأضاف إنه عند استرداد هذه الأموال يمكن أن يتم عمل مشروعات كبيرة تستوعب كل طاقات الشباب الذى فجر هذه الثورة العظيمة، بالإضافة إلى استكمال عدد من المشروعات المؤجلة بسبب فساد النظام السابق وعلى رأسها مشروع ممر التنمية، مشيرا إلى أنه بقوة الشباب التى تم اكتشافها فى ميدان التحرير وبمساعدة هذه الأموال ستتحول مصر وفى أقل من عشر سنوات إلى يابان ثان.

ومن جانبه قال دكتور سمير طوبار أستاذ الاقتصاد بجامعة الزقازيق أنه يخشى أن يكون قد فات الأوان لاستعادة الأموال المنهوبة التى تحصل عليها الرئيس المصرى السابق حسنى مبارك وأسرته، وبعض أعضاء الحكومة السابقين، وقيادات من الحزب الوطنى، التى تم تهريبها للخارج، معرباً عن خشيته أن تتعامل الحكومة المصرية مع هذه القضية بالروتين المعهود والبطء، مضيفا أن طرق استعادة الأموال المنهوبة تختلف، فالمودعة فى بنوك أو مؤسسات مالية مصرية، تختلف عن التى أودعت فى بلدان عربية، أو أجنبية وقعت معنا اتفاقات ثنائية فى هذا الصدد، والتى لا نرتبط معها بمثل هذه الاتفاقات، فإذا كانت الأموال داخل مصر تسترد بناءً على ولاية الجهة الآمرة (النائب العام) من دون الرجوع لأى جهة أخرى، وهذه الأموال غالباً ما تكون بسيطة.

أما إذا كانت هذه الأموال مودعة فى دولة عربية أو أجنبية نرتبط معها باتفاقات ثنائية، فيتم استردادها بعد مخاطبة النائب العام للخارجية المصرية، ومخاطبة الخارجية لهذه الدولة وطلب تجميد الأموال، ثم يتم الاتفاق على طرق ووسائل استردادها.أما إذا كانت الأموال المهربة تم إيداعها فى إحدى الدول التى لا نرتبط معها باتفاقات، فيخضع الأمر للمساومة، وفى غالب الأمر لا يمكن استرداها.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة