السلفيون ككل التيارات الأصولية الدينية "دوجماتيك"، وأحزابهم محكوم عليها بالفشل، ماذا تعنى "دوجماتيك"؟ تعنى احتكار الحقيقة، أو الإيمان بالحقيقة الواحدة.
كعادة الأصوليين، لدى السلفية يقين غير مبرر بأنهم هم وحدهم أحباب الله، وأن الحقائق الإلهية تبدأ وتنتهى عندهم.. لذلك، فعندما يدخل الأصوليون أرض السياسة، فهم لا يدخلون للتفاوض، إنما للسيطرة وفرض الرأى، تأكيدا على اعتقادهم فى مصدر آرائهم الإلهى.
السلفية أصوليون، والأصوليون هم الداعون للعودة بدول العصر الحديث إلى ما كانت عليه عصور الديانات الأولى، غاضين النظر عن تغير الظروف، وتبدل الأزمان.
اشتغال الأصوليون بالسياسة، معضلة العصر الحديث، فالسياسة متغيرة، والدين ثابت والسياسة متلونة، بينما لا يقبل الدين التلون أو التغير، السياسة هى فن تحقيق الممكن، والمتاح، بينما لا يقبل الأصوليون فى الدين بغير إعمال النص، وبعضهم يختلف فى التأويل، فيقاتلون الآخر على مجرد الاختلاف!
سأل عمر بن الخطاب ابن عباس ذات مرة: على ماذا يختلف المسلمون بعدنا، فكتابنا واحد، ورسولنا واحد؟ قال ابن عباس: سوف يجىء قوم بعدنا، يقرأون القرآن، فيؤولنه، فيختلفون على تأويله، ثم يقتتلون على ما اختلفوا فيه.
تاريخيا، كانت معظم أزمات التاريخ بسبب تأويلات الأصوليين للنص، والاختلاف على مجدات التأويل فى تسيير أمور الدول، فعندما تداخلت السياسة فى الدين، قاتل الأصوليون المسلمون بعضهم على الاعتقاد، وقاتل الأصوليون المسيحيون أبناء دياناتهم على الهوية، كما قاتلوا بعضهم على الرأى.
الدعوة لإخراج السياسة من الدين وجيهة، والدعوات لفصل الدين عن السياسة ليست ضد الدين، إنما تحريرا له من منغصات السياسة فالدين سماوى، والسياسة دنيوية، ثم إن مبادئ الدين واحدة، لكن مبادئ السياسة متغيرة، ومتعددة.
دوجماتيكية "السلفيين" مثلا هى السبب فى عدم قبول الأقباط، أو اعتبارهم صف ثانى، فالأقباط فى نظر الأصوليين، مخالفين لمبادئ العقيدة الأفضل لدى السلفيين، والمعنى أن حقوقهم سوف تكون منقوصة، حتى مع الدعوة لقبولهم فى المجتمع، ورغم كل ما يدعوا إليه مشايخ السلف من حريات لغير المسلمين.
ثم إن مجرد إشارة مشايخ السلفية إلى قبولهم "غير المسلمين" تعنى أن هناك واقعين اجتماعيين لدى هؤلاء المشايخ، الواقع الأول هو المسلمون، والواقع الثانى هو غير المسلمين، والمعنى تفرقة، رغم ما يبديه المشايخ من تسامح.
الدوجماتيك بعد الثورة الفرنسية مثلا، تسببوا فى فساد اجتماعى وسياسى دام أكثر من 100 عام حتى تنبه الفرنسيون، أحزاب الدوجماتيك الدينية، كانت النقيض من الأحزاب السياسية، ففى السياسة قد تتآلف مجموعة من الأحزاب رغم اختلاف الغايات، وتناقض الأفكار، وعدم وحدة المبادئ أحيانا كثيرة.
مبادئ الأحزاب المدنية التى تحمل سطوة الإلزام بوصفها مبدأ سياسى، لا تقارن بسطوة إلزام مبادئ أحزاب الجماعات الدينية بوصفها مبادئ إلهية.
فالأحزاب المدنية تسعى إلى تحقيق الممكن لا المفروض على أساس التوافق لا التدافق، لكن الأحزاب الدينية لديها من الخطوط الحمراء ما لا يجعل من التوافق ممكنا مع الآخر معظم الأحيان.
فى فقه السلفية مثلا، لا تصح ولاية المرأة، كما لا تجوز ولاية الأسير والضرير، ولديهم، لا تجوز ولاية غير المسلم على المسلم، كما لا تصح الشورى إلا بين أغلبية مسلمة، فمن شروط صحة الشورى لدى المتشدد من مدارس الفقه الإسلامى أنه لا يعتد بأغلبية غير المسلمين على المسلمين، ولا يجوز اتفاق الأغلبية على ما يخالف اجتهاد مشايخ السلف، فإن حدث، يجوز الخروج على الأغلبية بالسلاح.
المعنى، غير أن أحزاب السلفية أسسوها فهم أماتوها قبل إحيائها، فإن تفكيرهم ( لو اتفقوا ) على دخول الحركة الحزبية، تشير إلى رغباتهم فى إصباغ المجتمع بألوانهم، لا الاختلاط مع الألوان الموجودة فى الطريق للون جديد.
لسنا ضد الجماعات السلفية، إنما هم الأضداد لمجتمعات ترفض العودة للخلف باسم الدين، وتكره الحكم على النوايا والمحاسبة على ما فى الصدور.
فى أسوأ أزماتنا، لم يخرج منا من يتشدد فى العقوبات، وينكل بأبناء الوطن، فيهدد بناتهم، ثم يقطع أذن مدرس لمجرد الشك، ناهيك عن أنه لا عقوبة فى مدارس الفقه الإسلامى.. تنص على قطع الأذن.
لا أحد يدرى من أين جاء هؤلاء بعقوبة "قطع الأذن"، حتى يتكلموا عن الأحزاب؟
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد شديد
أفيقوا يا إعداء أنفسكم
عدد الردود 0
بواسطة:
ابراهيم محمد
الي كاره الاسلام