قالت الدكتورة زبيدة عطا الله، أستاذة تاريخ العصور الوسطى، بكلية الآداب جامعة حلوان، أن ثورة البشموريين التى قام بها الأقباط ضد الحكام العرب، لم تكن بغرض طرد الإسلام، والمسلمين، ولم تكن ثورة على الإسلام، وإنما كانت بسبب استفحال الظلم وزيادة أعباء الضرائب.
وأكدت عطا الله خلال الندوة التى أقامتها لجنة التاريخ صباح اليوم بالمجلس الأعلى للثقافة، حول الشخصية المصرية بين الخضوع والثورة، أن المصريين المسلمين شاركوا فى أحداث هذه الثورة جنبا إلى جنب مع البشموريين، مؤكدة على أنهم تعرضوا أيضا للظلم من ولاة الخلفاء العباسيين على مصر، مثلهم مثل المسيحيين.
وأشارت عطا الله إلى أن الثورات لم تبدأ مع الفتح الإسلامى لمصر، مؤكدة على أن العلاقة بين الولاة المسلمين، والمصريين جيدة، لكن فيما بعد، بدأ العرب يشعرون أنهم طبقة مميزة، عن البلاد المفتوحة، وقالت عطا الله: وتسبب ولاة الخلفاء فى الإساءة إلى الناس سواء كانوا مسلمين أو أقباط، وهو ما يعنى أن الإسلام برىء من أن يكون سببا لهذه الثورات، قائلة "محمد أرسل هاديا وليس جابيا".
وأشارت عطا الله إلى أن هناك فترات فى التاريخ الإسلامى حدث فيها ضغط شديد على المصريين، وتحديدا أول ثورات القبط فى عهد الخليفة هشام بن عبد الملك، الذى كان يعرف الله عن طريق الإسلام حسبما يقول المؤرخين الأقباط أنفسهم، ولكنه عين واليا على مصر، وتسببت سياساته فى اندلاع الثورة من المسلمين والأقباط معا، مما جعل هشام بن عبد الملك ينفيه إلى إفريقيا.
وقالت الروائية سلوى بكر فى مداخلة لها فى الندوة، أن السبب الرئيسى لثورة البشمورى، هو جهل العرب الحاكمين لمصر، حيث لم تكن مصر دولة عربية مسلمة، وإنما كانت دولة يحكمها العرب المسلمون، وكانوا جهلاء بالنظم الزراعية المتبعة، فى مصر منذ الفراعنة، وكانت جزءا من ريع الأراضى الزراعية، يعاد للأرض نفسها من أجل تطهير الترع، وخلافه، والقبائل القيسية واليمنية، انتفضت مع الأقباط، لأنها رفضت استكمال الفتح العربى الإسلامى تجاه الغرب، لذلك فرضت عليها ضريبة الأرض الزراعية، كما تفرض على الفلاحين الأقباط.
وتحدث الدكتور أبو اليسر عبد العظيم فى الندوة عن الثورات التى قام بها المصريون فى عهد البطالمة، مشيرا إلى أن الكهنة المصريين كانوا يحرضون عليها، من أجل مصالحهم الخاصة، وليس من أجل أبعاد قومية.
وأشار أبو اليسر إلى أن المصريين كانوا يلجأون إلى نوع من الاحتجاج ضد الإدارة فى مصر فى العصر البطلمى، ولم تأخذ هذه الاحتجاجات الشكل الثورى بالمعنى الذى حدث مؤخرا فى مصر، وفى العصر اليونانى احتج المصريون على النظم المالية الجديدة، ولم يكن المصريون قادرين على مواجهة السلطة الرومانية بشكل مباشر، لذلك كانوا يؤيدون كل من هو على خلاف مع السلطة المركزية فى روما.
وقال أبو اليسر: لكن المصريين لم ينظموا ثورة بشكل مباشر، رغم أن الظلم والطغيان كانا مستمرين، طوال فترة الحكم الرومانى، حتى بعض القرى ماتت تماما، حيث هجرها سكانها، وكانت هناك برديات تنقل أخبارها حتى سنوات معينة من تاريخها، حتى انقطعت أخبارها تماما، فالمصريون كانوا يقاومون مقاومة سلبية، مستخدمين الأدب، الذى صور بطولات السكندريين، وحط من شأن الرومانيين.
فيما أكد الدكتور أحمد زكريا الشلق على أن المصريين فى زمن بونابرت لم يمتلكوا أسلحة، ولكن الفرنسيين قالوا أن إقامتهم فى مصر كانت جحيما بفضل مقاومة المصريين.