لا أحد ينكر أن مساوئ التليفزيون المصرى كثيرة وأن الفساد ينتشر داخل هذا الجهاز الإعلامى المؤثر، وأن سياسات أنس الفقى وزير الإعلام السابق أهدرت أموال الدولة وساهمت فى تضليل الشعب، لكن هذه السياسة من ناحية أخرى أفرزت عددا من البرامج حققت علاقة قوية مع الشارع المصرى، كما كانت هناك مشروعات مهمة خرجت عن مسارها الحقيقى بفعل فاعل.
سياسة الدكتور سامى الشريف رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون حاليا تتمثل فى «الهدم أولا ثم البناء على الأنقاض» والقضاء على أى شىء ارتبط بأنس الفقى وأسامة الشيخ حتى لو كان نافعا، وإلغاء كل خطط التطوير والهيكلة التى كان مزمعا تطبيقها دون النظر لمستقبل الإعلام، كما أنه استعاد ثقافة الروتين الحكومى فى إدارته والذى انعكس بطبيعة الحال على شكل الشاشة حتى تحولت إلى ميراث للعاملين العاطلين منذ سنوات وكذلك المذيعات اللاتى كن سببا رئيسيا فى تطفيش المشاهد من تليفزيون بلده، وتناسى أستاذ الإعلام أن الإعلام ليس به حقوق مكتسبة، بل يقوم على العرض والطلب.
الشريف بدأ بترسيخ مبادئ إدارية عفا عليها الزمن كالأقدمية، وألغى بعض المناصب مثل نائب رئيس القناة، حيث جاءت فى إطار خلق فرص للوجوه الجديدة وتأسيس صف ثان من القيادات، وانساق خلف هذا الاتجاه خوفا من الأصوات الغوغائية التى تركت وظائفها وتفرغت لتصفية الحسابات والانتقام من كل رموز إدارة الفقى، واستغل الشريف هذا الضغط وأخذ يهدد القيادات بشكل مستمر بأنه سيقيل أى قيادة فى أى وقت بحجة أن الناس مش عاوزينهم وأنهم كانوا تابعين للحزب الوطنى رغم أن الشريف نفسه كان عضوا بالحزب الوطنى وعينه جمال مبارك مستشارا إعلاميا لهيئة سوق المال.
وألغى سامى الشريف البرامج التى حققت قبولا لدى المشاهد ونجحت فى إعادة المشاهد المصرى لتليفزيون بلده مرة أخرى، وذلك فى إطار خطته للقضاء على أى بصمة للشيخ والفقى، ومنها برنامج «من قلب مصر» بحجة ضخامة التكاليف الإنتاجية، وجمد الشريف الموقف المالى لبرنامج مصر النهاردة، مما يهدد استمرار البرنامج الذى تزداد أزماته المالية كل يوم مقابل تراجع العائد الإعلانى له بعد رحيل خيرى رمضان وتامر أمين ومن قبلهما محمود سعد ومنى الشرقاوى، وفى المقابل ضخ الشريف حوالى 5 ملايين جنيه داخل قطاع النيل للقنوات المتخصصة لإنتاج برامج ترفيهية لم تحقق أى نجاح.
وعمل الشريف على تدمير كل خطط الهيكلة والتطوير التى حملت توقيع الفقى والشيخ حتى لو كانت مفيدة بحجة أنها كانت ضد الثورة، وكان هناك عدد من خطط إعادة صياغة الإعلام الرسمى ليست من اختراعات الفقى ولكنه التطوير الذى يفرض نفسه من النظام العالمى كى تكون قادرا على المنافسة، وكان على رأس هذه الخطط إعادة صياغة قطاع القنوات المتخصصة وتحويلها إلى «شبكة راديو وتليفزيون النيل «NR-TN» والتى تضم شبكة تلفزيون النيل «NTN» بعد أن يضم إليها شبكة راديو النيل «NRN» لتصبح شبكة تجارية تضم باقة متنوعة من القنوات والإذاعات والقنوات، وكانت هذه الخطوة مهمة للإعلام المصرى ومصدرا مهما للدخل، مما يمكن ماسبيرو من الإنفاق الذاتى، خصوصا إذا دخل القطاع الخاص فى استثمارات هذا المشروع بعد تحويله إلى شركة مساهمة تدار بطريقة الشركات المساهمة وليس بطريقة المصالح الحكومية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة