البلطجة والطائفية والاعتداء على القانون والاعتصامات والأسعار والفقر.. عوامل تهدد المستقبل

ثورة وصاحبها غايب

الخميس، 31 مارس 2011 09:16 م
ثورة وصاحبها غايب الثوار فى ميدان التحرير.. أيام الغضب
أكرم القصاص - تصوير: أحمد معروف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الأزمات تحتاج إلى مواجهة حاسمة، ووضوح رؤية، ومصارحة، وأدوات علمية لمواجهة هذه الأزمات، وإلا تضاعفت وأدت إلى تصادمات وأزمات أخرى تصعب مواجهتها.

كانت أهم أهداف ثورة 25 يناير هو إسقاط النظام السابق برئيسه ومؤسساته وأحزابه وفساده وإقامة نظام جديد يقوم على الحرية والعدالة، شارك الملايين فى الثورة وأيدهم آباؤهم من الشعب المصرى، الشعب الذى بدا متفائلاً بثورة تصنع واقعاً جديداً ومستقبلاً أفضل للبلد الذى عانى تحت حكم الأعوام الثلاثين من الجمود والفساد والقمع والتمييز بين المواطنين.

وبعد تنحى الرئيس السابق عن الحكم بدأت أحلام الناس فى الصعود، لكن بدت فى الأجواء تحركات وخطوات تسير عكس الاتجاه، وتحركت تنظيمات وأفراد وجماعات تريد النيل من الثورة وعرقلتها، والثورة المضادة لم تكن فقط فى فلول النظام السابق أو الحزب الوطنى وبقايا جهاز أمن الدولة المنحل، لكنها تمثلت فى قطاعات من الخارجين على القانون استخدموا الحرية فى ممارسة البلطجة والبناء على الأراضى الزراعية بعد تبويرها، وتقدر مساحة الأراضى الزراعية التى تم الاعتداء عليها بحوالى 200 ألف فدان تخصم من ثروة مصر فى المستقبل. كما شاعت البلطجة والسرقة بالإكراه والقتل وترويع الأبرياء استغلالا لفراغ أمنى لايزال غامضاً ولا سبب ظاهرا له. كما واصل بعض المتعصبين إشعال الفتنة الطائفية سواء بالاعتداء على كنيسة الشهيدين بأطفيح، أو إقدام بعض ممن ينتمون إلى التيار السلفى على حرق منزل مواطن قبطى وقطع أذنه بزعم تطبيق حد، وهو نوع من البلطجة لا يختلف كثيراً عن البلطجية وقطاع الطرق الذين يروعون الأبرياء، ويعتدون على المارة لسرقة أموالهم.

البلطجة تمثل تحديا لحكومة الدكتور عصام شرف مثلما يمثل العدوان على الأراضى الزراعية، وهى اختبارات لو واجهتها الحكومة والمجلس العسكرى بحسم يمكن الثقة فى نظام انتقالى، أما استمرار غياب الأمن والتعامل بالجلسات العرفية فهو خطر على المستقبل وعلى البلد.

الأمر الآخر الذى يمثل حاجزا أمام البلد هو استمرار الاعتصامات والاحتجاجات الاجتماعية التى تنظمها فئات مظلومة أو موظفون غاضبون أو طلاب يطالبون بإقصاء العمداء ورؤساء الجامعات التابعين للأمن، وهذه الاحتجاجات أصبحت- كما تعلن الحكومة- مهددة لاستعادة الحياة الطبيعية، لكن الحكومة ظلت تتعامل معها بطريقة التسويف أو الطناش ولما تحركت أعلنت عن قرار يحظر الاحتجاجات، مع تخصيص تلك التى تعطل الإنتاج أو تعتدى على الممتلكات العامة والخاصة، لكن الحكومة أيضاً متهمة بأنها لم تخصص آلية للتعامل مع هذه الاحتجاجات ووضع جدول زمنى لحلها، وهو ما يهدد باستمرارها واحتمال أن تؤدى للتصادم.

ومما يضاعف من المخاوف أن هناك فئات من المجتمع تعانى الفقر أو البطالة بسبب توقف النشاط الاقتصادى فى قطاعات البناء والصناعة والسياحة، فضلاً عن مئات الآلاف الذين عادوا من ليبيا لينضموا إلى طابور العاطلين ومن يطلبون عملاً، ولا يمكن أن نطالب الفقراء وسكان العشوائيات بالاستمرار فى التفاؤل بالمستقبل، بينما هم يعانون كل يوم من البطالة والفقر، وهى أسباب كان بعضها وراء الثورة على نظام مبارك.

ومع ارتفاعات الأسعار للسلع والمواد الأساسية، فإن شعور قطاع واسع من الفقراء يتزايد بالحاجة، كما أن الفقر هو أحد أسباب البلطجة وانتشار السرقات والاعتداء على الممتلكات. ولا يمكن تجاهل أن تعثر الاقتصاد سواء بتوقف الاستثمارات أو السياحة، وهروب بعض الاستثمارات الأجنبية والعربية خوفا من اختلال الأمن، عناصر تضاعف من احتمالات الخسارة الاقتصادية.

ووسط كل هذا فإنه بالرغم من قوة الثورة وبراءتها فإنها لم تفرز حتى الآن قيادات أو مؤسسات يمكن أن تمثل الثورة ومطالبها. ظهرت جماعة الإخوان وهى فصيل شارك فى الثورة لكنه ليس وحده، كما أن السلفيين والتيارات الإسلامية التى لم تشارك فى الثورة أصبح عدد من مشايخها يتحدثون فى السياسة بنفس طريقة التخوين والتكفير، بينما الفئات الأخرى من الثوار لم تبلور تياراتها حتى الآن، الأمر الذى يجعل من الصعب التمييز بين من يمثل الثورة ومن يمثل عليها. الثورة موجودة، لكن أصحابها أما متعددين أو مختلفين أو متصارعين. وتبدو بلا صاحب. مما يهدد المستقبل. وبدلاً من أن نتهم الشعب كما يستسهل البعض بأنه لايعرف، علينا أن نقدم خطاباً نشرح فيه كيف يمكن للنصوص أن تترجم إلى طعام وشراب وعدل.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة