لا شىء يفرح فى هذه الأيام، بادرتنى إحدى صديقاتى بتلك الجملة، فأجبتها.. لا تقولى ذلك، فالأمل موجود، قد يكون بكره أحلى من النهارده، فالاحتمالات قائمة. قلت لها ذلك فى محاولة لبث الأمل فى نفسها، ولن يبدو أن إحباطى الداخلى خذلنى أنا الأخرى، وكيف لى أن أعرف معنى الفرح والتفاؤل، وكل يوم أستيقظ على خبر حزين، ويفوق الخيال فى أحيان أخرى.
محمود خليل
وأول هذه الأخبار ما تعرض له زملائى وأساتذتى فى كلية الإعلام جامعة القاهرة من إهانات وسحل واعتداء، ولا أفهم كيف يتم اقتحام جامعة القاهرة من قبل الشرطة العسكرية، وهو الحدث الفريد والذى لم يتكرر منذ أكثر من مائة عام، وكيف أشعر بالتفاؤل وأستاذى د.محمود خليل تعرض للإهانة والسحل، ولم يراع أحد ظروف إعاقته، وهو الذى يعد أصغر أستاذ حصل على الدكتوراه من جامعة القاهرة فى التسعينيات من القرن الماضى، وطالما كان من أفضل المحاضرين، والأكثر قربا من الطلبة على مر الأجيال، وكان يغرس فى نفوسنا الكثير من معانى العزة والكرامة وحب البلد، رغم شعوره مثل المصريين بمرارة من النظام السابق، لكنه كان يتغلب على ذلك بحثنا جميعا على السعى الدائم للمعرفة، وضرورة أن يكون كل منا صاحب رؤية ووجهة نظر، ونفس الحال بالنسبة للدكتور أشرف صالح، والدكتور شريف درويش، وبأى منطق تتم إهانة أساتذة الجامعة، وتحديدا أساتذة كلية الإعلام، الذين من المفترض أنهم يخرّجون قادة الرأى فى مجالى الصحافة والتليفزيون، والمفارقة أن الجريمة التى ارتكبوها هى التعبير عن رأيهم، والاعتصام السلمى، حيث يطالبون بضرورة استقالة عميد الكلية الدكتور سامى عبدالعزيز، الذى هو أستاذى أيضا وأعتز به.
وقد يكون المجلس العسكرى يشعر بضغوط كثيرة، وباتت الاعتصامات الفئوية والطلابية تمثل ضغطا أكبر، ولكن كان عليهم التعامل مع طلبة وأساتذة كلية الإعلام بمنطق مختلف، يقوم على الحوار وليس العنف، لأن ما حدث استفز الكثيرين حتى الذين كانوا يخالفون الطلبة الرأى ويرون أن عليهم الانتظار قليلا لحين استقرار الأوضاع.
أحمد نصر الدين
أحمد نصر الدين هو كاتب شديد الموهبة، ومن هؤلاء الذين ظلموا فى مصر، ولم يجد فرصة حقيقية للتحقق، لذلك رحل إلى دبى، وعمل كباحث لفترة فى شركة «هوت سبوت»، تاركا وراءه أحلاما كبيرة، كان همه أن يحقق ولو جزءا ضئيلا منها، ولكنه عاد مسرعا وترك وراءه كل شىء بمجرد أن اندلعت ثورة 25 يناير، لأنه لم يتخيل أن يكون بعيدا عن «مصره»، وانطلق بحماس وبراءة شديدة فى شوارع مصر، يراقب ويتابع، ودائما ما كنت أشعر بأنه يريد أن يحتضن شوارع مصر وحواريها.
أحمد وزوجته الصديقة العزيزة حنان كمال، تركا دبى وتشاركا الحلم فى مصر جديدة، وتركا كل الأشياء وراءهما، ولكن القدر كان لهما بالمرصاد حيث انقلبت السيارة بالاثنين، وهما فى طريقهما إلى المطار فى رحلة العودة مرة أخرى إلى دبى، وفى ذهنيهما أفكار كثيرة للعودة مرة أخرى والاستقرار فى مصر.. والحمد لله حنان بخير، ولكن أدعو الله أن يستفيق أحمد من غيبوبته، ويعود سالما ليمنح الحياة حياة بروحه المتفائلة.> >
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة