سليمان الحكيم

مبارك.. فماذا يكون النحس إذن؟!

الثلاثاء، 19 أبريل 2011 07:33 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لى صديق كان قد قرر أن يقاطع كل صحف المعارضة من أقصى يمينها إلى أقصى يسارها، لأنه كان يراها صحفا سوداء أو صفراء، كل ما فيها يدعو إلى التشاؤم ويصيب من يقرأها باليأس والإحباط.. فكان يقول لى دائما "أنتم لا ترون فى الحكومة سوى السلبيات فقط وكل ما فيه فساد تغرق الحكومة بكل مسئوليها فى مستنقعه الذى ليس له قرار".

لم يكن رأى صديقى هذا بعيدا عن رأى هؤلاء المسئولين بالحكومة الذين كانوا يتهمون صحف المعارضة وصحفييها بأنهم لا ينظرون على الدوام إلا إلى النصف الفارغ من الكوب.

الآن وبعد أن سقط النظام وأخذت الصحف – حتى الحكومى منها – تتسابق فى نشر أخبار الفساد والتحريات التى تقوم بها الأجهزة الرقابية حول أرصدة وممتلكات المسئولين السابقين بالحكومة والحزب الحاكم، تبين للجميع – ومنهم صديقى هذا – أن صحف المعارضة لم تكن تنشر سوى القشور فقط، وأن ما كان البعض يراه سوادا يجلل صفحاتها حديثا عن الفساد والمفسدين ليس سوى النذر اليسير منه، فما تكشف لنا حتى الآن من الفساد الذى كانوا يغصون فيه حتى الأذقان ليس إلا حجرا صغيرا فى أعلى قمة الجبل!

لم يكن هناك نصف الكوب، بل لم يكن هناك كوب من أصله، ولكى يبرر مبارك عدم وجود هذا الكوب الذى كان يطالبنا البعض بالنظر إلى نصفه الملآن، كان يتهم الشعب ويلقى بالمسئولية عليه لآن هذا الشعب فى نظره يتزايد بأعداد كبيرة تلتهم ثمار التنمية ولا تظهر لها أثرا فى الواقع، فالحكومة ومسئولوها إذن أبرياء من التهام تلك الثمار وقذفها أرصدة فى حساباتهم الخاصة بالبنوك هنا وهناك، وأن المواطنين بزيادتهم معدلات الإنجاب هم المسئولون عن الفقر والضنك الذى غرقت فيه البلاد.

وحين وقف زكريا عزمى فى مجلس الشعب ليقول بأن الفساد فى المحليات وصل إلى الركب، اعتبره البعض من أصحاب النيات الحسنة واحدا من زعماء المعارضة الذين يستحقون "قلادة النيل"، أو "وسام الشرف" لأنه كشف بمنتهى الصراحة جانبا من جوانب الفساد الحكومى الذى كان مستترا عن أعين الجميع، بينما كان عزمى فى واقع الأمر يحاول لفت الأنظار – الملتفتة بالفعل – إلى عدد من صغار الفاسدين بالحكومة بعيدا عن فساد الكبار فيها الذين يمثل هو نفسه "كبيرهم هذا"!

ولعلنا نذكر الآن هذه الحملة الإعلامية الضخمة التى أطلقتها السيدة سوزان مبارك لجمع التبرعات اللازمة لبناء مستشفى سرطان الأطفال تحت شعار "اتبرع ولو بجنيه"، وقد تأكد لنا الآن أن الهدف من وراء تلك الحملة هو إظهار الحكومة فى صورة "فاعل خير" صاحب العين البصيرة واليد القصيرة، وليست هى "شيخ المنصر" الذى يكنز الأموال من الشعب سلبا ونهبا ويطلب من المواطنين أن يتبرعوا له لشراء تذكرة لدخول الجنة !!

كذلك نذكر تلك الحملة القومية التى قادها مبارك بنفسه للتبرع لسداد ديون مصر، والتى تبين لنا الآن أن وريثه جمال كان يتاجر بها فى بنوك لندن وكان يحتاج بعض الأموال اللازمة لتكوين رأس المال الذى يسمح له ببدء نشاطه فى خدمة الوطن!

هكذا كان هؤلاء يمارسون أقذر أنواع الفساد تحت ستار عمل الخير أو العمل الوطنى ثم يأتى من يتهم صحف المعارضة بأنها مجللة بالسواد، بينما كان العهد كله أكثر سوادا من السواد نفسه، المهم .. أن العهد هو عهد "مبارك" .. فماذا يكون "النحس" إذن؟!








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة