◄◄ المستثمر اشترى الشركة بـ308 ملايين من الحكومة وباعها بـ1.1 مليار جنيه
شركة الأهرام للمشروبات من أقدم المنشآت المصرية فهى أنشئت عام 1897.. تعد صرحا اقتصاديا لايقل عن بنك مصر الذى أسسه رائد الاقتصاد طلعت باشا حرب.. فالشركة التى تم خصخصتها عام 1997 لصالح المستثمر أحمد الزيات ومن ثم بيع 98 % من أسهمها لمجموعة «هنكين» العالمية المتخصصة فى بيع الكحوليات.. ولم تقدر حكومة الدكتور عاطف عبيد قيمتها لكن المستثمر المصرى والأجنبى على حد سواء عرفوا أنها صيد ثمين يسهل التربح بمئات الملايين من الجنيهات من ورائه.
الحكومة المصرية باعت الشركة التى يبلغ عمرها 114 عاماً، بمبلغ 308 ملايين جنيه فقط، على الرغم من أن صافى ربحها فى العام المالى 94/1995 بلغ 45 مليون جنيه، وتجلت عملية الفساد فى صفقة بيع الشركة من الحكومة إلى المجموعة العالمية عبر المستثمر المصرى أحمد الزيات، حيث عرضت «هنكين» فى شهر سبتمبر 2002 شراء كل أسهم شركة الأهرام للمشروبات وعددها 20.49 مليون سهم بسعر 14 دولارا للسهم أى بقيمة إجمالية تبلغ 268.9 مليون دولار، وهو ما يعادل 1325 مليون جنيه مصرى.
وإذا خصمنا من هذا السعر، قيمة شركة «الجونة» للمشروبات التى كانت شركة الأهرام للمشروبات قد اشترتها فى فبراير 2001 - أى بعد عملية الخصخصة - بقيمة 200 مليون جنيه، فإن السعر المعروض من شركة «هنكين» العالمية لشراء الأهرام للمشروبات الأصلية يصبح 1125 مليون جنيه تقريباً.
المستندات التى حصلت عليها «اليوم السابع» كشفت عن فساد فى صفقة بيع شركة الأهرام للمشروبات، لتورط «راوية» ابنة الرئيس الراحل أنور السادات لأول مرة فى قضية خصخصة إلى جانب الدكتور أحمد حسن البرعى وزير القوى العاملة والهجرة الحالى، مع الدكتور عاطف عبيد رئيس مجلس الوزراء الأسبق، والاتحاد العام لنقابات عمال مصر ممثلا فى النقابة العامة للعاملين بالصناعات الغذائية، وإهدار المال العام ببيع الشركة بمبلغ 232 مليون جنيه لرجل الأعمال أحمد الزيات. عقد البيع ينص على أن يضخ الزيات مبلغ 28 مليون دولار لتطوير الشركة، وأن يحافظ على العمالة، ولكنه لم يحترم نصوص العقد.
تمتلك الشركة - قبل خصخصتها - 3 قطع أراض بمدن 6 أكتوبر مساحتها 2000 متر مربع والعبور مساحتها أكثر من 4 آلاف متر، وبرج العرب مساحتها أكثر من 4 آلاف متر أيضاً، بالإضافة لماكينات ومعدات وسيارات نقل، هذا بالإضافة إلى قوى عمالية تقدر بحوالى 4 آلاف عامل وموظف انخفضت بعد اتفاق العمل لتسريح العمال.
أما بخصوص العمالة، فلم يبق من عمالة الشركة الأصلية سوى عدد ضئيل ليبلغ حوالى 200 فقط وهى التى تتولى إدارة وتشغيل هذا الصرح العملاق، بعد اتفاق التسريح الإجبارى الذى خططه وزير القوى العاملة الحالى حين كان مستشاراً قانونياً للشركة، بالاستعانة بمديرة الموارد البشرية فى الشركة وقتها وهى راوية السادات كريمة الرئيس السابق من زوجته الأولى بينما تولى البيع من الوسيط المصرى إلى المجموعة العالمية حسن هيكل العضو المنتدب لقطاع الخدمات الاستشارية بالجمعية المالية «هيرمس» التى يشارك جمال مبارك فى رأسمالها بحسب كشوف الافصاح بالبورصة المصرية، «لم نحصل سوى على 5 آلاف جنيه مكافأة نهاية الخدمة على الرغم من أننا قضينا فترات تتراوح من 9 إلى 20 سنة».. هذا ما قاله عم زيدان فنى الخراطة السابق بالشركة، مؤكداً أن الشركة فى عصر القطاع الخاص كان يطلق عليها «السفر إلى الخليج» نظراً لكثرة البدلات والحوافز التى يحصل عليها العاملون طوال العام والتى كانت تعادل قرابة 700 % من أجرهم الأساسى، لأن الشركة كانت تحقق ربحاً وقتها بلغ 150 % حتى آخر عام لها قبل الخصخصة.
وقال عم زيدان إن تسريح العمال قبل الخصخصة جاء بشكل مفاجئ دون سابق إنذار مما يخالف قانون العمل وقتها، وذلك قبل أن يصدر قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 الذى شارك فيه أحمد البرعى الذى تضامن مع راوية السادات، فكانت الأخير تقول لنا «اللى هيعمل شغب عندنا أوامر بتسليمه لأمن الدولة، ولما تخلص ورقك وتاخد فلوسك روح ارفع قضية».
العمال لم يجدوا حلاً سوى إقامة دعاوى قضائية ضد الشركة وحكومة عاطف عبيد إلا أن القضايا التى رفعها قرابة 360 عاملاً، من أصل 4 آلاف تم تسريح معظمهم ما بين عامى 1997 و2001 بمعدل ألف عامل سنوياً، لاتزال تؤجل لأسباب إجرائية قانونية منذ عام 2001.
وفوجئ الخارجون على المعاش المبكر الذين كان أغلبهم من عائلى الأسر من شباب العمال والإداريين بأن ليس لهم الحق فى المطالبة بمعاش شهرى أو علاج صحى.