◄◄ رئيس «التأمينات» السابق: مديونية «المالية» للهيئة أكثر من 121 مليار جنيه
مفاجآت عديدة فجرها خبراء ومسؤولو هيئة التأمينات السابقون حول أموال التأمينات، وأجابوا عن التساؤلات حول حقيقة استيلاء غالى عليها، وحقيقة المديونية التى تراكمت على وزارة المالية لصالح صناديق التأمينات، وأسباب إصرار غالى على إقرار قانون التأمينات والمعاشات الجديد قبل رحيله.
من جانبها، كشفت ليلى الوزيرى، رئيس هيئة التأمينات السابق، العديد من المفاجآت والحقائق الهامة، التى اعتبرتها شهادة للتاريخ، وأكدت أن مديونية وزارة المالية التى أعلن عنها البنك المركزى مؤخراً ليس 121 ملياراً فقط كما تم التصريح، وإنما أضعاف هذا المبلغ، خاصة أنه لم تُضَف عليه الفوائد، مطالبة مراقبى الحسابات فى هيئة التأمين الاجتماعى من الجهاز المركزى للمحاسبات، بحساب قيمة المديونية الحقيقية بعد إضافة الفوائد وإعلانها للرأى العام.
وهاجمت الوزيرى قانون التأمينات الموحد الجديد رقم 135 بضراوة، وأكدت أن الادعاء بأن القانون الجديد لا يتضمن حدًا أقصى للأجر التأمينى، بعكس القانون الحالى رقم 79 لسنة 1975، موضحة أن القانون الحالى كان يتضمن فى بدايته عدم وجود حد أقصى للأجر التأمينى، إلا أن ثورة اتحاد العمال على هذا البند، أدت إلى وضع حد أقصى للأجر التأمينى بواقع 150% من الأساسى، بما يعادل 4500 جنيه فى السنة.
وكشفت الوزيرى، أنه تم تعديل الحد الأقصى للأجر التأمينى لصالح مجموعة الوزراء عام 1987 بعد تعديل مرتبات الوزراء، وتم إقرار 9000 جنيه حد أقصى سنوياً، باعتبارها مرحلة مؤقتة إلى أن يتم إقناع باقى المجتمع التأمينى لرفع الحد الأقصى لجميع المشتركين ويحدث التساوى، وتمت الزيادة فى عام 1992، ثم توقفت حركة الزيادة تمامًا فى عام 1994 رغم مطالب المجتمع.
وأرجعت الوزيرى أسباب عدم القدرة على تطوير القانون إلى تزايد المديونية الوهمية التى ألقتها وزارة المالية على عاتق صناديق التأمينات، والتى بدأت عند إنشاء بنك الاستثمار القومى عام 1980، الذى تضمن قانون إنشائه أن أول مورد له هو أموال التأمينات الاجتماعية.
وقالت إنه فى فترة الستينيات تم إنشاء صندوق الودائع بوزارة المالية، على أساس أن توضع به أموال التأمينات، وكان عائد الأموال وقتها 3%، وعند حساب الاشتراكات على هذا الأساس تصبح ضخمة، فاقترحت المالية أن يتم حسابها على أساس 4.5% وتتحمل الخزانة الفرق، أى كانت المالية تدفع فرق عائد الاستثمار وليس مصادرة الأموال مثل ما يحدث الآن.
وأضافت الوزيرى، أنه عند إنشاء بنك الاستثمار، طلبنا رفع العائد إلى 6%، وكان مقبولاً، لأن عائد شهادات الاستثمار كان 7%، ووافقنا على النسبة، للمساهمة فى نهضة مصر، هذا فى الوقت الذى بدأت ترتفع فيه عائدات شهادات الاستثمار حيث بلغت 17.5%، ورفض البنك منح هذه النسبة لهيئة التأمينات. فى تلك الفترة، طالبت الهيئة بعمل فحص للمراكز المالية للصناديق من قبل الخبير الاكتوارى وأسفر عن عجز، وهو ما أدى لاجتماع الدكتورة آمال عثمان، وزير التأمينات والشؤون الاجتماعية السابقة، والدكتور فتحى إبراهيم، الخبير الاكتوارى للقطاع الحكومى، والدكتور محمد الرزاز، وزير المالية الأسبق، والذى اعترض على رفع العائد حتى لا يرتفع سعر الفائدة الذى تقترض به وزراة المالية من بنك الاستثمار، وهو ما تزامن مع مطالب زيادة المعاشات بعد ارتفاع الأسعار.
ووعد الرزاز، فى ذلك الوقت، بتحمل الخزانة العامة لجميع الزيادات فى المعاشات، مقابل استمرار العائد المنخفض الذى تحصل عليه الصناديق من بنك الاستثمار، وبعد مفاوضات مع البنك تمت الموافقة على زيادة العائد إلى 13%.
وقالت الوزيرى، إنه كان من المقرر عام 92 إعلان فحص المركز المالى لصندوقى التأمينات عن عام 1987، والذى أظهر عجزا قدره 4 مليارات جنيه، ولم يتم إعلان هذه النتائج، مضيفة أنه بعد موافقة البنك، برئاسة الدكتور كمال الجنزورى، على رفع العائد، تم إعادة حساب المركز المالى للصناديق وأسفر عن توازن.
وكشفت الوزيرى عن تحمل صناديق التأمينات لتكلفة الخصخصة، وهى 3 مليارات جنيه تكلفة المعاش المبكر، والتى كان يجب أن تتحملها الخزانة العامة وليس الصناديق، وشددت على أن أموال التأمينات لا يجب أن تكون مصدرًا لتمويل الخزانة العامة. وانتقدت الرئيس السابق للهيئة، قرار دمج صندوقى التأمينات عام 1994، مؤكدة أنه لا يمكن تنفيذه فى الواقع العملى، خاصة أنه حتى الآن مازال كل صندوق يعمل مستقلاً عن الآخر.
من جانبه، طالب الدكتور سامى نجيب، أستاذ التأمين بتجارة بنى سويف ورئيس شعبة بحوث وإدارة الأخطار والتأمين بأكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا، بتطبيق نظام التأمين الاجتماعى بمعناه الحقيقى، وهو ما يعنى منح كل مواطن ليس له دخل، معاشاً يضمن له حياة كريمة.
وأكد نجيب أن قانون التأمينات الجديد ليس نظامًا للتأمين الاجتماعى، وإنما نظام للادخار، ويصلح كنظام تكميلى وليس أساسيًا، موضحاً أن إصرار وزير المالية السابق على تطبيقه رغم معارضته، يرجع لضغط البنك الدولى، الذى يسعى لفرض سياسات اقتصادية تضمن له استرداد ديونه، دون النظر للنواحى الاجتماعية.