الأغلبية من الرياضيين المخلصين لبلدهم أولا، ولألعابهم ثانيا، وللأخلاق والروح الرياضية ثالثا، مستاءون وغاضبون حتى النخاع من استمرار المهندس حسن صقر رئيس المجلس القومى للرياضة (التابع الأمين للمهندس أحمد نظيف رئيس الوزراء فى العصر البائد) حتى الآن.. ولعله الأوحد من المدنيين الباقى فى منصبه بعد حملة التطهير الشاملة التى قصفت برؤوس الفساد بداية بالرئيس السابق حسنى مبارك، ونهاية برئيس الوزراء السابق الفريق أحمد شفيق.
استمرار حسن صقر فى موقعه رغم تورطه المؤكد ضمن أهل الفساد فى زمن مبارك وحكومة نظيف، لا يعنى أبدا أنه مقبول أو أنه قد أفلت من مقصلة التغيير، وما يتبعها من تطهير وتحفظ وحجز ومحاكمة وإدانة وطرد أو غيره.. ولكن استمراره يعنى وببساطة أنه أقل حجما وقدرا ودورا وتأثيرا من أن ينظر أحد المسؤولين الكبار إليه فى وقت تتأجج فيه مصر بمشكلات واضطرابات وفتن وثورة مضادة يرتبها ويمولها فلول نظام فاسد ينتمى إليه حسن صقر.
ولو كان أحد من المسؤولين الكبار فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة أو فى مجلس الوزراء يخشى من أى أفعال أو مؤامرات أو من دور سلبى مؤثر لحسن صقر لأطاحوا به فورا.. ولكنه أضعف وأصغر وأقل نفوذا من أن يفعل شيئا سلبيا بعد أن عجز دهرا أن يفعل شيئا إيجابيا.
ولعلنى أتذكر قصة رجل اكتشف خيانة زوجته فسارع للخلاص منها وسط معارك وصدامات عنيفة معها ومع أهلها، ولا يلتفت بالطبع فى تلك الحالة هل ابنه يذاكر أو لا، أو أن ابنته تغسل أسنانها قبل النوم أو لا.. من يتورط فى هموم كبرى لاينظر أبدا إلى الصغار والصغائر.
استمرار صقر فى مكانه مسألة وقت ليس إلا.. وفور هدوء الأوضاع واستتباب الأمن وعودة الشرطة إلى سابق عهدها وعافيتها سيتفرغ رئيس الوزراء المحترم عصام شرف لتنظيف الجيوب الباقية من الزمن البائد.. وصقر فى قائمة الذين سيشملهم التطهير.
الطريف والمحزن أن صقر عاكف منذ شهر على مصالحة كل من يعمل فى المجلس القومى للرياضة بالترقيات ورفع المرتبات وزيادة الحوافز (طبعا مش من جيبه ولا من عزبة أهله) ولا مانع بالطبع من حزمة تعيينات لأبناء العاملين فى المجلس الذين رفضهم مرارا فى فترات الفساد البائد.. ولكنه عاد واكتشف أنه كان غلطان فى عدم تعيينهم وفى تجاهل ترقيات العشرات فى المجلس لحساب أصحابه ومعارف كبار رجال الدولة الفاسدة.. وصقر يسعى جاهدا لإصلاح ما يظهر ويطفو من مخالفات وانحرافات فى الاتحادات الرياضية، بعد أن تستر عليها بل ساندها وحرض عليها طويلا عبر ست سنوات من الانهيار والتدنى.. ووصوله إلى حد التخاذل والإطاحة برئيس اتحاد رفع الأثقال محمود شكرى فى أعقاب محاولة يائسة وفاشلة لإبقائه دليلا دامغا أنه مستعد للإطاحة بذراعه اليسرى، والبقاء على قيد الحياة بذراع واحدة مقابل بقائه فى منصبه.
الجديد فى المجلس القومى خلال الشهر الماضى أن صقر وبلتاجه تقاضيا وللمرة الأولى منذ ست سنوات أقل راتب ومكافآت فى تاريخهما مع المجلس.. وهو ما يسرى أيضا على كبار المديرين للشؤون المالية والقانونية والإدارية والخططية والخزعبلية والتهريجية والفسادية والنهبية والتآمرية والمهلبية.. وهو ما يوفر أكثر من مليون وثلاثمائة ألف جنيه شهريا للدولة وللمجلس.. والجديد أيضا أن شوال الفلوس الذى اعتاد الخروج سرا وتحت جنح الظلام من المجلس الرياضى إلى دولة أمن الدولة لم يخرج هذه المرة.. وهى فرصة لتوفير مائة ألف جنيه تسند الموقف وتساعد فى رأب الصدع وإسكات المعارضة وأقولها واضحة وبصوت عال وعلى مرأى ومسمع من الجميع: إن كل ما يفعله حسن صقر من إصلاحات جاء متأخرا جدا تماما مثل ما فعله زين العابدين بن على رئيس تونس السابق عندما قال لشعبه (فهمت) وهرب بطائرته إلى السعودية بعد ساعات.. أو ما فعله مبارك فى خطابه الخايب مساء الخميس قبل أن يتنحى مساء الجمعة.
حسن صقر راحل راحل.. ولن يكون له مكان خلال أسابيع وعلى الأقصى شهور معدودة، تعود خلالها الأوضاع الطبيعية.. ويجىء الوقت الذى يفكر المسؤولون فى الرياضة وشجونها وسيكون قرارهم الأول وبلا تردد الإطاحة بآخر رموز الفساد من العصر البائد المنحل.
إلى كل المخلصين من أهل الرياضة (خبراء وإداريين وحكام ومدربين ولاعبين ومسؤولين بل وجماهير أيضا) اطمئنوا.. فحسن صقر زائل زائل.. مصر تتطهر نحو الأفضل والأنظف.
ولا مكان لأحمد نظيف ورجاله المسعورين الذين عاشوا فى أجواء الانحراف ونهبوا أموال الشعب ليبقوا أو يتحكموا مجددا فى مصائر المواطنيين الشرفاء.. وحسن صقر آخرهم.
انتظروا.. الأيام القادمة أجمل وأفضل وأنقى.